صمود وانتصار

واشنطن قلقة على شبكات عملائها: حزب الله يُحصي أنفاسنا في بيروت … مسؤول أمني لبناني يروي تفاصيل التعاون مع الولايات المتحدة أعطونا أموالاً نقدية وأخذوا ما يريدون من داتا

أميركا قلقة على شبكات عملائها: حزب الله يُحصي أنفاسنا في بيروت
قال أحد المسؤولين في الأجهزة الأمنية في لبنان :”إن الجانب الأميركي يُظهر قلقًا أمنيًا متزايدًا في المدة الأخيرة”، مضيفًا “يبدو أن الأميركيين يقومون بأعمال يتوقعون أن تحصل رد فعل عليها، ولذلك يريدون توسيع نطاق الحماية لجميع مقراتهم وأماكن وجودهم، كما منعوا الموظفين من التحرك خارج السفارة”.

وفي حديث لصحيفة “الأخبار”، أوضح المصدر نفسه أن “جهاز حماية السفارة الأميركية في لبنان، والمعروف في الحكومة اللبنانية باسم RSO (مكتب الأمن الإقليمي)، أجرى “تعزيزات أمنية واتخذ إجراءات كبيرة لحماية السفارة في عوكر، وشكّل قوة تدخّل خاصة من لبنانيين يعملون في قسم الحراسة، بعدما خضعوا لفحص أمني وتدريبات عسكرية خاصة”. وقال المسؤول الأمني إنه: “من خلال التواصل مع السفارة والتدابير التي تقوم بها قواتنا لحمايتها، لاحظنا أن هناك عناصر من غير الأميركيين زُوّدوا بأسلحة خاصة، وصاروا مكلّفين بالتدخل السريع والمساندة في حال بروز خطر أمني على السفارة”.

هذا؛ ويقول المسؤول الأمني اللبناني “إن الجانب الأميركي، بالرغم من طلباته الدائمة، لا يثق بقدرة الجهات العسكرية والأمنية اللبنانية على توفير الحماية الكاملة للسفارة أو للعاملين فيها”، متحدّثًا عن “أحد مساعدي مدير محطة الـCIA في بيروت أنه قال في جلسة غير رسمية إن حزب الله لديه شبكة من المتعاونين تتيح له مراقبة عمل المحطة وتحرك أفرادها، وإنه وجّه ضربات سابقة صامتة، بما في ذلك الوصول إلى بعض المصادر البشرية العاملة بشكل مباشر مع وكالة الاستخبارات الأميركية”-.

وبحسب المصدر نفسه، فإن الأميركيين يظهرون خشية من أن يكون حزب الله يملك تفاصيل كاملة عن عمل المحطة في بيروت، خصوصًا أنه سبق له قبل أكثر من 10 سنوات أن نشر تقريرًا عبر قناة “المنار” ضمّنه معلومات شاملة ودقيقة عن عمل المحطة في بيروت، ما أدى يومها إلى اتخاذ قرار سريع من لانغلي بسحب جميع العاملين في محطة بيروت، ووقف العمل في كل الأمكنة التي كانت تُستخدم سابقًا، وتغيير كل السيارات ووسائل الاتصال بين أفرادها.

ووفق المسؤول الأمني اللبناني، فإنّ القلق زاد حاليًا، وسيكون أكثر حساسية، كون حزب الله عرضة لحرب شاملة من العدو، وهو يرى أن الولايات المتحدة شريكة للعدو في حربه، وهذا سيؤثر بقوة على أي لبناني يتعاون مع الأميركيين، سواء أكان موظفًا في مؤسسة رسمية أم خاصة، كونه سيُعد في نظر اللبنانيين شريكًا في جرائم تُرتكب بحق مواطنين لبنانيين آخرين، وفق قوله، ويجزم المسؤول بأن: “حزب الله أعطى الكثير من الإشارات على أنه يملك داتا مفصّلة وواسعة حول شبكات المتعاونين مع الاستخبارات الأميركية في لبنان، وأنه سبق أن وصل إليهم مباشرة”.

وختم المصدر بالقول: “في هذه الحال، يمكن فهم قلق الأميركيين من أن يكونوا عرضة لضربات أمنية مفاجئة، خصوصًا أن التقديرات التي سمعوها من أجهزة أمنية لبنانية أكدت كلها أن الضربات التي تلقّاها الحزب من “إسرائيل” لم تؤثر على بنيته ولا هي كافية لشل قدراته العسكرية والأمنية”.

مسؤول أمني يروي تفاصيل التعاون مع أميركا: أعطونا أموالاً نقدية وأخذوا ما يريدون من داتا
في الحرب المفتوحة لا ينفع النقاش الكيدي مع أعداء المقاومة في الداخل والخارج. لكنّ الحديث الصريح عمّا يجري في سياق هذه الحرب، يوجب التخلي عن مبدأ التحفظ الذي كان قائماً لفترة طويلة. وهو تحفّظ عكس، بخلاف ما يروّج له عملاء أميركا، رغبة قيادة المقاومة في احترام آليات عمل المؤسسات الرسمية. وهي رغبة تطورت بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، عندما تولّى هو، شخصياً، إبلاغ جهات لبنانية وغير لبنانية بأن لديه تعهداً شخصياً من الشهيد السيد حسن نصرالله، بأن المقاومة لن تتعرض للمصالح الغربية والعربية في لبنان.

وتضمّنت آلية التعاون أيضاً التزام المقاومة بأن لا تقوم باعتقال أو ملاحقة أجانب مشتبه في تعاونهم مع العدو، أو مع شبكات أمنية عالمية تعمل ضد المقاومة. وقد تُرجم الأمر، طوال سنوات، بالتزام المقاومة بتسليم أي مشتبه فيه للأجهزة الأمنية الرسمية، وبقي هذا الالتزام قائماً إلى ما قبل أيام، عندما أوقفت اللجنة الأمنية في حزب الله إسرائيلياً يحمل جواز سفر أميركياً كان يتجوّل في الضاحية بصفة صحافي. ورغم إقراره بأنه إسرائيلي خدم في جيش الاحتلال، عمد الحزب إلى تسليمه لمديرية المخابرات في الجيش، على أن تتولى التحقيق معه وإبقاءه موقوفاً ريثما يتم التثبت من الأنشطة التي قام بها. ولكن، كما جرت العادة، فإن الولايات المتحدة التي يبدو أنها تسيطر على قرارات قيادة الجيش، سارعت إلى إرسال قوة تسلّمت الموقوف من اليرزة وعملت على ترحيله من لبنان، من دون أي نقاش.
وقال مسؤول أمني لبناني كانت تربطه علاقات قوية بعمل الأجهزة الأمنية الأميركية إنه بعد الانهيار المالي عام 2019، وتراجع قدرات الدولة المالية، قرّرت الولايات المتحدة زيادة مساعداتها للقوى العسكرية والأمنية. وكشف عن حادثة غريبة «حصلت قبل أكثر من عامين، عندما وُجّهت الدعوة إلى قادة الأجهزة الأمنية لحضور لقاء عمل في مقر السفارة في عوكر، حيث كان في انتظارهم مسؤولون في الاستخبارات سألوا عن احتياجات الأجهزة الأمنية. وقبل نهاية اللقاء، وزّع أحد المسؤولين الأميركيين حقائب كبيرة على المسؤولين اللبنانيين الحاضرين، تبيّن أنها تحوي أموالاً نقدية بمئات آلاف الدولارات». وأشار المسؤول إلى «حفلة تندّر وتنمّر حصلت بين قادة الأجهزة أنفسهم، بعدما تبيّن أن المساعدات لم توزع بطريقة متساوية بين الأجهزة الأمنية، وأن الحصة الكبرى كانت للجيش اللبناني، وأن قسماً من الأموال ذهب إلى مكتب قائد الجيش، وهو غير ما وصل إلى مديرية الاستخبارات في الجيش، علماً أن الجانب الأميركي لا يخفي أنه «يوفر دعماً مالياً لقيادة الجيش، وقد أبلغ أكثر من وزير دفاع بأن هذا الدعم المالي مخصّص لقيادة الجيش ولها الحق في التصرف به وفق ما تراه مناسباً”.
طلبت محطة الـCAI معلومات عن المقاومة وعن المخيمات الفلسطينية وراقبت حدود سوريا عبر الأبراج والمُسيّرات

وقبل توسّع الحرب القائمة مع العدو، كان جميع العاملين في الحقل الأمني الرسمي في لبنان، بمن في ذلك رجال استخبارات من عواصم أوروبية، يتواجدون في لبنان بصفة دبلوماسية، قد أكدوا أن برنامج عمل الاستخبارات المركزية الأميركية كان يتوسّع مع الوقت، وأن محطة بيروت تعمل من دون توقف على جمع المعلومات من خلال مصادر تقنية ومن خلال عناصر بشرية، وتمّ تجنيد عدد لا بأس به من الموظفين في مؤسسات رسمية وخاصة في لبنان. وكانت عمليات جمع المعلومات تركّز على بيئة حزب الله وعلى تنظيمه العسكري إضافة إلى المخيمات الفلسطينية والعمل على رسم خارطة لانتشار عناصر فلسطينيين يقول الأميركيون إنهم عناصر في كتائب القسام التابعة لحركة حماس، وإن هؤلاء يعملون في لبنان بالتنسيق مع حزب الله.
ومنذ فتح جبهة الإسناد اللبنانية للمقاومة في غزة، تطور العمل الاستخباراتي الأميركي في لبنان. وتبيّن للجهات الفنية التي تعمل في عالم الرادارات أن طائرات الاستطلاع الأميركية ذات القدرات العالية على التحليق، سواء لناحية الارتفاع أو لناحية المدة الزمنية، كانت تتواجد لوقت طويل فوق سماء لبنان، علماً أن الولايات المتحدة فرضت سابقاً على الجيش اللبناني أن يكون هناك تواجد لفريق عسكري أميركي في قاعدة حامات يتولى الإشراف على إدارة حركة المُسيّرات التي قرّرت الولايات المتحدة منحها للجيش اللبناني. ولطالما شكا الأميركيون من أن عمليات تشويش تقوم بها القوات الروسية المنتشرة على الساحل السوري تؤثّر على عمل هذه المُسيّرات، قبل أن يتبيّن أن الجانب الأميركي كان يرسل هذه المُسيّرات في رحلات استطلاع فوق السلسلة الشرقية عند الحدود اللبنانية – السورية، بحجة مراقبة عمليات التهريب. لكنّ حقيقة الأمر أن هذه المُسيّرات كانت تجمع معطيات وتوثّق ما تعتبره عمليات نقل أسلحة إلى حزب الله عبر سوريا. وكان الأميركيون يديرون حركة هذه المُسيّرات بحيث تصل إلى نقاط لا يتمكن طيران العدو الإسرائيلي من الوصول إليها.
وتعرف قيادة الجيش اللبناني أن الجانب الأميركي يحصل من خلال برنامج «أونلاين» على الداتا التي يتم جمعها من خلال أبراج المراقبة التي بناها البريطانيون مع الأفواج الحدودية التابعة للجيش اللبناني. لكن ما تعرفه قيادة الجيش أكثر هو أنه حصل قبل نحو عامين أن تبلّغ مكتب قائد الجيش رسالة من حزب الله، فيها تفاصيل حول رصد مُسيّرة تابعة للجيش تمّ توجيهها من قبل الأميركيين فوق معسكرات للمقاومة، وأنها ركّزت على مراقبة مواقع كان الأميركيون قد زعموا أنها مراكز تصنيع لإنتاج الصواريخ الدقيقة. ويومها، طلب قائد الجيش العماد جوزيف عون من قيادة المقاومة أن يتفقّد الجيش هذه المنشآت لتقديم البراهين للأميركيين بأنه لا وجود لمثل هذه المنشآت العسكرية، فرُفض طلبه.

 

المصدر : الأخبار اللبنانية