صمود وانتصار

تدشين إحياء الربيع المحمدي .. إعداد وتهيئة تليق بصاحب الذكرى

الصمود||

“يحتفي اليمنيونَ من كُـلّ عام بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضلُ الصلاة والتسليم”.

 

وتعمل القيادةُ على تدشين الفعاليات لهذه المناسبة في كُـلّ الوزارات، ومرافق الدولة، والحواري، والمدراس والمجالس، بخطابات يستذكرون فيها سيرة النبي المصطفى، وأخلاقه العظيمة التي كسب قلوب الناس بها، وأسّس أعظمَ إمبراطورية توحد فيها الناس تحت راية الإسلام، وعقيدة التوحيد لله رب العالمين.

 ولعل الهدفَ من هذه الفعاليات، هو إحياءُ القلوب، وتعزيزُ الارتباط بالنبي الكريم، وأخلاقه وجهاده ضد قوى الاستكبار والظلم وانتصاره عليهم بتأييد الله وعونه لإحيَـاء الروح الجهادية في القلوب، لا سِـيَّـما أن الأُمَّــة المحمدية تتعرض لحروب ناعمة وصلبة، واستهداف هُــوِيَّتها الإيمانية الجامعة وتمزيقها شر ممزق.

وترى أم الحسن عبد الكريم الدمشقي أن “التدشين للمولد النبوي الشريف له أهميّة كبيرة في إعداد النفوس لاستقبال هذه المناسبة، والتفاعل والإعداد، لإقامة المجالس والفعاليات على أرقى مستوى يليق بصاحب المناسبة رسول الرحمة صلوات ربي عليه وعلى آله”.

وتوضح أن “التدشين لإحيَـاء هذه المناسبة يكون بالأناشيد المعبرة عن حب النبي والحديث عن مولده ومنهجه ومبعثه وصفاته وأخلاقه وجهاده، وَأَيْـضاً المحاضرات التي يتم فيها الحديث عن سيرة النبي؛ مما يزيدنا حباً وارتباطاً بالنبي العظيم الارتباط الوثيق كقائد وقُدوة ومعلم ومُرَبٍّ وهادٍ قولاً وعملاً والتزاماً”، مؤكّـدة أن المجتمع اليمني بكافة طوائفه يتسابقون لإحيَـاء المولد النبوي الشريف في بيوتهم، ويقومون بتزيين بيوتهم، ودعوة الجيران والأهل والأصدقاء بكل حب وفرحة واعتزاز وتقدير لهذا النبي العظيم “صلوات الله عليه وآله وسلم” إقامة الاحتفالات في مختلف المنازل، مشيرة إلى أنه “مع تزايد الوعي والثقافة بأهميّة إحيَـاء هذه المناسبة العظيمة بين أوساط المجتمع، فقد أصبحت تقام في المدارس، والجامعات، والمعاهد، وكافة الدوائر الحكومية، بعد أن حاول الأعداء طمس هذه المناسبة من نفوس الناس التي كان يحتفل بها أجدادنا منذ قديم الزمن لكنهم فشلوا فعلاً في ذلك، بفضل الله وفضل القيادة الربانية، وفضل المسيرة القرآنية التي أعادت لنا الإسلام المحمدي الأصيل”.

وتشير أم الحسن في سياق حديثها إلى أن اليمن يتميَّزُ بإحيائه بهذه المناسبة بشكل كبير وعظيم، من خلال التزيين للشوارع والبيوت والمحلات باللون الأخضر الذي يعبر عن فرحة اليمنيين بهذه المناسبة، وكذلك من خلال الخروج المليوني الكبير في جميع مديريات اليمن، المحبة والمتعلقة نفوسهم بهذه المناسبة العظيمة، والتي تقدم فيها صورة إعلامية إلى العالم كله قل نظيرها”.

وترى أن “اليمن بإحيائه المتميز لهذه المناسبة أصبح محل إعجاب وتقدير وحب الكثيرين من أبناء الأُمَّــة الإسلامية، وعلى طريقتها أصبح الكثيرون يستعدون لإحيَـاء هذه المناسبة العظيمة، وقد رأينا في السنوات الأخيرة بعضاً من البلدان العربية والإسلامية تحيي هذه المناسبة العظيمة، وهذا دليل على تأثرها بيمن الإيمان، والحكمة في إحيَـاء هذه المناسبة العظيمة”.

 واجبٌ شرعي:

وعلى صعيد متصل تقول الناشطة الثقافية غادة حيدر: “إن أهميّة إحيَـاء وتدشين هذه المناسبة تأتي من باب المعرفة بالواجب الشرعي والديني؛ امتثالاً لقوله سبحانه وتعالى: [قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ] صدق الله العظيم.

وتضيف أنه “استعداداً وتهيئةً نفسيةً للعاملين والعاملات في سبيل الله ببدء هذه المناسبة العظيمة ينطلق الجميع كأمة واحدة، وتحت موجِّه واحد للبدء بالاحتفال بهذه المناسبة حسب ما يتم طرحُه في أماكن التدشين”.

وتشير حيدر إلى أن “أمانة العاصمة تشهد نشاطاً واسعاً وكَبيراً على المستوى الرسمي والشعبي لإبراز طابع هذه المناسبة، والتي تعبر عن مدى حبهم وارتباطهم وانتمائهم واشتياقهم لهذا النبي الأكرم، فتتزين أسطح المنازل، والشرفات والمؤسّسات الرسمية والمحلات التجارية والشوارع بالأضواء والأَعلام الخضراء والبيضاء؛ فرحاً بقدوم ذكرى المولد النبوي الشريف”.

وتؤكّـد أن “اليمن أصبح محل إعجاب الكثيرين من أبناء الأُمَّــة في إحيَـاء ذكرى المولد النبوي الشريف؛ لأَنَّه يقدم الشيء الذي تفتقده الأُمَّــة، والذي أدرك الجميع بأنهم بحاجة ماسة إليه، وهو القُدوة والقيادة المتجسدة في الرسول الأكرم من خلال تقديم العرض القرآني المفصل عن هذا النبي العظيم، وكيف يمثل التأسي والاقتدَاء به الحل والمخرج للأُمَّـة الإسلامية مما تعانيه من ضياع وشتات وذل وهوان”.

 

 الهُــوِيَّة الإيمانية:

بدورها تبدأ الأُستاذة هاجر الرميمة حديثها بالقول: “أيا أيها المصطفى.. أهلاً بمولد زانت له الأكوان، وزالت به عروش الظلم وقادة الإجرام.. يا نور مشكاة الإله وسراج يزيل الأحزان.. يا بهجة المسكين، وفرحة الأيتام”.

وتؤكّـد الرميمة أن “أهميّة التدشين لهذا اليوم العظيم تأتي من أهميّة صاحب الشأن النبي الأعظم محمد -صلوات الله عليه وآله- فالتدشين يكون عبر جميع الوسائل المتاحة، وعلى أوسع نطاق سواءٌ أكان إعلامياً، أَو ثقافيًّا، والشعب اليمني حَـاليًّا لا يحتاج إلى تحشيد وتعبئة بخصوص هذه المناسبة؛ فحُبُّ النبي -صلى الله عليه وآله- هو الدافعُ الرئيسُ لهذا الاحتفال والفرح”.

وتوضح هاجر أنه “عندما يبدأ الربيع المحمدي بالظهور حتى تبدأ مظاهر الفرح والابتهاج، وتزيين الشوارع والمنازل والمؤسّسات والسيارات، كلٌّ بحسب استطاعته، وتزدان صنعاء، وبقية المحافظات بالحُلة الخضراء، لتزرع البهجة في قلوب اليمنيين، وتقهر المنافقين”.

وتبين أن “اليمن منذ الأزل، وهو مهد الحضارات والثقافة الإيمَـانية، وهذه الاحتفالات لإحيَـاء المولد النبوي ما هي إلا ثمرة من ثمرات التولي الصادق للنبي وآله -عليهم السلام- وليست هذه الاحتفالات وليدة اللحظة، بل وهي من زمن الأجداد”، مشيرة إلى أن “أعداء النبي على مر الزمن حاولوا محوَ هذه الذكرى بتبديع إحيائها وتكفير من يحييها؛ لطمس الهُــوِيَّة الإيمَـانية وإضعاف الارتباط والعلاقة مع النبي الكريم، لكن -وبفضل الله- ظلت اليمن متمسكةً بقيمها ومبادئها التي تربى عليها شعبها عليها منذ عهد النبي إلى الآن”.

وتواصل: “لقد أظهر اليمنيون هذا الولاء بشكل ملفت جِـدًّا؛ فلا نجد أية دولة تقيم الاحتفال بالنبي بهذا الزخم الشعبي، فمهما بالغوا باحتفالهم لا يقارن ذلك مع ما يفعله شعب الإيمَـان، كأن النبي اختارنا لنكون نحن شعبه، واليمن وطنه، فهو عزيز في قلوبنا”، مؤكّـدة أننا “لا نستطيع أن نجزي رسول الله عنا، ولو قطرةً من بحر عظمته، ولكنا نحتفل بكل إمْكَانياتنا المحدودة، والتي من خلالها نعبّر عن حبنا وولائنا لهذا القائد العظيم -عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم-“.

إعدادٌ وتهيئةٌ نفسية:

من جهتها تذكر الثقافية أسماء أحمد محمد البرتاني أن “أهميّة تدشين هذه الفعاليات هو إعلان بدء الاحتفال بمولد النور -صلوات ربي عليه- والانتقال إلى مرحلة التهيئة النفسية للارتباط الروحي بسيرة سيد المرسلين، والاقتدَاء والسير على الصراط المستقيم الذي رسمه وحدّده لنا صلوات ربي عليه وعلى آله”.

وتوضح البرتاني أن “التدشين يكون في زمن واحد، وبنفس الطريقة، مثلاً إطلاق الألعاب النارية، أَو إقامة الفعاليات في وقت واحد في كُـلّ المرافق، أَو المدارس أَو لمدة ساعتين، مثلاً في أماكن العمل مصحوبة بالأناشيد، وتوزيع الحلوى، وإلقاء الكلمات المعبرة عن هذه المناسبة العظيمة والتطرق للأحداث التي تمر بها الأُمَّــة”.

وترى أسماء أن “المجتمع يحيي هذه المناسبة كما هو معروف، ومن هُــوِيَّتنا الإيمانية بالموالد والاجتماعات والضيافات وسرد السيرة المحمدية العطرة وعلى مستوى الحارات”، داعية إلى التحَرّك للجانب الرجالي، وإشراك الوجهات من أبناء المجتمع كافة في إلقاء الكلمات والتعبير عن أهميّة إحيَـاء المناسبة، مؤكّـدة أن “تفاعل المجتمع إيجابي خَاصَّة من عام إلى عام يزداد وبزخم أكبر، ولكن يجب علينا كمنتمين إلى المسيرة توحيدُ الصف والترابط فيما بيننا، لنكونَ نسيجاً واحداً يلتفُّ حول القيادة حتى في إحيَـاء المناسبات والفعاليات”.

وتختتم البرتاني حديثها بالقول: “اليمنُ تفردت بإحيَـاء هذه المناسبة، وهذا توفيقٌ من الله لهذه الشعب، حَيثُ نشاهد أن جميعَ الأمم تمجِّد وتخلِّدُ ذكرى عظمائها بالمقابل لنا الأولوية في الاحتفال بأعظم قائد ومعلِّم عرفته البشرية.. إنه محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-“.