ذكرى 14 أُكتوبر تُعيدنا إلى جذور الاستعمار وآثاره المُدمّـرة
مقالات ||د. نجيب علي مناع
يوم 14 أُكتوبر ليس مُجَـرّد تاريخ على التقويم، بل هو ذكرى مجيدة تُعيدنا إلى جذور الاستعمار وتذكرنا بآثاره المُدمّـرة على الشعوب المُستعمرة.
14 أُكتوبر 1963 هو تاريخ مُؤلم وَمُشرِّف في آنٍ واحد. إنه يومٌ نُذكّر فيه بانتهاكات المستعمر البريطاني في اليمن، وكيف مارس جرائمه ضد شعبٍ ضحّى بالكثير للحصول على حريته واستقلاله.
كان المستعمر البريطاني يمارس جرائمه تحت شعار “الحماية والوصاية” لكن الحقيقة المُرة أن هذا الشعار لم يكن سوى ستار للسلب والاستغلال. فقد قُتل الآلاف من المدنيين، وتشرد مئات الآلاف من بيوتهم، وَصُودرت ثروات البلاد. لم يُحترم المستعمر أيًّا من المبادئ الأخلاقية أَو القوانين الدولية، فقد استخدم كُـلّ أشكال القوة والخداع للحفاظ على نفوذه ومصالحه.
ولكن الشعب اليمني لم يستسلم للمستعمر، فقد قاومه منذ أول يوم، وضحّى بأرواح رجاله وأمواله؛ مِن أجلِ الحرية والاستقلال؛ وقد كانت نتيجة النضال المُشترك بين الشعب والجيش اليمني، هو انتصار الإرادَة وإخراج المستعمر من اليمن.
لكن وللأسف لا يزال التاريخ يُعيد نفسه؛ فبينما نحتفل بذكرى خروج المستعمر البريطاني من اليمن، نلاحظ التاريخ يعيد نفسه، فمن المستعمر البريطاني إلى المستعمر الإماراتي والسعوديّ، تُكرّر الدول المحتلّة نفس أساليب السلب والاستغلال، وتنتهك سيادة الشعوب، وتهتك عزّتهم وكرامتهم. والهدف لا يزال واضحًا: هو نهب ثروات الشعوب وإخضاعهم لإرادَة الدول المحتلّة.
من المؤسف أن نرى بعض الدول العربية والإسلامية ترمي بنفسها في أحضان المستعمر، وتشارك في إهانة الشعوب، وتساهم في سلب الحريات، وذلك على الرغم من التاريخ المُر الذي يُظهر خطورة الاستعمار.
يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا هامًّا في محاربة الاستعمار ووقف انتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان، وذلك بعد خروجه نفسه من تبعية دول الاستكبار والهيمنة على قراراته… ومن ثَم من خلال ضغطه على الدول المحتلّة ومحاسبتها على جرائمها وكل من يخالف القوانين والأعراف الدولية.
يجب على الشعوب العربية والمُسلمة أن تدرك خطورة الاستعمار ومخاطره، وأن تقاومه بكافة الطرق وألَّا تعول على الدول الكبرى المتسترة بعناوينَ مزخرفة.
إذ يمكن للمقاومة الشعبيّة أن تلعب دورًا هامًّا في إفشال مخطّطات المُستعمر الجديد، وذلك من خلال توحيد الصفوف والتكاتف والتصدي لانتهاكات الاستعمار.
لا يمكن للأجيال الحالية أن تنسى جرائم المستعمرين أَو أن تغفل عن تاريخ أُمتها وآلام ضحاياها. يجب علينا أن نواصل نضال الشعوب المُستعمَرة، وأن ندعم حقهم في الحرية والاستقلال وأن نُثبِتَ أن الشعوب تستطيع أن تحدّد مستقبلها بنفسها، ولن تخضع لإرادَة المُستعمرين مهما كان شكله وَنوعه وعنوانه.