الهدف الإسرائيلي من تصعيد العدوان على لبنان
الصمود| القول السديد /
الهدف الإسرائيلي من تصعيد العدوان على لبنان واضح، وهو: منع حزب الله من إسناد الشعب الفلسطيني، ومن إسناد غزة، وهو هدفٌ لن يتحقق أبداً؛ لأن موقف حزب الله هو موقفٌ مبدئيٌ، ودينيٌ، وإنسانيٌ، وأخلاقيٌ، وهو- في نفس الوقت- موقفٌ لمصلحة لبنان؛
لأن العدو الإسرائيلي لو تمكَّن من تحقيق أهدافه على الساحة الفلسطينية، وتمكَّن من القضاء على المجاهدين في فلسطين، وأصبح متفرغاً لما بعد فلسطين، كان في مقدمة البلدان المستهدفة، والشعوب المستهدفة من العدو الإسرائيلي، الشعب اللبناني ولبنان، فالعدو الإسرائيلي لديه أحقاده، وأطماعه أيضاً، وسوابقه معروفة في الاستهداف للبنان، والاحتلال للبنان، وصولاً إلى بيروت، وما فعله سابقاً بالشعب اللبناني وفي لبنان من الجرائم الفظيعة، وهذه مسألة معروفة.
ولـــذلك عندما نتأمل ما يجري خلال هذا التصعيد، سواءً في العمليات الغادرة، التي استخدم فيها العدو الإسرائيلي وسائل مدنية لاستهداف اللبنانيين، من حزب الله ومن غير حزب الله، أو من خلال الغارات الهمجية الإجرامية، والعدوان الوحشي الذي يُنَفِّذه خلال هذه الأيام، نجد أن هذا العدوان ليس مجرد حالة طارئة، ترجحت فجأةً للعدو الإسرائيلي، واتَّجه إليها كردة فعل، تجاه موقف حزب الله المساند للشعب الفلسطيني، بل نجد هذا العدوان يأتي في ظل تخطيطٍ مسبق، في ظل ترتيبات عدوانية مسبقة، ومعنى ذلك: أن العدو الإسرائيلي خلال كل هذه السنوات كان يحضر للعدوان على لبنان، وللاستهداف للشعب اللبناني ولحزب الله، وكان يعد العُدَّة على كل المستويات، فيما يتعلق بالجانب المعلوماتي، وفيما يتعلق بـ- كذلك- خطة الاستهداف، وفيما يتعلق كذلك بتجهيز المقومات اللازمة لذلك؛ ولــذلك فعدوانه هذا هو امتداد لتحضيرات، ونتاج لتحضيرات واستعدادات كانت منذ سنوات، وهذا ما اعترف به أيضاً قادةٌ من قادة العدو، ومن الواضح أن العدو كان يُحَضِّر لعدوان على لبنان، ويتحيَّن الفرصة لذلك.
عندما نلحظ قوة الموقف لدى الإخوة في حزب الله، ومدى تماسكهم وثباتهم، بالرغم من حجم العدوان الإسرائيلي، وحجم الاستهداف الذي شمل- إضافةً إلى الاستهداف لحزب الله- شمل كل تلك القرى والمناطق للحاضنة الشعبية للشعب اللبناني، فإننا نجد أن حزب الله يمتلك المقومات اللازمة للصمود والثبات، ولتحقيق النصر أيضاً، مثلما حصل في الجولات الماضية، وفي المراحل الماضية، وبكل وضوح، وأكبر الهزائم المُذِلَّة تلقَّاها العدو الإسرائيلي في عدوانه ومواجهته لحزب الله، في جولات متعددة، وفي عمليات متعددة، والتاريخ يشهد، وهي وقائع موثقة، سواءً على مستوى الفيديوهات، أو باعتبارها أحداثاً كبرى عرف بها كل العالم.
حزب الله بمجاهديه، وكما هو الحال أيضاً بالنسبة للإخوة المجاهدين في فلسطين، الجميع ينطلق في موقفه من منطلقٍ إيماني، يتحرك وهو يحمل الروحية الإيمانية، المستمدة لمعونة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الانطلاقة التي ينطلق فيها المؤمن المجاهد وهو يستشعر مسؤوليته في أداء مهمته الجهادية، وقدسيتها، وهو في الموقف الحق، يحمل القضية العادلة، وفي نفس الوقت يرى في موقفه العادل والمُحِقّ قربةً إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويرى في تحركه، الذي استجاب فيه لتوجيهات الله وأوامره، سبباً يحظى من خلاله بالمعونة من الله، والتأييد من الله، والنصر من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بهذه الروحية التي ينطلق فيها المجاهد واثقاً بالله تعالى، وبوعده الصادق، الذي وعد به عباده المؤمنين المجاهدين في القرآن الكريم، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو القائل في كتابه الكريم: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:47]، وهو القائل “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}[الحج:38]، وهو القائل “جَلَّ شَأنُهُ”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7]، فبهذه الروحية الإيمانية، وهذه الثقة الكبيرة بالله سبحانه و تعالى، وبالتوكل على الله “جَلَّ شَأنُهُ” ينطلق المجاهدون في سبيل الله، وهم يحظون برعايةٍ من الله، وبمعونةٍ من الله، وبتأييدٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولديهم- في نفس الوقت- الاستعداد العالي للتضحية في سبيل الله؛ لأنَّهم يدركون قيمة الموقف، وقيمة الفعل، وقيمة التضحية أيضاً كقربةٍ إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولما يترتب عليها أيضاً من نتائج يحققها الله “جَلَّ شَأنُهُ” لعباده المؤمنين، الصابرين، المجاهدين، في ظل المواقف التي هي ضروريةٌ في الأساس، ضروريةٌ لأن تحظى هذه الأمة بالعِزَّة، والكرامة، والنصر، والمَنَعَة، والقوة في مواجهة أعدائها.
فالخطر على الأمة ليس هو في أن تتحرك لحمل راية الجهاد في سبيل الله تعالى، وللتصدي لأعدائها الحاقدين، الظالمين، المجرمين، المستكبرين، الذين يعملون على إبادتها، وإلى امتهانها، واستعبادها، وإذلالها، واحتلال أوطانها، الجهاد في سبيل الله هو سببٌ للنصر، والعزِّة، والتمكين، والقوة، والمَنَعَة، وللوصول إلى دحر الأعداء، وللتصدي لشرهم وخطرهم، الذي هو خطرٌ حقيقي، وليس مجرد مزاعم أو تصورات خيالية، الخطر على الأمة هو في التخاذل، في الجمود، في الاستسلام، في العجز، هذا هو الذي يُمَكِّن أعداءها منها، ومن تحقيق أهدافهم فيها، وهو الذي ألحق بالأمة في كل تاريخها الماضي الكثير من الخسائر الكبيرة جداً.
كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول تطورات تصعيد العدو الإسرائيلي في لبنان ومستجدات العدوان في غزة 23 ربيع الأول 1446هـ 26 سبتمبر 2024م