صمود وانتصار

باعتراف أمريكي .. البحر الأحمر خارج الهيمنة الغربية

تقرير || 

 

في ظل تصاعد المواجهات في البحر الأحمر، أثبت الجيش اليمني قدراته التكتيكية الفائقة في مواجهة التحالف الأمريكي والأوروبي. على الرغم من الجهود الكبيرة والمعدات المتطورة التي خصصتها التحالفات لحماية السفن الإسرائيلية، وكلها تلاشت وبقي الجيش اليمني مسيطراً على البحرين الأحمر والعربي دون منازع.

خلال الأسابيع الماضية، شهدت المنطقة سلسلة من الهجمات الناجحة التي نفذها الجيش اليمني اليمنية، ضد السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي دون تمكن القطع العسكرية الغربية من حمايتها، أو حتى سحبها بعد الإصابة. فيما أكدت تصريحات قيادات أمريكية وبريطانية بارزة، على أن البحر الأحمر أصبح تحت سيطرة الجيش اليمني بالكامل.

في السياق، أعلنت وكالات الأنباء والصحف العالمية، بما في ذلك الصحف العبرية، عن فشل التحالف الأمريكي في مهمته البحرية، مشيرة إلى أن السفينة “سونيون” المحترقة لا تزال عالقة في البحر الأحمر بعد عجز الاتحاد الأوروبي عن سحبها. هذا الفشل يعكس مدى قوة وتفوق التكتيكات العسكرية اليمنية في مواجهة أحد أقوى التحالفات العسكرية في العالم.

 

عجز التحالف الأوروبي

التحالف الأوروبي (أسبيدس) في البحر الأحمر، أعلن بشكل صريح العجز عن سحب السفينة المحترقة (سونيون) موضحا أن شركات خاصة تدرس حلولاً فنية بديلة لقطر السفينة التي وافق الجيش اليمني على سحبها في وقت سابق.

وقالت العملية البحرية الأوروبية (أسبيدس) في بيان إنه “منذ الأول من سبتمبر 2024، شاركت أصول (أسبيدس) في حماية القاطرات المشاركة في عملية إنقاذ السفينة (سونيون) بهدف تسهيل منع كارثة بيئية”.

وأضاف البيان أن “الشركات الخاصة المسؤولة عن عملية الإنقاذ خلصت إلى أن الشروط لم تكن متوفرة لإجراء عملية السحب، وأنه لم يكن من الآمن المضي قدماً”.

وأضاف أن “الشركات الخاصة تستكشف الآن حلولاً بديلة”. ويشير البيان إلى وجود صعوبات فنية وليست أمنية بدليل حديث الشركات الخاصة عن استكشاف حلول بديلة.

ويؤكد الحديث عن الاستعانة بشركات خاصة عجز المهمة الأوروبية، التي كان أبرز أهدافها المعلنة حماية السفن التي تتعرض للاستهداف في البحر الأحمر، وتقديم المساعدة لها.

 

يأس الجيش الأمريكي

وفي السياق ذاته، نقل موقع “13News Now” عن مسؤولين أمريكيين أن المدمرة “يو إس إس لابون” واجهت في البحر الأحمر العديد من الطائرات بدون طيار، وتعرضت لهجوم بصاروخ كروز مضاد للسفن أُطلق من اليمن.

فيما أكد موقع “UNHERD” البريطاني أن الحصار اليمني البحري في البحر الأحمر أصبح اليوم أقوى من أي وقت مضى، وقد يئس الجيش الأمريكي من محاولة رفعه. مشيرا إلى أن من المفترض أن يكون هذا خبرًا ضخمًا، فقد أغلقت مجموعة من المسلحين اليمنيين أحد أهم طرق التجارة في العالم، وأبحرت البحرية الأميركية بعيدًا في استسلام، معلقا “ومع ذلك، فإننا لا نريد أن نتحدث عن هذا الأمر”.

ويواصل موقع “UNHERD” البريطاني: “لم نعد نعرف كيف نتحدث عما يجري في البحر الأحمر، فمن المفترض أن البحرية الأميركية هي البحرية الأقوى في العالم؟! إن هذا الحدث أكثر من مجرد مشاركة شعور متزايد بالحرج”.

وأبدى الموقع تعجبه قائلا: “على مدى العقدين الماضيين كان يقال إن كل ما يتطلبه الأمر هو حاملة طائرات واحدة لإجبار دولة نامية على الركوع، ولكن في اليمن تصطدم هذه الروايات بالواقع؟ ويكتفي الموقع بالتوقف عند تحليل الحال إلى فرضيات قال فيها:

– من الواضح أن الولايات المتحدة لا تعرف ماذا تفعل، والتي كان من المفترض أن تحمي حركة الشحن ضد الهجمات من اليمن، بعد أن أعلنت تحالف دولي بحري فشل في ردع اليمنيين.

– لقد حاولت الولايات المتحدة بأفضل ما في وسعها، لتحديد واستهداف الأسلحة ومواقع الإطلاق داخل اليمن بدقة، ولكن هناك مشكلة واحدة فقط، إنها لا تستطيع ذلك.

– في عصر حرب الطائرات المسيّرة ومنصات الإطلاق المتنقلة والبنية التحتية المتقدمة للأنفاق، تفتقر الولايات المتحدة ببساطة إلى القدرة على تحديد وتفجير غالبية الطائرات المسيّرة أو الصواريخ قبل إطلاقها.

– باختصار كلما قاتلت أمريكا اليمنيين، كلما خسرت أكثر، كون البحرية الأمريكية تستخدم أسلحة باهظة الثمن في مواجهة أسلحة رخيصة الثمن.

–  أصبح بوسعنا أن نشهد النتائج في البحر الأحمر، فإذا كانت البحرية الأميركية عجزت حتى عن رفع الحصار المفروض من اليمن، إحدى أفقر دول العالم، فإن فكرة رفع الحصار حول تايوان مجرد خيال.

–  الاعتراف بعجزنا في البحر الأحمر يعني الاعتراف بأن عصر الهيمنة الغربية قد انتهى بالفعل، وفي مواجهة القليل من البدائل، سنستمر في السماح لليمنيين بتفجير سفننا ثم نتظاهر بأن كل هذا لا يهمنا.

لا دور لأمريكا

أما وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، فقد نشرت صوراً لأقمار صناعية تظهر استمرار اشتعال النيران في السفينة “سونيون” المعطلة في البحر الأحمر، مؤكدةً انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة الحيوية.

وأشارت الوكالة في تقرير إلى أن البحر الأحمر يخلو من السفن الحربية الأمريكية، مؤكدةً أن بعثة الاتحاد الأوروبي تولت المسؤولية بعد هجوم على السفينة “سونيون”.

وأوضحت أنه “لا يوجد للجيش الأمريكي أي دور في عملية سحب السفينة “سونيون”، وأضافت: “عمال الإنقاذ تخلوا عن محاولة أولية لسحب ناقلة النفط “سونيون” المشتعلة في البحر الأحمر، لأن المضي قدمًا ليس آمنًا، والشركات الخاصة تبحث حلولًا بديلة”.

ونقلت الوكالة عن مسؤول أمريكي إنه “لا يوجد للجيش الأمريكي أي دور في عملية سحب السفينة سونيون”، وأضاف: “لقد خدمت حاملة الطائرات الأمريكية أيزنهاور مؤخرًا في مهمة استمرت لعدة أشهر في البحر الأحمر، حيث واجهت أشد المعارك المستمرة التي شهدتها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية”.

 

عملية جراحية

وحذر ماثيو بي من مجموعة “RANE” الاستشارية للمخاطر من أن الهجمات من اليمن قد تستمر حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وأضاف: “لقد تعلم “الحوثيون” الكثير مما كانوا يفعلونه على مدار العام الماضي، وقد أدركوا أنهم قادرون على تحقيق نجاح كبير في هذا المجال، وهذا من شأنه أن يجذب الغرب”.

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مصادر أن عملية إنقاذ الناقلة “سونيون” المشتعلة في البحر الأحمر، أشبه بـ”عملية جراحية”، مضيفة أن إعادة تقييم خطة التعامل مع ناقلة النفط “سونيون” المشتعلة في البحر الأحمر، أمر ضروري لأن هناك مخاطر عالية في عملية الإنقاذ، والظروف معقدة.

 

اليمن ينهي قرون من السيطرة الأمريكية

صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية، أكدت من جهتها، أن البحر الأحمر أصبح تحت سيطرة “الحوثيين”، وكما “يبدو أن الولايات المتحدة والدول الغربية عجزت إلى حد كبير عن وقف هجمات “الحوثيين”، التي تحدث كل يوم تقريبا. مضيفة أن البحر الأحمر والمناطق القريبة منه أصبحت تحت سيطرة “الحوثيين” بشكل متزايد.

الصحيفة أوضحت أن الهجوم الأخير على السفينة “سونيون” هو مثال على كيفية توسيع “الحوثيين” لهجماتهم.

وكعادة العدو الصهيوني في دفع الآخرين للدفاع عنه، فقد ذكرت الصحيفة أنه يتعين على الدول المعنية مثل المملكة العربية السعودية ومصر أن تبذل المزيد من الجهود لتأمين الممر المائي، ولكنها تشعر بالقلق من عدم حصولها على دعم الغرب.

وخلص تقرير صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية إلى أن “الحوثيين” وإيران أثبتا القدرة على قلب قرون من سيطرة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرهما على الممرات المائية في العالم.

 

القرار يمني

وفيما يتعلق بإشاعات تبعية الجيش اليمني لإيران، فقد نفى معهد “بروكينجز” الأمريكي ذلك، حيث نفى أن يكون “الحوثيون” وكلاء لإيران على الرغم من استفادتهم من دعمها، محذراً من خطورة وصفهم بالوكيل الإيراني على تقليل التهديد الذي يمثلونه، وفهم حقيقة أن “الحوثيين” أثبتوا أنهم أصبحوا جهة فاعلة تتصرف باستقلالية خارج إرادة إيران، ولا يمكن التنبؤ بمدى قوتهم من مؤيديهم الإيرانيين.

وأشار المعهد في تقرير، نشره إلى أن “الحوثيين” جزء مستقل من شبكة متزايدة التعقيد تسمح لهم بالعمل مباشرة مع أكثر من اثنتي عشرة مجموعات أخرى لتبادل الخبرات وتنسيق الأنشطة، وحتى التعاون في الهجمات المشتركة.

وبين أن محاولات التصدي لتهديد الجيش اليمني من خلال الضغط على إيران أو التعامل معها، محكوم عليها بالفشل.

ولفت إلى قدرات الجيش اليمني، مستدلاً على ذلك بطائرة بدون طيار التابعة له التي قتلت مواطناً صهيونيا وأصابت عدة أشخاص آخرين في “تل أبيب” في 19 يوليو، في إشارة إلى “طائرة يافا”. مؤكداً أن “الحوثيين” أعلنوا سريعاً أن إيران لم تعلم بالهجوم إلا بعد وقوعه في تأكيد واضح لاستقلالهم في قرارتهم وتصرفاتهم.

وتابع التقرير قائلاً: “لقد أثبت الحوثيون باستمرار أنهم يحتفظون بالسلطة الوحيدة على عملية صنع القرار. وفي بعض الأحيان، شمل ذلك اتخاذ إجراءات تتعارض مع المصالح الإيرانية، كما فعلت بإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد مع المملكة العربية السعودية في عام 2019، حتى عندما سعت إيران إلى استخدام الحوثيين لتصعيد التوترات في المنطقة”.

 

غير المأهولة

وأكد المعهد الأمريكي في تقريره أن “الحوثيين” قاموا بتحسين قدرتهم على تصنيع الأسلحة داخل اليمن وصقلوا خبرتهم المستقلة بأسلحة جديدة، مستفيدين من حقيقة أنهم تم اختبارهم في المعركة بطريقة لم تشهدها إيران. وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية وحدها، قاموا بسرعة بتحسين استخدامهم للسفن السطحية غير المأهولة، مما سمح لهم بإغراق سفينة فحم يونانية في يونيو، مشيراً إلى أنهم خففوا من اعتمادهم على تدفقات الأسلحة الإيرانية، وتأمين قطع الأسلحة الحيوية من الصين مستقلة، وتطوير خطط تمويل لشراء الأسلحة، وأنهم يسعون الآن للحصول على الدعم العسكري من روسيا.

وقال التقرير: “يعد استقلال الحوثيين عن إيران أمراً مهماً لأن الحوثيين حالياً أكثر عرضة للتصعيد من إيران”. مؤكداً أن “الحوثيين” أقل عرضة من إيران للضغوط الأمريكية والدولية، مما يعني أنهم قادرون على تحمل مخاطر أكبر من إيران. وأنهم أقل عرضة للعقوبات الدولية، لأنهم يعملون إلى حد كبير خارج النظام المالي الدولي.

وأوضح أن “الحوثيين” اعتادوا بعد عدة سنوات من الحملة الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية، على حماية إمدادات أسلحتهم من الضربات الجوية، ولهذا السبب فشلت الضربات الأمريكية والبريطانية الأخيرة في تقويض قدرات الحوثيين الهجومية بشكل كبير.

  

وبقراءة متأملة

يتأكد أن الجيش اليمني قد نجح في فرض سيطرته على البحر الأحمر، مما يعكس قوة تكتيكاته العسكرية وتفوقه على التحالف الأمريكي والأوروبي، وأن فشل التحالف في حماية السفن وانتشالها من الهجمات، بالإضافة إلى عجز الاتحاد الأوروبي عن سحب السفينة “سونيون” المحترقة، يؤكد على مدى تعقيد الوضع وتفوق القوات اليمنية في هذا الصراع البحري.

تصريحات القيادات الأمريكية والأوربية وتقارير وكالات الأنباء العالمية تسلط الضوء على هذا الفشل الذريع، مما يعزز من مكانة الجيش اليمني كقوة لا يستهان بها في المنطقة.

هذا الواقع الجديد يفرض تحديات كبيرة على التحالف ويعيد رسم خريطة السيطرة في البحر الأحمر، مما يستدعي إعادة تقييم الاستراتيجيات والتحالفات في المنطقة.