صمود وانتصار

الحضور اليمني في معركة صوفان الأقصى .. سقوط الرهانات بتنامي القوة

الصمود||

تؤكد الوقائع المستجدة في المنطقة أن قوة الجيش اليمني تتنامى بوضوح، مما يُفضي إلى تغييرات كبيرة على الساحة الإقليمية والدولية. يعترف المسؤولين الأمريكيين بأن تحديد مواقع تخزين الأسلحة اليمنية تحول إلى تحدٍ حقيقي، مما يُظهر ثغرات عميقة في استخباراتهم.

هكذا أشار توماس جونو، الأستاذ المشارك في جامعة أوتاوا، إلى صعوبة تصور استراتيجية فعالة من شأنها إجبار “الحوثيين” على وقف هجماتهم. ويُرجح توماس أن “الحوثيين” يقدرون مخاطرة تحمل أضرار متواضعة نتيجة الضربات الأمريكية، باعتبار أن التكلفة تستحق العناء. مستشهدا، بأن ” الحوثيين” في اليمن، أثبتوا قدرتهم على الصمود في وجه الضغوط الناجمة عن الغارات الجوية التي شنها التحالف السعودي والإماراتي لأكثر من عشرة أعوام، ويظهرون تنوعًا ملحوظًا في تكتيكاتهم العسكرية من خلال انتشار أصولهم في المناطق الجبلية والحضرية.

من “حارس الازدهار” إلى هارب البحار

وفيما تدور بعض الروايات في الصحافة الغربية والتي تدور حول استفادة الجيش اليمني من العمليات العسكرية الغربية ضده لتعزيز شعبيته لدى الجماهير العربية، خصوصًا المؤيدة للقضية الفلسطينية. في حين يرى فريق آخر أن تجديد الولايات المتحدة لتصنيف “الحوثيين ” ككيان إرهابي لن يؤثر بشكل كبير على قوتهم، بل قد يؤدي فقط لتوفير مزيد من الدعم لهم. فيما تذهب مراكز الأبحاث إلى أن “الحوثيين” يمثلون واقعًا معقدًا يتداخل مع الأحداث الجارية، خاصة بعد أن قدموا تحركاتهم كنوع من التضامن مع الفلسطينيين وشكل من أشكال “العقوبات” على “إسرائيل”. إلا أن الواقع طوال عام من المواجهة أثبت العجز الأمريكي والغربي بعد الفشل في تغيير المشهد في البحر الأحمر.

يتجلى الضغط اليمني على العدو الإسرائيلي بوضوح، ما نشره موقع “World Cargo News” المتخصص بشؤون النقل والشحن البحري ، يوم أمس، من أن ضربات قوات المسلحة اليمنية على السفن الغربية للشحن في مياه البحر الأحمر، أدى إلى انخفاض أحجام التجارة بنسبة 85% في ميناء “ايلات”. مؤكدا أن تلك الضربات “دفعت الميناء (إيلات) إلى طلب المساعدة المالية من الحكومة الإسرائيلية”.

وأفاد بأن ميناء إيلات “لم يشهد أي نشاط أو إيرادات لمدة ثمانية أشهر، وفقا لما أفاد به الرئيس التنفيذي جدعون جولبرت أمام لجنة الشؤون الاقتصادية في الكنيست في 7 يوليو الماضي”. ولفت الموقع النظر إلى “الارتفاع القصير في الربع الرابع من عام 2022”.

وعلى هامش جدلية ما يدور على خشبة مسرح الواقع من متغيرات ديناميكية نافية، أطلق بعض المحللين الأمريكيين تكهنات حول احتمال أن الجيش اليمني قد يعلن الانتصار إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، معتبرين ذلك بمثابة دليل على ضغطهم الفعال على “إسرائيل” وحلفائها. يُظهر هذا التطور، بلا شك، كيف أن الجيش اليمني أصبح جزءً لا يتجزأ من معادلة القوة الإقليمية، مما يستلزم من القوى الكبرى إعادة التفكير في استراتيجياتها والقرارات التي تتخذها في سياق الأحداث المتسارعة في المنطقة.

مع اتساع تداعيات ميزان احتساب المواقف بمقدار ما يملكه الأمر الواقع من قوة تفرض حضوره على رؤوس الكارهين، جاء اعتراف محللين أمريكيين وغيرهم بامتلاك اليمن زمام المبادرة في إدارة حركة الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن. التحولات الأخيرة للإستراتيجية اليمنية جعلت من صيغة “تحالف الازدهار” في المنطقة شيئًا يتلاشى، ليعود الأمر نحو واقع جديد يتمثل في “هارب البحار”.

أمريكا في سلسلة من “الإخفاقات”

أثر الواقع بشكل عميق على حركة الشحن والتجارة الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية في المياه الإقليمية، التي باتت تحت سيطرة الجيش اليمني، مما جعل أي تحرك من هذا التحالف، مجتمعًا أو فرادى، يُسفر عن اضطرار هذه القوى إلى التراجع والفرار.

بحسب التقارير، انخفضت حركة الشحن عبر جنوب البحر الأحمر بنحو 70% منذ أوائل ديسمبر، وشهدت شحنات الحاويات انخفاضًا بنحو 90%، بينما توقفت عمليات عبور ناقلات الغاز تقريبًا. في هذا السياق، أكد الجيش اليمني للعالم، بعيدًا عن التهديدات الإسرائيلية وحلفائها، أن شحناتهم في أمان تام، وذلك نظرًا لسيطرة الجيش اليمني على حركة الملاحة البحرية.

تُظهر هذه السيطرة اليمنية قوة في ضمان الأمان للسفن التجارية العالمية، حيث أجبرت البحرية اليمنية حاملات الطائرات والبوارج الأمريكية على الهروب، مما أوقعها في سلسلة من “الإخفاقات” وأجبرها على سحب جميع قطعها البحرية من البحر الأحمر وخليج عدن مرورًا بالبحر العربي والمحيط الهندي.

تفوق بسرعة الصوت

ومع مرور الوقت، تتصاعد المكانة الحضورية لليمن، بفضل ما أنجزته القوات المسلحة من تقدم في مجال الصناعات العسكرية وتحقيق قدرات تفوق ما حصلت عليه “إسرائيل” وحلفاؤها على مر عقود من الأبحاث والدراسات والتطوير في العديد من المجالات الحربية، بما في ذلك الفضاء والحرب السيبرانية والذكاء الاصطناعي.

علاوة على ذلك، خرجت الإدارة الأمريكية من على منابرها الإعلامية لتُعلن للعالم أن المستقبل يكتنفه الغموض بشأن استقرار البحر الأحمر، مضيفة أن “الحوثيين” يواصلون مسار تفوقهم بسرعة الصوت نحو تطوير قدراتهم التسليحية. وأكدت التقارير أن الجيش اليمني يمتلك صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، قادرة على بلوغ سرعات تصل إلى 10 ماخ (أي 10 أضعاف سرعة الصوت) وتعمل بالوقود الصلب، مما يجعل اعتراض مثل هذه الصواريخ أمرًا صعبًا للغاية.

تشمل الترسانة اليمنية أيضًا صواريخ بحر-بحر، وصواريخ كروز “قدس Z-0“، وصواريخ “طوفان”، وكلها تُصنع داخل اليمن، مما يعكس التقدم الملحوظ في القدرات العسكرية ويعزز من موقف اليمن  كقوة مؤثرة في معادلات الصراع الإقليمي.

طفرة تكتيكية كبيرة

وتتزايد قوة الجيش اليمني بشكل ملحوظ، ومن المحتمل أن يشهد العالم طفرة كبيرة في تأثيره على المستوى الإقليمي والدولي. قدرات اليمن المتقدمة تجاوزت حدود الواقع، حيث اعترفت حاملات الطائرات الأمريكية المنسحبة من البحر الأحمر وخليج عدن بذلك. وكالات الاستخبارات الأمريكية والغربية أكدت مراراً وتكراراً أن “الحوثيين” يمتلكون القدرة على تجديد إمداداتهم وتطوير تكتيكاتهم، مما يمكنهم من السيطرة على مسرح العمليات في أي معركة يخوضونها. لقد تمكن “الحوثيون” من إسقاط أسطورة التجسس الأمريكية (QM9)، مما يجعل من الصعب للغاية تصور استراتيجية يمكن أن تجبرهم على وقف هجماتهم أو دعمهم لغزة ولبنان.

أمريكا، التي باتت غارقة في مستنقع اليمن، أدركت من خلال التجربة أن الضربات الجوية والردع ليسا الحل. لم يعد أمامها وحليفاتها سوى محاولة إعادة تأجيج الصراع الداخلي في اليمن، مستخدمة مرتزقتها المأجورين . فيوم أمس صرح وزير دفاع حكومة المرتزقة محسن الداعري، بالجهوزية لتفجير الوضع عسكرياً وتحريك الجبهات من جديد، واستخدام النغمة القديمة والمشروخة بالتحرك نحو العاصمة صنعاء. وأكد المرتزق الداعري، في حوار مع جريدة الشرق الأوسط السعودية نشرته السبت، أن ميليشيا ومرتزقة العدوان الذين يقاتلون تحت يافطة ما يسمى “الجيش الوطني” جاهزون لتنفيذ خيارات أسيادهم الإسرائيليين والأمريكيين والبريطانيين ومن خلفهم السعودية والإماراتي، والتي تهدف تلك الخيارات إلى تحريك الجبهات واشغال قوات صنعاء عن مهامها الخارجية المتمثلة في مواجهة الكيان الصهيوني بالبحر الأحمر، دفاعاً عن الشعب الفلسطيني المظلوم.

وفي وقاحة واستخفاف كبيرين، نصب وزير دفاع حكومة المرتزقة محسن الداعري نفسه، ناطقاً باسم الجيش الصهيوني، عندما تحدث بأن عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر دفاعاً عن الشعب الفلسطيني، تمثل استهدافاً للملاحة الدولية وتشكل خطراً على المنطقة، وهي العمليات نفسها التي تلاقي حتى اللحظة ترحيباً دولياً وعربياً واسلامياً منقطع النظير في أوساط الشعوب.

وكشف الخائن الداعري، عن التنسيق والتعاون الكبير الذي وصفه بالعالي، بين حكومة الفنادق وما سماها قيادة العمليات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن ممثلة بأمريكا والسعودية والامارات، مشيداً بالدور المحوري الذي تلعبه تلك الدول في تقديم كافة أشكال الدعم للمرتزقة والعملاء المحليين من أجل الوقوف إلى جانب مصالح الكيان الصهيوني في المنطقة، لافتاً إلى أن المملكة لم تبخل يوماً من الأيام عن تقديم الدعم سواء العسكري أو المادي أو المعنوي، ناهيك عن الدعم اللوجستي في تقديم الخبرات والمعلومات وغيرها.

عجز في الجيش الأمريكي

تعاني الولايات المتحدة الأمريكية وضعا صعبا جراء عدم جدوائية أسلحتها البحرية أمام الجيش اليمني، وكذلك قلة قطعها البحرية، إلا أن الأهم، هو العجز الكبير في المخزون البشري للبحرية الأمريكية، الأمر الذي أدى بواشنطن لاستيعاب مجندين جدد والزج بهم في المعارك البحرية دون إخضاعهم للتدريب المكثف، حسبما جرت العادة في الولايات المتحدة.

ونشرت وكالة “أسوشيتيد برس” تحقيقا عسكريا أمريكيا عن سبب غرق ضابطين من قوات النخبة البحرية في بحر العرب. حيث خلص التحقيق إلى أن حالات الغرق كانت بسبب فشل التدريب وعدم الفهم بشأن أجهزة التعويم في حالات الطوارئ. مشيرا إلى أن  أفراد قوات النخبة البحرية الأمريكية كانوا مثقلين بمعدات ثقيلة، مما جعل من الصعب عليهم البقاء على قيد الحياة.

وانتقد التقرير البحرية الأمريكية بسبب أوجه القصور في التدريب و السياسات والتكتيكات والإجراءات. كما كشف التقرير أن هدف المهمة اعتراض الأسلحة اليمنية. كما أكد أن الضربات الأمريكية الانتقامية  لم تردع هجمات “الحوثيين”. كما أفاد التقرير إلى أن عمليات البحث عن أفراد قوات النخبة في البحرية الأمريكية لم تنجح بالرغم من استمرارها لـ10أيام بسبب عمق المياه.

التأثير على التجارة الأمريكية

وكشف تقرير جديد صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الجمعة أن تدفقات النفط الخام والمنتجات النفطية التي تمر عبر مضيق باب المندب قد انخفضت بشكل كبير في عام 2024، بنسبة تزيد عن 50٪ مقارنة بالعام السابق.

 ووفقًا لموقع oilprice الأمريكي المتخصص في شؤون الطاقة، فإن هذه النقطة الاستراتيجية الموجودة عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر تلعب دورًا حاسمًا في تجارة الطاقة العالمية، حيث يمكن أن تؤدي الاضطرابات في المنطقة إلى تأخيرات كبيرة في سلاسل التوريد، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الشحن وزيادة أسعار الطاقة العالمية.

وذكر الموقع أن التوترات في البحر الأحمر أدى بالعديد من شركات الشحن حاليًا بتجنب مضيق باب المندب، والاتجاه إلى الطرق البحرية الأطول والأكثر تكلفة حول رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي لأفريقيا. وهذا التحول أدى، وفقًا للموقع، إلى تقليل تدفقات النفط عبر البحر الأحمر من متوسط 8.7 مليون برميل يوميًا في عام 2023 إلى 4.0 مليون برميل يوميًا فقط في عام 2024. في الوقت نفسه، ارتفعت شحنات النفط حول رأس الرجاء الصالح إلى 9.2 مليون برميل يوميًا في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، مقارنةً بـ 6.0 مليون برميل يوميًا في عام 2023. ويضع هذا التحول ضغوطًا على أسواق الطاقة العالمية، خاصةً وأن أوروبا والمناطق الأخرى تعتمد بشكل كبير على هذه الطرق البحرية لاستيراد الطاقة.

في أغسطس/آب، توقعت شركة ترافجورا، إحدى أكبر شركات تجارة النفط المستقلة في العالم، أن ناقلات النفط وحدها ستستهلك 200 ألف برميل إضافية يوميًا من وقود النفط هذا العام مع تحويلها حول رأس الرجاء الصالح، مما يمثل زيادة بنسبة 4.5٪ في الانبعاثات السنوية من ناقلات النفط وحدها. وأشار الموقع الأمريكي إلى أن نقاط الاختناق مثل باب المندب وقناة السويس تعتبر ذات أهمية حيوية لضمان التدفق السلس للنفط والغاز الطبيعي من الخليج إلى الأسواق العالمية، وأن أي تعطيل لهذه الطرق البحرية الضيقة، حتى لفترة قصيرة، يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية على العرض، وزيادة التكاليف وربما تقلب استقرار أسعار الطاقة عالميًا.

إعادة تشكيل التجارة العالمية

وفي تقرير لصحيفة (gCaptain) نقل عن شركة زينيتا ، أن التحويلات حول رأس الرجاء الصالح تسبب في زيادة الطلب العالمي على ميل TEU بنسبة 17.2% على أساس سنوي في عام 2024. ومن أجل تعويض أوقات العبور الأطول، من المتوقع أن ينمو الأسطول العالمي بنسبة 4.5% في عام 2025. وفي حين أن النمو أقل من نصف النمو في عام 2024، فإن السعة الإضافية ستساعد في تخفيف تأثير مسافات الإبحار الأطول حول إفريقيا.

وحتى مع انخفاض الطلب الاستهلاكي العالمي، فقد أدت الطرق الأطول إلى إرساء أرضية اصطناعية لأسعار الشحن. قد تكون أسعار الشحن البحري أقل من مستوياتها المرتفعة، ولكن مقارنة بأسعار ما قبل البحر الأحمر، فإنها ترتفع من +241% لكل وحدة مكافئة لعشرين قدماً من الشرق الأقصى إلى الساحل الغربي، إلى +148% من الشرق الأقصى إلى أوروبا و+112% من الشرق الأقصى إلى البحر الأبيض المتوسط. وهذا، إلى جانب الرسوم الإضافية، يعني أن سعر السفر على الطريق البحري لن ينخفض ​​في أي وقت قريب.

وكان إعلان شركتي ميرسك وهاباغ لويد يوم الأربعاء ، والذي يفيد بأن تحالفهما جيميني، الذي يبدأ في فبراير/شباط، لن يعبر البحر الأحمر حتى يصبح آمناً، مثالاً على تطبيع هذا التحويل بشكل متزايد.

” إيميلي ستاوسبول”، المحللة البارزة للشحن في زينيتا، قالت إنه مع عدم وجود أي علامة على التوصل إلى حل سياسي للصراع في البحر الأحمر وتأكيد شركات النقل الكبرى أن السفن ستستمر في التحويل حول أفريقيا في عام 2025، يتعين على شركات الشحن أن تتوقع المزيد من الاضطرابات في العام المقبل.

وقالت ستاوسبول “هذا يضع السوق في موقف حرج للغاية لأن أي اضطرابات أخرى ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الشحن الفوري مرة أخرى إذا استمرت عمليات تحويل البحر الأحمر في امتصاص الطاقة الاستيعابية للشحنات”. “من غير المرجح للغاية العودة على نطاق واسع إلى البحر الأحمر، ولكن من الممكن أن تبدأ بعض شركات النقل التابعة للصين في الإبحار عبر المنطقة في عام 2025 إذا تم اعتبار المخاطر منخفضة بما يكفي. سيخلق هذا ديناميكية سوقية مثيرة للاهتمام إذا كان لدى شركات الشحن خيار وقت عبور أقصر مع شركات النقل الآسيوية عبر قناة السويس أو وقت عبور أطول مع شركات النقل الأوروبية حول إفريقيا “.

وأوضح بول براشير، نائب رئيس سلسلة التوريد العالمية في شركة ITS Logistics، أن تحويلات البحر الأحمر غيرت بشكل كبير كيفية جلب البضائع إلى الولايات المتحدة من آسيا وخاصة جنوب شرق آسيا. وقال براشير: “يقوم الشاحنون الأمريكيون بتوجيه معظم هذه البضائع عبر موانئ الساحل الغربي وزيادة استخدام السكك الحديدية لنقل هذه البضائع إلى الساحل الشرقي”. “لقد أدى هذا التحول النموذجي إلى إعادة العمليات إلى ما كانت عليه قبل كوفيد وقبل اضطراب العمالة في الساحل الغربي”.

وقال براشير إن القلق الأكبر في الوقت الراهن هو الاعتماد الكبير على السكك الحديدية لهذا التحول. وأضاف براشير: “نحن نراقب عن كثب ما إذا كانت البنية التحتية الحالية للسكك الحديدية قادرة على التعامل مع هذا الحجم ونقل البضائع إلى سلسلة التوريد الأمريكية حسب الحاجة. وسيكون عام 2025 عامًا مهمًا لذلك”.

وقال آلان بير، الرئيس التنفيذي لشركة أو إل يو إس إيه، إن المستوردين والمصدرين الأميركيين قاموا بتكييف سلاسل التوريد الخاصة بهم مع أوقات العبور الممتدة الناتجة عن الرحلة حول أفريقيا بدلاً من قناة السويس. وهذا من شأنه أن يخلق فرصاً لأجزاء أخرى من العالم ويعزز طرق التجارة الإضافية. وقال باير: “نظرًا لارتفاع مخاطر تحويل السفن حول أفريقيا، فقد تسارع اعتماد مصادر إمداد جديدة للعديد من المنظمات، بما في ذلك نشاط الموانئ القريبة في أمريكا الوسطى والجنوبية”.

عمليات معقدة

وكشفت صحيفة “بيزنس إنسايدر” الأمريكية عن إنفاق واشنطن أكثر من 22 مليار دولار على العمليات العسكرية التابعة لها في المنطقة خلال العام الماضي، لا سيما المواجهة المباشرة مع القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر في إطار مساندة أمريكا للكيان الغاصب. ووصفت الصحيفة قتال البحرية الأمريكية مع القوات المسلحة اليمنية “بالمعقد” و”المكلف للغاية”.

وقالت إن مبادرة بحثية لجامعة “براون” بشأن مشروع تكاليف الحرب، وجدت أن الولايات المتحدة أنفقت ما لا يقل عن 22.76 مليار دولار على توفير الأسلحة “لإسرائيل” والعمليات العسكرية الأميركية ذات الصلة في الشرق الأوسط، موضحة أن هذا الرقم يغطي التكاليف حتى نهاية سبتمبر، وقد تم الإعلان عنه في تقرير صدر الاثنين المنصرم، ويتألف هذا الرقم من 17.9 مليار دولار على الأقل من المساعدات الأمنية المعتمدة “لإسرائيل”، وما لا يقل عن 4.86 مليار دولار للعمليات العسكرية الأميركية الفاشلة، لمواجهة القوات اليمنية في البحر الأحمر.

وأضافت أن إدارة بايدن أرسلت إلى “إسرائيل” قذائف مدفعية وصواريخ مضادة للدبابات وقنابل موجهة ومجموعات قنابل وطائرات بدون طيار وأسلحة أخرى منذ أكتوبر 2023، وقد استخدمت إسرائيل هذه الأسلحة لمحاربة محور المقاومة بما في ذلك حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، ومهاجمة اليمن.

كما عزز البنتاغون وجوده العسكري بشكل كبير في الشرق الأوسط وما حوله منذ بدء الحرب الصهيونية الاجرامية في غزة أكتوبر الماضي، حيث أرسلت واشنطن قوات إضافية وسفناً حربية وطائرات مقاتلة إلى منطقة الشرق الأوسط للدفاع عن إسرائيل.

وأكدت صحيفة “بيزنس إنسايدر” أن القوات المسلحة اليمنية تنفذ عمليات عسكرية متواصلة ضد السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها، في البحر الأحمر وخليج عدن، باستخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار رخيصة الثمن، وردًا على ذلك، تحاول القوات البحرية الأمريكية إسقاط هذه التهديدات بشكل روتيني وتنفيذ ضربات ضد قوات صنعاء باستخدام ذخائر تبلغ قيمتها في كثير من الأحيان ملايين الدولارات، واصفة القتال مع قوات صنعاء بأنه “تحد معقد بشكل غير متوقع ومكلف بشكل غير متماثل”.

في نهاية المطاف

شكل صعود الجيش اليمني تحدياً جديداً للجهود الغربية لحماية الملاحة الإسرائيلية. كما أنه يسلط الضوء على العيوب في استراتيجية الولايات المتحدة التي تعتمد على الردع وفرض النفوذ بالقوة، متجاهلة أن هناك دورة معكوسة تستعد للمواجهة، مما يغير بوصلة قبلة العالم ويعلن انتهاء فترة صلاحية الصلاة في الاتجاه غرباً.