القدراتُ الإيرانية الدفاعية في مواجهة العدوان الإسرائيلي المرتقب
الصمود||تقرير||إبراهيم العنسي
زخم إعلامي كبير في تناول جهوزية العدوّ الإسرائيلي لعدوان جديد على إيران، في محاولة لاستعادة جزء من صورة بريق “إسرائيل” الزائف كقوة مهيمنة على المنطقة بعد أن كُسرت لأكثر من مرة بدءاً من هزيمة حزيران يونيو 2006 على يد حزب الله في لبنان، مُرورًا بالهزيمة الاستخباراتية والعسكرية المدوية على يد حركة حماس في أول يومين من معركة (طوفان الأقصى).
في مقابل هذه الصور المهتزة ومراكمة الهزائم على كيان العدوّ، يجري التحضيرُ والترويجُ الإعلامي الأمريكي الصهيوني للضربة الإسرائيلية القادمة على إيران، حَيثُ السعي لتحقيق أهداف ترتبط بالداخل الإسرائيلي وصورة الكيان في المنطقة، أبرزها استعادة ثقة الشارع الإسرائيلي الذي سرعان ما أعلن السخط بمُجَـرّد انتهاء عملية “الوعد الصادق2” وما خلفته على محدوديتها من دمار في قواعد الكيان ومنشآته الأمنية.
كانت الصورة التي طبعت في مخيلة المستوطنين الصهاينة بعد عملية الوعد الصادق هي الأسوأ والأفظع في حياة سكان “إسرائيل” منذ إعلان زرع هذا الكيان في فلسطين العام 1948م.
لقد كانت عملية الوعد الصادق ضد كيان العدوّ هي الكابوس الأشد للمشروع الصهيوني، مع ما رافقها من صور هروب المستوطنين إلى الملاجئ واللجوء للاختباء تحت الجسور وفي أنفاق محطات القطارات، والصورة التي تداولها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لهروب نتنياهو إلى مبنى محصَّن، حاله كحال وزير حرب الكيان ورئيس أركانه الذين لجأوا لأماكن محصنة؛ هرباً من صواريخ إيران، التي لم يكن هدفها سوى استهداف أهداف عسكرية وأمنية، فكيف إذَا كان هدفها بنى تحتية ومدنية؟!.
بينما الهدف الثاني يرمي لتغييب أَو محاولة استبدال الصورة المخيفة وصورة الهزيمة التي ألحقتها المقاومة الفلسطينية بالجيش الإسرائيلي والذي روج له ولعقود طويلة أنه لا يُهزم، وهذا يتطلب رَدًّا صهيونيًّا وأمريكيًّا يتزامن مع ذكرى انطلاق عملية طوفان في الـ7 من أُكتوبر 2023 م، حَيثُ يوافق اليوم الثلاثاء، تمام عامها الأول.
والهدف الثالث فهو محاولة كسر صورة النصر الذي يحقّقه مجاهدو حزب الله على قوات وألوية النخبة الإسرائيلية في الحدود اللبنانية، حَيثُ مثّل حال قوات العدوّ وما تم رصده من رفض تنفيذ أوامر قادة الألوية وما تم تسجيله من فرار لمجندي العدوّ من جبهة لبنان بعد العمليات النوعية التي حقّق فيها مجاهدو حزب الله انتصارات كسرت سطوة العدوّ وأثّرت على معنوياته، والتي قد تقود إلى هزيمة برية قوية، كان مؤشر القياس لها القصف الإسرائيلي العنيف وغير المسبوق على الضاحية الجنوبية وُصُـولاً إلى بيروت العاصمة وغزة الفلسطينية.
ورابعاً فالزخم الذي يتناوله العدوان الإسرائيلي المرتقَب على إيران يفترض أن هذه فرصة لكسر شوكة إيران، حَيثُ ظل المجرم نتنياهو لعقود يسعى لتأليب أمريكا وعواصم الغرب لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية، مع ما روجت له وكالة الطاقة الذرية من وصول تخصيب اليورانيوم في بعض منشآت إيران النووية على ضآلة حجمها إلى نسبة تقترب من 84 %، واقترابها من صنع أسلحة نووية رغم أن هذا لا يستند إلى حقائق ومعلومات مؤكّـدة، وكان آخر استنفار أمريكي إسرائيلي في مارس 2023م؛ أي قبل انطلاق معركة (طوفان الأقصى) بستة أشهر.
أمام هذه الأهداف والتحضير الأمريكي الإسرائيلي والترويج للعدوان على إيران، تؤكّـد الأخيرة استعدادها لمواجهة أي عدوان بل والرد القوي على أي تهور أمريكي إسرائيلي غربي، حَيثُ بدا أن طهران منذ تنفيذ عملية الوعد الصادق كانت جاهزة للرد على أي عدوان صهيوني جديد، وهي اليوم تعزز قوة الدفاع والردع لأي تطاول أَو تجاوز قادم، حَيثُ كانت مجموع الزيارات والمواقف التي أعقبت تهديدات تل أبيب وواشنطن بالرد، والتي قامت بها الرئاسة والخارجية وانتهاءً بخطبة السيد الخامنئي توحي بثقة طهران في قدراتها على التصدي والردع.
قبل أَيَّـام أعلن وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، أن “إسرائيل ستتلقى صفعة أكثر شدة في حال ردها على عملية الوعد الصادق والهجوم الصاروخي الإيراني الأخير”، مُضيفاً “لم نستخدم قدراتنا الصاروخية الأكثر تطوراً وذات القوة التدميرية الأكبر بعملية الوعد الصادق 2”.
وتابع “إذا تعرضت المنطقة للتصعيد والحرب سنتعامل بشدة أكبر في الموجات القادمة”، هذه التصريحات تدرك واشنطن جديتها وتداعياتها على المنطقة والعالم، فضلاً عن أن استهداف منشآت إيران النووية ليس بالأمر اليسير، حَيثُ تشير تحليلات إلى أن إنجاز هذه المهمة بحاجة لدور أمريكي مباشر وكثيف تشارك فيه طائرات الشبح إف 35 إلى جانب طائرات إف 15، فيما تبدو إيران أكثر استعداداً لمواجهة أي جنون إسرائيلي وأمريكي، خَاصَّة إذَا ما كانت روسيا قد زوَّدت إيران بمنظومات الدفاع الأكثر تقدماً “منظومة إس 400” التي يمكنها إسقاط طائرات الـ “إف 35″؛ ما قد يكون نكسة لواشنطن ولهذا الجيل من الطائرات.
يستند الدفاع الجوي الإيراني إلى عدة طبقات؛ بهَدفِ صد أي هجوم إسرائيلي أمريكي، وتتلخص هذه الدفاعات في ثلاث مستويات:
المستوى الأول ويشمل المدى الطويل، وفيه تستخدم صواريخ اعتراضية مداها أطول من 100 كيلومتر، وتتضمن مجموعة من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية كـ:
– منظومة صواريخ “باور-373، إيرانية الصنع، وقادرة على رصد الأهداف على بُعد أكثر من 400 كيلومتر، وصدها على بُعد يصل إلى 250 كيلومترًا.
– منظومة “إس300″، سوفيتية الصنع، تمتلك رادارات قادرة على رصد الأهداف حتى مدى 350 كيلومترًا، إلى جانب اعتراض الصواريخ على مسافة تصل إلى 200 كيلومتر.
– منظومة “أرمان”، وهذه المنظومة باستطاعتها اعتراض الصواريخ على مدى تقديري يصل بين 120 و180 كيلومترًا.
أما على المدى المتوسط، فتمتلك إيران عدة منظومات أبرزها:
– “خورديد 15″، وتستطيع اعتراض الصواريخ في مدى يصل إلى 75 كيلومترًا.
– “مرصاد”، وهي منظومة مطورة من الصواريخ الأمريكية “إم أي إم 23 هوك”، ويمكنها اعتراض الصواريخ على مسافة 40 كيلومترًا.
في فبراير 2024، أعلنت إيران، عن منظومتين محليتين إحداهما مضادة للصواريخ الباليستية والأُخرى للدفاع الجوي منخفض الارتفاع.
وأفَاد التلفزيون الإيراني بأنه تمت إزاحة الستار عن منظومة “أرمان” المضادة للصواريخ الباليستية ومنظومة “آذرخش” للدفاع الجوي منخفض الارتفاع.
وقال وزير الدفاع السابق، محمد رضا أشتياني، في حفل التعريف بالمنظومتَينِ في طهران: “اليوم تتم إزاحةُ الستار عن إنجازَينِ كبيرَينِ في مجال الصناعة الدفاعية الإيرانية”.
وأشَارَ أشتياني إلى أن منظومة أرمان هي منظومة تشغيلية متوسطة المدى وذات ارتفاع عالٍ يمكنها تحديد الأهداف على مسافة 180 كيلومترًا والاشتباك معها وتدميرها على مسافة 120 كيلومترًا.
ولفت إلى أن هذه المنظومة مرنة للغاية وجاهزة للتشغيل في أقلَّ من 3 دقائق وتوفر غطاءً موثوقاً به للدفاع عن البلاد، حسب قوله.
وعن منظومة آذرخش، ذكر وزير الدفاع أنها قادرة على رصد وتدمير الأهداف على ارتفاعات منخفضة حتى مسافة 50 كيلومترًا بـ4 صواريخ جاهزة للإطلاق.
وفي المدى القصير هناك أنظمة دفاع جوي فاعلة منها:
– أنظمة “تور”، ويصل مداها إلى نحو 12 كيلومترًا.
– نظام “يا زهراء” يصل إلى نحو 15 كيلومترًا.