عامُ من الإخفاق الصهيوني في قطاع غزة
الصمود||تقرير||
من المنازل والشوارع والمباني ومن تحت الأرض؛ يلتحم مقاومون من فصائل مختلفة ويجهزون الكمائن ويستهدفون آليات الاحتلال وقواته على امتداد قطاع غزة.
والتنسيق المشترك بين الفصائل المقاومة خاصة في قطاع غزة، ظهر كبيرا جدا على مستوى القيادات والمقاومين في الميدان، وهو ما أدى في كثير من الأحيان إلى تنفيذ عمليات قوية وضارية كبدت الاحتلال خسائر كبيرة.
ورغم الإمكانيات التي يمتلكها العدو الإسرائيلي مقارنة بفصائل المقاومة الفلسطينية، إلا أن الأخيرة أظهرت تفوقا غير مسبوق على الأرض، وأصبحت قادرة على النهوض مجددا في كل مرة، والسيطرة على المناطق فور خروج العدو منها، وهو ما يؤكد أن المقاومون من مختلف الفصائل موجودون في كل المناطق بلا استثناءات.
تفاصيل جديدة عن الطوفان
بعد عام من العملية البطولية، كشفت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أولى ساعات انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023.
وفي التّفاصيل، قالت كتائب القسّام “شهدت الساعة 6:25 من صباح السبت السابع من أكتوبر 2023، تنفيذ هجوم منسق ومتزامن بين كافة تخصصات وأسلحة كتائب القسام براً وبحراً وجواً على أكثر من 50 موقعاً في فرقة غزة والمنطقة الجنوبية بجيش الاحتلال”.
وأكدت أنّ الهجوم تم تحت غطاءٍ صاروخيٍ مكثف استهدف المواقع العسكرية والمستوطنات ومنظومات القيادة والسيطرة لدى العدو. وأوضحت أن عدد صواريخ القسام بلغت في الضربة الأولى 5500 صاروخ وقذيفة.
وذكرت القسّام أنّ 4500 مقاتلاً من قواتنا شاركوا في عملية “طوفان الأقصى”، 3000 منهم لعمليات المناورة و1500 لعمليات الدعم والإسناد.
وأشارت إلى أنه في أقل من ساعتين نجح المقاومون في اختراق الجدار الزائل والإغارة على جميع مواقع الفرقة المعادية وعددها 15 موقعاً عسكرياً، فضلاً عن الهجوم على 10 نقاط تدخل عسكرية وعلى فصيل الحماية المتواجد في 22 مستوطنة.
وتابعت “دمّر مجاهدونا الفرقة المعادية والسيطرة على قاعدة “رعيم” العسكرية التي كانت مفخرة جيش الاحتلال”.
كما دمر مقاتلو القسام واستهدفوا 1592 آلية عسكرية للاحتلال خلال معركة “طوفان الأقصى” حتى الآن، تنوعت بين دبابة وناقلة جند وجرافة عسكرية، إضافة إلى استهداف مقرات تجمع وتحصن الجنود.
ولفتت كتائب القسّام إلى أن العدو اعترف بمقتل 726 ضابطًا وجنديًا له، مؤكدًا أنهم سيواصلون كتابة التاريخ وتسديد الضربات للقوات المتوغلة في قطاع غزة لإجبارها على التراجع ودحرها عن أرضنا المباركة.
تدمير وسيطرة
وردًا على اعتداءات العدو الإسرائيلي بحق الأقصى والمرابطات، دمرت كتائب القسام قواعد ومواقع عسكرية لجيش العدو في غلاف غزة، خلال معركة “طوفان الأقصى”.
والمواقع والقواعد العسكرية التي دمرتها كتائب القسام هي “اميتي”، وموقع “فجّة”، وموقع إيرز، وموقع “صوفا” و”حوليت” و”يتيد”، و”بئيري”، و”كفار عزة”، وقاعدة “رعيم” العسكرية (مقر قيادة فرقة غزة).
كما دمرت المواقع العسكرية في “أوفاكيم” و”نتيفوت” و”مشمار هنيغف”، “بئيري” و”سديروت”، وموقع ناحل عوز العسكري، وموقع كرم أبو سالم العسكري، وموقع زكيم العسكري.
وخلفت عمليات القسام قتل العشرات من جنود العدو، وأسر عدد كبير من الجنود والضباط، والسيطرة على بعض المواقع والتحصن داخلها، والسيطرة على معدات وآليات العسكرية ووثائق، وحرق عدد من المركبات والأماكن الحساسة العسكرية.
سقطت دفاعات العدو حول غزة وانهار جيشه وجداره الذي لطالما تفاخر بتشييده لمحاصرة القطاع، وسقطت نظرية الأمن برمتها، عندما داستها أقدام مجاهدي القسام وعجلات عربات الدفع الرباعي وحلَّق فوقها سرب “صقر” الشراعي وسط مشهد يؤكد على نجاعة التخطيط وبراعة التطبيق والتميز في إخفاء أي دلائل للهجوم عن أجهزة استخبارات العدو المترهلة، وقد شارك في هذه العملية 4500 مجاهدا (3000 لعمليات المناورة و1500 لعمليات الدعم والإسناد).
فشل ذريع
مُنيت المنظومة الأمنية والعسكرية الصهيونية بفشل ذريع، وخابت جميع تقديراتها؛ ساعاتٌ وأيام وكتائب القسام تصُول وتجُول داخل المغتصبات المحاذية لقطاع غزة، وصواريخها تقصف عشرات الأهداف في العُمق الصهيوني، قبل أن يَفيق الجيش من صدمته ويقرر بدأ عملية برية عسكرية داخل القطاع بعد مشاورات عديدة ودعم غربي على المستويين السياسي والعسكري محاولاً ترميم صورة الجيش واستعادة الثقة من خلال نظرية الرَدع التي تحطمت صباح السبت على يد مجاهدي القسام الذين أثبتوا أن هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت.
عمليات بطولية ومعارك خالدة سطرها مجاهدو القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية بعد أن قرر العدو الدخول إلى قطاع غزة في السابع والعشرون من أكتوبر وبعد مرور 20 يوماً على الهجوم الكبير، حيث توغلت آليات العدو بعد سلسلة من الغارات العنيفة وقصف مدفعي مكثف استهدف أحياء وبلدات شمال ووسط وجنوب القطاع، ليتفاجأ من جديد بالترسانة الدفاعية لفصائل المقاومة ويدرك أنه دفع بجنوده إلى الموت والغرق في وحل غزة.
الياسين 105 .. فخر صناعة القسام
على مدار عام كامل من معركة طوفان الأقصى ذاع صيت قذيفة الياسين 105 كفخر للصناعة القسامية المحلية بعدما ثبتت كفاءتها العالية في اصطياد آليات العدو واختراق دروع دباباته.
ونجح مهندسو القسام في تطوير قذيفة من صناعة روسية، لتصبح الياسين 105 بعدما أضافوا إليها لمستهم الخاصة، وصنعت لتدمير المدرعات العسكرية، وجرى عليها تطويرات مختلفة حتى أضحت تدمر الميركافا فخر صناعة العسكرية الإسرائيلية.
قصة تحد وإنجاز
ونشرت كتائب القسام في تقرير خاص حول قصة “الياسين 105” قصة تحدٍ وإنجاز وسط الحصار، أشارت فيه إلى أنه وعلى مدار الصراع بين المحتل والمقاومة الفلسطينية اجتهد العدو وداعميه من المنظومة العالمية الظالمة بالمحافظة على التفوق الفارق بين الاحتلال الصهيوني من الدعم بالقدرات العسكرية والأسلحة المتطورة والمتطورة جداً والدعم المالي والدعم بالخبرات والقدرات العسكرية في مقابل حرمان الفلسطيني من بناء أي نوعٍ من أنواع القوة أو منحه حتى الحق في مواجهة صلف الاحتلال والتصدي لأي نوعٍ من عدوانه وإجرامه.
وقذيفة الياسين 105 مضادة للدروع صنعتها كتائب القسام، واستخدمتها لأول مرة في معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها في السابع من أكتوبر 2023.
أسمتها كتائب القسام الياسين 105 تيمنًا بمؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين القائد المؤسس للحركة، الذي اعتقلته إسرائيل مرات عدة، واغتالته على كرسيه المتحرك في 22 مارس 2004.
و”الياسين 105″ قذيفة “آر بي جي” محمولة على الكتف مضادة للدروع، صنعتها كتائب القسام في قطاع غزة عبر تطوير قذيفة “تاندوم 85” الروسية، التي استخدمتها المقاومة لأول مرة في معركة “الفرقان” في يناير/كانون الثاني 2009.
وقد استهدفت المقاومة بهذه القذيفة -التي ظهرت أيضا في كثير من العروض العسكرية لكتائب القسام- ناقلة جند إسرائيلية شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة ودمرتها بالكامل.
وفي معركة “العصف المأكول” في يوليو/تموز 2014، استخدمت المقاومة طرازا روسيا مطورا من قذيفة “تاندوم 85” وأثبت فعاليته، إذ فجرت به 9 دبابات إسرائيلية.
في فبراير/شباط 2017 أعلنت القسام أنها طورت نسخة محلية من قذيفة “تاندوم 85” وسمتها قذيفة “الياسين 105″، وقالت إنها أضافت إليها تحسينات طورت بها دقتها وفعاليتها ضد الدبابات والمركبات المدرعة عموما.
وأضافت الكتائب في فيلم وثائقي عن الشهيد محمد القوقا، أحد قادتها الميدانيين الذين اغتالهم الاحتلال، أن قذيفة “بانتوم 85” أثبتت فعاليتها في حرب 2014 وألحقت خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي.
وقال القيادي في الكتائب رائد سعد في شهادة في الفيلم نفسه إن الشهيد القوقا كان له دور مهم في تطوير هذه القذيفة إلى نسخة “الياسين 105”.
وأعلنت كتائب القسام عن استخدام قذيفة “الياسين 105” لأول مرة في حرب “طوفان الأقصى”، وكشف عن ذلك الناطق باسمها أبو عبيدة في خطاب له يوم السبت 28 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأسقطت هذه القذيفة في بداية المعركة على دبابة من الجو بواسطة طائرة مسيرة، كما استهدف بها المقاومون دبابات إسرائيل من مسافات قريبة في عدة مناطق بقطاع غزة.
المميزات والمواصفات
تتكون قذيفة الياسين من رأس تدميرية مزدوجة، تحتوي على حشوتين تنفجران عبر مرحلتين، الأولى تنفجر وتخرق الدرع الخارجي، والثانية تخترق فولاذ الدبابة وتنفجر بداخلها.
ويقدر مدى قذيفة “الياسين 105” بما بين 100 و500 متر، ويكون مداها المؤثر في حدود 150 مترا، كما تبلغ سرعتها القصوى 300 متر في الثانية.
وأبرز مواصفاتها وخصائصها ما يلي: ذات قدرة تدميرية عالية، وتستخدم ضد الآليات المدرعة تدريعا عاليا، ويتم إطلاقها بقاذف “آر بي جي” محمول على الكتف.
كما لها رأس حربي مزدوج يحطم الدرع الخارجي للآلية وتخترقها وتدمرها من الداخل، وعيار القذيفة: 64/105 مليمتر.
كما يبلغ الوزن الكلي لها 4.5 كيلوغرامات، والمدى الفعال لها يبلغ 100 متر، والمدى المؤثر 150 مترًا، ولها قدرة الاختراق في الحديد الصلب 60 سم بعد الدرع الخارجية.
القسام تضرب “تل أبيب”
خلال الأيام الماضية، كثف العدو الإسرائيلي من إجراءاته الأمنية في مدن الداخل الفلسطيني المحتل، خشية تنفيذ عمليات فدائية في الذكرى الأولى لانطلاق معركة “طوفان الأقصى”. بنى العدو خلال الفترة الماضية، منظومة سلوكه الأمنية، على افتراض أن التهديد الحقيقي للعمق، سيكون من خلال الأفراد القادرين للوصول إليه بأجسادهم لتنفيذ عمليات إطلاق نار أو دهس أو طعن. لكن ورغم إشارته إلى إمكانية إطلاق صواريخ من قطاع غزة، إلا أنه لم يولي اهتماما إعلاميا وعملياتيا لاحتمال وصول صواريخ إلى “تل أبيب” مصدرها القطاع.
يعجز العدو مرة أخرى أمام المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية حماس. 5 صواريخ انطلقت من القطاع كانت قادرة على أن تبدد وهم تفكيك القسام كمنظمة عسكرية تدار بطريقة مركزية، وهو الإعلان الذي صدّره جيش العدو لجمهوره وللعالم قبل نحو أسبوع. في الإعلان المذكور، ادعى الجيش أن القسام لم تعد قادرة على العمل كمنظمة عسكرية متعددة التخصصات، لكن ما حدث ، والقدرة التي أثبتتها القسام على التنسيق بين كافة تخصصات العمل العسكري؛ إطلاق الصواريخ وتبنيها واختيار التوقيت الحساس، يثبت أنها تدار بشكل منظم ومنسق وهذا سيضع إعلان جيش العدو في أزمة مع جمهوره.
أيضا، الجغرافيا التي انطلقت منها الصواريخ؛ خانيونس، وفق إعلان جيش العدو، كان قد أعلن عن إتمام مهامه العسكرية فيها بما يشمل إزالة كافة التهديدات المتعلقة بإمكانية إطلاق صواريخ منها. ويأتي إطلاق الصواريخ من خانيونس، ليؤكد فشل العمليات العسكرية الإسرائيلية هناك، وهو فشل أصبح من الممكن ملاحظته وقياسه لدى المستوطنين الصهاينة الذين دخلوا بالملايين إلى الملاجئ، فالوسط أو المركز كان اليوم تحت تهديد الصواريخ التي انطلقت من منطقة يجب أن لا تشكل تهديدا – كما روّج العدو لجمهوره -. وهذا الانطباع أو التصور، سوف ينسحب نسبيا على كل إعلانات العدو بخصوص المناطق التي يدخلها.
وفي الجانب الأمني أو الاستخباراتي، أكدت الصواريخ التي انطلقت في ذكرى طوفان الأقصى نحو “تل أبيب” فشل العدو مرة أخرى في لعبة التنبؤ والاستهداف المسبق لعمليات المقاومة، وهو فشل كان أبرز ملامحه التاريخية السابع من أكتوبر من العام الماضي. أما ما حدث اليوم، فيعدّ امتداد لهذا الفشل، فلم تستطع الأذرع الاستخباراتية لدى العدو إحباط هذه الضربة التي تعني الكثير لدى الفلسطينيين والمستوطنين – على حد سواء – خاصة بعد مرور عام على حرب إبادة واستهداف واستنزاف لكل ما هو فلسطيني. انطلقت الصواريخ ووصلت إلى وجهتها ودمّرت ممتلكات وأصابت مستوطنين في ذروة الاحتفال الإسرائيلي بـ”دقة المعلومات” و”قوة الاستخبارات” بعد اغتيال عدد من قادة المقاومة في جبهات الإسناد.