محمد سيد الكونين والثقلين
محمد محمد المطاع
الأرض والسماء والجن والإنس بل والجمادات لها ارتباط بسيد الكائنات وأشرف المخلوقات وهذا ما جعلني في ذكرى الاحتفال بمولده المبارك والعظيم أخرج عن صمتي وأتحدى شيخوختي وأتناساها تعظيما وعشقا لرسوله وإسهاما في تقديم شيء في ذكرى مولده العظيم.
إن هذا الاحتفاء والإحياء اليماني أوجد في وجداني ومشاعري طاقة تكاد تنسيني قرنا كاملا من عمري الطويل وأطوي كشحا عن سنواته الطوال حبا في رسول الله وتفاعلا مع ذكرى مولده، ولعلي أذهب بعيدًا إلى نبي الله سليمان -وهذه الجملة وما بعدها إنما هي بإرادَة الله وقدرته- أقول هذا لئلا يقول الأوباش من البشر في هذا غلو وبدعة وقد قالوا إن الاحتفاء بمولده بدعة.
أقول لنبي الله سليمان -صلوات الله عليه- أين هو رسولك الذي هممت أن تذبحه عندما غاب في مقامك امنحني إياه لأعتلي على جناحيه فأذهب إلى المشرقين وَالمغربين وأحلق بجناحيه لعلي أجد من اقترب من البشر إلى هذا الرسول العظيم واقترن به اقتران الظل بصاحبه والتصق به التصاق الروح بالجسد وأعطاه حقه من الاستجابة والتسليم والتعظيم والتوقير فلم أجد إلا شخصا عظيما اقتربت عظمته من هذا الرسول العظيم الذي نحتفل بمولده وهذه الشخصية العظيمة التي كانت وما زالت من عظماء الإسلام قال عنها الرسول صلوات الله عليه (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) ومن هذا القسم الأول أقول من الذي دفع الكتائب المجرمة الظالمة وهي تقتحم الصفوف لتهاجم الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- حتى نزل جبريل صلوات الله عليه ليقول للرسول (إن هذه لهي المواساة فقال له الرسول هو مني وأنا منه فقال جبريل صلوات الله عليه وأنا منكما) وما قاله الرسول صلوات الله عليه فيه يوم خيبر وَحنين وتبوك وفي خم وفي كُـلّ مكان يلوح فيها سيفه وعزمه وإيمانه. فقلت هذا هو الوحيد في العالم الذي التصق بالرسول العظيم وكان هو رجل المهمات الصعبة وهو من قال عما اختصه الله به: وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إلى صَدْرِهِ وَيَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَيُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ وَكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْ ءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ وَمَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَلَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ وَلَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ (صلى الله عليه وآله) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أعظم مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ وَمَحَاسِنَ أخلاق الْعَالَمِ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُـلّ يَوْمٍ مِنْ أخلاقهِ عَلَماً وَيَأْمُرُنِي بِالِاقتدَاء بِهِ وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُـلّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَلَا يَرَاهُ غَيْرِي، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الْإسلام غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وَخَدِيجَةَ وَأَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ وَأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ (صلى الله عليه وآله) فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَتَرَى مَا أَرَى إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَلَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ.
لقد عرجت وجلت بفكري يمينا وشمالا عسى أن أجد من أنصف هذا النبي العظيم وقلبت ملف الشعراء والبلغاء فوجدت من حاول منهم كالبوصري وشوقي وغيرهم من الشعراء والبلغاء وكانت محاولة ترضيه ولا تغضبه، فكانت عظمة هذا الرجل من عظمة الرسول نفسه فأصبح من عظماء الإسلام الذي قال عنه الرسول (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) ومن هذا الشطر الأول أقول هل تعرفون من هو هذا العظيم اسألوا عنه أحدا والرسول صلوات الله عليه يقول يا علي ادفع عني هذه الكتيبة التي أقبلت لتنقض علي فيدفعها ويفعل بها بسيفه ذي الفقار الأفاعيل وتأتي كتيبة أُخرى تفعل مثل ما فعلت الأولى فيقول الرسول ادفع عني يا علي ويفعل فيها ما فعله في الأولى وتأتي كتيبة ثالثة وتفعل ما فعلته سابقتها فيقول له الرسول: ادفع عني يا علي ويفعل فيها ما فعله في الجولتين السابقتين وجبريل صلوات الله عليه يشهد هذه الواقعة فيقول لرسول صلوات الله عليه وعلى آله إن هذه لهي المواساة فيجيب الرسول عليه ويقول هذا أخي وأنا أخوه فيقول جبريل صلوات الله عليه وأنا ثالثكما.
فهل عرفتم من هو هذا العظيم اذهبوا إلى خيبر سوف تجدون كُـلّ العظمة هناك واذهبوا إلى كُـلّ جبهة كان الرسول صلوات الله عليه في حاجة إلى هذا العظيم ولو أردت أحيط بهذه المواقف التي التقت فيها عظمتان عظمة النبوة وعظمة المساند لها وهو يقول للمساند في مكان آخر (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) فكأنه يقول جهادي جهادك وشجاعتي شجاعتك وصبري على البلاء صبرك ورحمتي على العباد رحمتك وإنفاقي على الطعام مع الحاجة إليه إنفاقك ولا يميز ما بيني وبينك إلا الرسالة و(الله يعلم، حَيثُ يجعل رسالته) وسوف تقوم بمضامينها بعد موتي واسألوا خما والجماهير التي احتشدت هناك لتسمع الولاية وتشاهد كف النبوة وهي ترفع كفه وكف الوصاية يا االله من عظمة ولولا تجنبي للإطالة لقلت في هذا العظيم مالم يقله أحد على هذه الأرض وقد تصدى للطغيان الأموي برئاسة معاوية بن أبي سفيان كما تصدى الرسول لأبيه أبي سفيان وكما تصدى الحسين وأدراك ما الحسين ليزيد بن معاوية بن أبي سفيان حمار بن حمار بن حمار وفاسد بن فاسد بن فاسد وإني لأعجب من أناس يعشقون هذا الجانب من البشر الذي تخجل منهم الأرض والسماء وتغظ الطرف عن السلسلة النبوية التي تتطأطأ لها العناق
وإنا لنحمد الله في اليمن أن وهب لنا بطلا من أبطال هذه السلسلة النبوية وشجاعا ومجاهدا وحكيما هو عبدالملك بن بدر الدين الحوثي ومن كان لا يعرفه فليسأل الثمان السنوات من الحرب التي أكلت الأخضر واليابس وهو يتصدى لها لا يتزحزح كالجبل الشامخ وليسأل البحر الأحمر الذي جعل الشيطان الأكبر يدخل في جوف البحر ليعيش مع الأسماك وإنه حتى هذه اللحظة يتحدى الشيطان الأكبر ومن سار في فلكه وركابه وما فلسطين وغزة بالذات عنه ببعيد ومن باب الوفاء لمن هو أهل للوفاء أشير إلى بطل آخر هو قائد حزب لله السيد حسن نصر الله وما أدراكم من بطل ولو أن الأرض تحتضن لنا مثل هذين العملاقين لاختفى الغش واحترق وقد تعلما المجد والإباء والجهاد والشجاعة من الرجل الأول جدهما الرسول الذي نحتفل بمولده وصلوات الله عليهم جميعا
وأرجع البصر كرتين إلى هذا المولود العظيم الذي نحتفل بمولده وأسأل البشر في العالم كله وبالأخص المسلمين الذين شرفهم الله بهذا الرسول العظيم من النور والفرقان أين هم اليوم من هول مذابح غزة وظلم فلسطين؟
وأين هم من مذابح سوريا ومن الجرائم التي ارتكبها الطغيان في العراق من قتل المدنيين في لبنان ومن طائرات البغي والعدوان التي سكبت جحيمها ونارها على اليمن لمدت ثمانية أعوام؟
أين هم المسلمون من الرسول العظيم الذي أرسله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور وأرسله رحمة للعالمين؟ ومن هذا الشيطان الأكبر ومن سار في ركابه من اليهود والنصارى ومن الأعراب الذين هم أشد كفرا ونفاقا؟
إن مولد هذا الرسول العظيم الذي نحتفل به هو سرد حساب للعالم كله فهو رحيم للعالمين والويل كُـلّ الويل على زعماء العالم الإسلامي وجامعتهم العربية وتجمعهم الإسلامي فقد حبطت أعمالهم وسلكوا الطريق التي يسألون عنها وقد يحجبون عن الجواب.
المولود العظيم الذي نحتفل بمولده أسأل البشر في العالم كله وبالأخص المسلمين الذين شرفهم الله بهذا الرسول العظيم من النور والفرقان.