الثورة المُلهمة
الصمود||مقالات||د. علي قاسم اليافعي*
بداية.. باسمي واسمكم ارفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى السيد القائد العلم المجاهد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قائد مسيرتنا القرآنية- حفظه الله – والمشير مهدي المشاط -رئيس المجلس السياسي الأعلى وأعضاء المجلس السياسي الأعلى، ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء بهذه المناسبة العظيمة.
دعونا هنا بداية نقول بكل شفافية وصدق ووضوح، أن ثورة 21 من سبتمبر لم تأتِ عبثاً، ولم تكن فكرةً لإقصاء أو تهميش أي طرف سياسي، بل أسهمت ثلاثية القهر الاجتماعي والفساد المؤسسي والسياسة الخارجية المرتهنة للوصايا الغربية، إلى جانب فشل ثورة الحادي عشر من فبراير 2011م من تقديم الحلول الجذرية لتلك الثلاثية المتراكمة منذ عقود الاستغلال والحرمان في دفع الشعب اليمني بمختلف شرائحه ومكوناته الاجتماعية والسياسية إلى الثورة والخروج الجماهيري إلى الشوارع، ومن هنا جاء وعي القيادة الثورية المتمثلة في سماحة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) إلى إدراك حجم المؤامرة الانقلابية على مخرجات ثورة فبراير وهيمنة قوى الاستكبار على مقاليد القرار السيادي اليمني للعودة بالشعب اليمني مرة أخرى إلى مستنقع التخلف والتبعية، فلهذا كانت توجيهات القيادة الثورية بضرورة الاستمرار في الثورة حتى تصحيح المسار وتحقيق الانتصار المتوّج بالعزة والكرامة والاستقلال.
وعلى الرغم من انتشار ظاهرة ما عُرف بثورات الربيع العربي في المنطقة تحت شعارات وطنية وقومية، إلا إنها فشلت عن تحقيق مقاصدها الثورية على أكمل وجه، في الوقت الذي برزت فيه ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر كثورة حقيقية رائدة ذات طابع سلمي وأهداف وطنية متحررة من قيود الارتهان والتبعية، فكانت بحق ثورة الشعب، وثورة الحرية والاستقلال التي أذهلت العالم بأحداثها ووقائعها وطابعها السلمي الحر النزيه، وأبعادها الإنسانية المتعالية على جميع التوصيفات والتصنيفات الطائفية والجهوية، فهي الثورة التي استوعبت جميع شرائح المجتمع اليمني تحت راية الثورة والقيادة، واختزلت جميع التقسيمات الجغرافية تحت عنوان كبير اسمه اليمن الحر العزيز المستقل.
إن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة تشكل امتداداً حقيقياً لتاريخ اليمن العظيم، المناهض لكل عوامل الاستلاب والتبعية والخضوع، والمتطلع إلى الحرية والاستقلال والحياة العزيزة والكريمة، وصفحات التاريخ مليئة بالشواهد التي سطر خلالها أبناء اليمن في الشمال والجنوب أروع صور التضحية والثورة ضد مظاهر الظلم والاستبداد والفساد والتبعية، وما بين الأمس واليوم ترابط وامتداد ثوري صنعه أبطال اليمن بأهداف إنسانية، ومنطلقات حضارية تتعالى على عوامل الطمس والتغييب والاختزال في فئة معينة أو منطقة جغرافية محددة، وها هي ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة تتوشح بوشاح الوحدة اليمنية الخالدة، وتهتف بلسان كل مظلوم، وترفع راية الانتصار لمظلومية الإنسان ولقضايا الأمة المصيرية مهما كانت العواقب والتحديات، فهي ثورة الإنسان والتاريخ والحضارة والقيم، ثورة الحرية والاستقلال التي كُسرت على أعتابها قيود التبعية والتدخلات الخارجية، وتهاوت أمام انتصاراتها كل مؤامرات الغرب الاستكباري ومشاريعه في اليمن والمنطقة، وتطهرت اليمن بها من كل مرتزق وعميل وخائن وستفعل.
من منجزات ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة، أنها سترغم العالم كل العالم والعرب على وجه التحديد إلى النظر إليها على أنها الثورة المُلهمة للتحرر من قيود التبعية والخضوع للهيمنة الخارجية والتدخلات الاستكبارية، فهي الثورة الوحيدة التي رفضت الخضوع والتبعية للشرق والغرب، وتعالت بكل عزة واقتدار على جميع الإغراءات، ودفع الشعب اليمني ثمن الانتصار والحرية والاستقلال باهضاً من أجلها، حيث تعّرض لعدوان سعودي أمريكي مدعوم بتحالف دولي انتقاماً من ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
إن ما يميز هذه الثورة الخالدة، هو بُعدها القومي والإنساني كالدفاع عن المقدسات الإسلامية، وحمل راية قضية الأمة المركزية المتمثلة في القضية الفلسطينية، وها هي المواقف التاريخية الخالدة التي شيدتها القيادة الثورية والسياسية والعسكرية بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقطاع غزة ضد العنجهية والعدوان الإسرائيلي الغاشم، ظاهرة للعيان وبشكل لم يشهد التاريخ له مثيلاً، وهذا الموقف الإنساني والديني والقومي يعتبر من أبرز منجزات هذه الثورة الخالدة.
لقد استطاعت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر الخالدة، أن تؤسس لوعي مقاوم متحرر من كل قيود التبعية والانهزامية، وأن تفضح كل المؤامرات في اليمن والمنطقة لتكون قبلة لكل أحرار العالم ومُلهمة لهم، ولقد أصبح اليمن اليوم وثورته المباركة عنواناً لكل الأمة العربية والإسلامية، ومفخرة لكل أحرار العالم ومنارة للانتصار لكل المظلومين في كل مكان، ونحن نشهد على ذلك وسيشهد غداً العالم الحُر.
*وزير الثقافة والسياحة