أمريكا تفقد هيبتها البحرية .. واليمن يغير الموازين
الصمود||تقرير||إسماعيل المحاقري||
لا تقاس نتائج الحروب بحجم التدمير في المنازل والبنى التحتية ولا أعداد الضحايا في صفوف المدنيين أو حتى العسكريين، بل بتحقيق الأهداف المعلنة، وهذا ما عجز عن تحقيقه الإسرائيلي في غزة رغم ضخامة ما يمتلكه من إمكانات وفي ظل المشاركة والدعم اللامحدود من قبل أمريكا ودول الغرب والتطبيع، ولأمريكا الدولة “العظمى” خيباتها وإخفاقاتها المتراكمة في مواجهة ما كانت تعتبرها “جماعة ضعيفة، في اليمن محدودة الامكانات ومثقلة بالمشاكل والهموم الاقتصادية.
في أعقاب عملية طوفان الأقصى تدخلت الولايات المتحدة سريعا ودون أي تباطئ لمنع انهيار الكيان، والحد من اتساع نطاق الصراع، وبموازاة ما تقدمه من مال وأسلحة لاستمرارية جرائم حرب الابادة الجماعية في غزة شكلت تحالفا بحريا لحماية سلاسل إمدادات العدو الاقتصادية وحشدت الكثير من الدول بما فيها بريطانيا وألمانيا واليونان ودول أوروبية أخرى لأداء هذه المهمة.
النتائج كانت مخيبة لآمال اليهود الصهاينة، لناحية الفشل الذريع في تقويض القدرات اليمنية ومنع استهداف السفن التي شملها حظر الوصول إلى موانئ فسلطين المحتلة، ومؤثرة على الوجود الأمريكي في المنطقة، ومضرة بسمعة قدراته البحرية والجوية على حد سواء.
على صعيد معركة البحار، اضطرت القوات الأمريكية تحت ضغط المفاجآت اليمنية لسحب سفنها وحاملات الطائرات الواحدة تلو الأخرى من البحر الأحمر رغم خطورة الإجراء لناحية إحداث هزة في هيبة واشنطن وضعضعة مكانتها في المنطقة.
انسحاب “آيزنهاور” بداية التراجع الأمريكي
نهاية شهر يونيو أعلنت الولايات المتحدة عن مغادرة حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” البحر الأحمر بعد ثمانية أشهر من خوض معارك وصفت بالصعبة والمعقدة ضد القوات اليمنية على أن يتم استبدالها بحاملة الطائرات “تيودور روزفلت”.
وبالاستناد إلى تصريحات قادة الحاملة الأمريكية وتقييم معطيات ومسار المعركة البحرية فقد بدا واضحا واقع الإخفاق والانهيار طيلة الأشهر الماضية من المواجهة ما دفع الإدارة الأمريكية لسحب أُسطورة هيمنتها البحرية التي ظلت جاثمة على المنطقة طيلة عقود طويلة.
“روزفلت” تغادر قبل وصولها مسرح العمليات في البحر الأحمر
نظرا للمفاجئات اليمنية، وفاعلية الضربات البحرية والجوية في مقدمتها استخدام الصواريخ الباليستية لضرب السفن الحربية لأول مره في تاريخ الحروب، أعلنت الولايات المتحدة وصول حاملة الطائرات “ثيودور روزفلت” إلى منطقة عمليات الأسطول الخامس الأمريكي، منتصف شهر يوليو العام الجاري كبديل عن الحاملة المنسحبة “آيزنهاور” لكن الحاملة الجديدة انسحبت قبل وصولها مسرح العمليات في البحر الأحمر هروبا من المواجهة المكلفة معنويا وماليا إذ تشير التقديرات إلى أن خسائر أمريكا في البحر تتجاوز مليار دولار خلال أشهر قليلة.
ما بين انسحاب الحاملتين، انسحاب سفن أمريكية وغربية
انسحاب السفن الحربية الأمريكية من البحر الأحمر، وتخلي الولايات المتحدة عن مهمتها المعلنة، أجبر كثير من الدول الأوروبية على سحب فرقاطاتها وسفنها أيضا من البحر الأحمر، الأمر الذي أثار انزعاج الصهاينة وأضر بالسمعة التي حاولت واشنطن بناءَها على مدى عقود بشأن قوتها البحرية.
ومن ضمن السفن المنسحبة “كارني ولابون” الأمريكيتين، وكذلك سفن هولندية وألمانية وصولا إلى السفينة بسارا اليونانية، وسط إجماع غربي على صعوبة المواجهة ومخاطرها.
شركات الشحن الكبرى تقرر عدم المرور من البحر الأحمر
تحت ضغط العمليات اليمنية وتطور التكتيكات القتالية مع الدقة في انتقاء السفن المعادية والمتعاونة مع كيان العدو الإسرائيلي وفي ظل العجز الأمريكي عن تغيير المعادلات في البحر قررت الكثير من شركات الشحن العالمية أن تسلك الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح واعتبرت أن المرور عبر البحر الأحمر لم يعد يستحق المخاطرة أو أقساط التأمين الإضافية، وفق ما أكدته تقارير غربية لفتت إلى أن الأسعار ارتفعت بأعلى مما هي عليه في المملكة المتحدة وأوروبا وغيرها من الأماكن التي تتلقى قدرًا كبيرًا من تجارتها عبر البحر الأحمر.
الخسائر الأمريكية تمتد إلى الجو
الخسائر الأمريكية لم تقتصر على البحر، إذ امتدت إلى الأجواء بتمكن القوات اليمنية من إسقاط عشر طائرات من طراز “MQ9” منذ بدء عملية إسناد غزة لترتفع حصيلة الطائرات من هذا النوع التي أسقطتها الدفاعات الجوية اليمنية منذ بدء العدوان على اليمن إلى 14 طائرة.
وفي سياق تطور وتنامي القدرات اليمنية، كانت شبكة إن بي سي الأمريكية تناولت اسقاط القوات اليمنية للعديد من طائرات MQ-9 الامريكية الضخمة والاكثر تطورا ونقلت الشبكة عن خبراء تأكيدهم أن القوات اليمنية تطور دفاعات جوية أقوى وذات نيران دقيقة، حيث لدى صواريخها القدرة على إسقاط أي طائرة أمريكية بدون طيار.
بهذه النتائج فإن الولايات المتحدة أمام خيارين، “فإما مواصلة اعتداءاتها على اليمن، وتقديم كل وسائل الدم لكيان العدو، وهذا المسار له تداعيات مالية وسياسية وأمنية عليها أو تمارس الضغط على كيان العدو لوقف عدوانه على غزة ووضع حد لوحشيته المفرطة، وفي كلتا الحالتين فهيبتها تأثرت ونفوذها تحطم.