صمود وانتصار

أيهما أخطأ بحق الآخر.. إيران أم العرب؟

مقالات ||عبدالمنان السنبلي

يقول (بنيامين نتنياهو) في كتابه مكان تحت الشمس الذي أصدر في 1993:

(أكبر خطر وجودي يهدّد “إسرائيل” هو النظام الراديكالي في إيران).

أمريكا ومعظم دول الغرب يؤيدون هذا الكلام، ويبنون عليه كُـلّ سياساتهم تجاه إيران..

وهذا شيء معروف للجميع، ومن بدري..

ولا ثمة مشكلة..

المشكلة فقط في الأنظمة العربية..!

أنها تتبنى هذا الطرح، وترى في النظام الإيراني خطراً وجوديًّا عليها أَيْـضاً..

ولذلك، فقد ناصبوه العداء، ليس من اليوم طبعاً، وإنما منذ اللحظات الأولى لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، ومجيء هذا النظام..

فما هي مشكلة النظام الإيراني مع العرب..؟

ما هو الجرم الذي اقترفه بحقهم..؟

لا شيء طبعاً سوى أن أمريكا تريد هذا..

هذه هي الحقيقة المرة..

على أية حال،

هل تعلمون ما سبب مجيء هذا النظام..؟

ولماذا أصلاً قامت الثورة الإسلامية في إيران..؟

ستتفاجؤون إن أنتم عرفتم..

وتنصدمون أَيْـضاً..!

الثورة الإيرانية، ببساطة، جاءت استجابة لحق الشعب الإيراني الرافض يومها لسياسة التغريب والعلمنة التي تبناها شاه إيران..

يعني باختصار: جاءت لإعادة إيران من الحضن الغربي إلي حاضنتها الطبيعية، العربية والإسلامية..!

هذا هو السبب الرئيسي..

ولذلك، فقد كان أول قراراتها هو قطع العلاقات وإلغاء الاعتراف بـ “إسرائيل”، وإغلاق سفارتها هناك في طهران واستبدالها، وعلى الفور، وفي نفس المبنى، بسفارة دولة فلسطين..

فكان أن رُفع العلم الفلسطيني يومئذ، ولأول مرة، في تاريخ الدولة الإيرانية في سماء طهران..

إقرأوا التاريخ..

إقرأوه، وستعرفون حقيقة ما أقول..

المهم..

بدلاً من أن يقابل النظام العربي ذلك بالترحيب والمباركة، قاموا يناصبون هذه الثورة العداء، ويكنون لها كُـلّ الكراهية والبغضاء..!

لماذا..؟

نزولاً، طبعاً، عند رغبة أمريكا، وتبنياً لموقفها ورؤيتها المعادية والمناهضة لهذه الثورة..

يعني: ثورة تتبنى إغلاق سفارتي أمريكا و”إسرائيل”..

بالله عليكم،

كيف تتوقعون أن تكون رؤية وموقف أمريكا تجاهها..؟!

النظام العربي، للأسف الشديد، سارع وتبنى هذه الرؤية وهذا الموقف..!

ومن يومها..، وهذا النظام العربي ما فتئ يوجه بوصلة العداء نحو إيران..!

يُنمِّيه ويغذيه بكل ما تفننت وبرعت في ابتكاره وإنتاجه لهم دوائر المخابرات الأمريكية والصهيونية من عناوين ومفاهيم مسمومة وملغومة، لا تستهدف أحداً بعينه كما تستهدف الأُمَّــة كلها..!

وعزفوا طبعاً على كُـلّ الأوتار..

وتر الدفاع عن العروبة.

وتر الطائفية.

وتر خطر البرنامج النووي الإيراني.

وتر خطر التمدد الإيراني.

وتر مواجهة خطر الأطماع الإيرانية..

وغير ذلك، بالطبع، من الأوتار والعناوين..

لماذا..؟ ومن أجل من..؟

من أجل أمريكا، ولعيني “إسرائيل”..

هذه هي الحقيقة..!

مع أن علاقتهم مع إيران الشاه، من قبل، كانت فُلَّ الفُل، وأكثر من سمن على عسل..

يعني بالضبط: كما كانت علاقة أمريكا و”إسرائيل” نفسيهما بإيران الشاه، فل الفل، وسمن على عسل أَيْـضاً..

فقط بمُجَـرّد أن تحولت النظرة الأمريكية والإسرائيلية تجاه إيران الثورة، تحولت (أوتوماتيكياً)، وعلى طول، النظرة العربية أَيْـضاً..

وتحولت إيران في نظر هذا النظام العربي التابع والخانع من يومها، وفي غمضة عين، إلى (بُعبع)..!

بعبعٍ (وهمي) يتوجس منه العرب خيفة..

ويتوجب مواجهته..

ومحاربته بشتى الطرق والوسائل..

وتجريم من يتعامل معه..

أو هكذا زعموا..

أرأيتم كيف عمل العرب، وبكل جد، على تغليب المصلحة الأمريكية والصهيونية على مصالح الأُمَّــة العربية والإسلامية..؟

فمن الذي استعدى الآخر..؟

من الذي أخطأ بحق الثاني..؟

النظام الإسلامي الإيراني، أم النظام الرجعي العربي..؟!

أعتقد الإجَابَة واضحة جِـدًّا..