دلالات قصف اليمن بقاذفات استراتيجية شبحية “B2”
بعد فشل الولايات المتحدة الأمريكية في وقف المساندة اليمنية لقطاع غزة، وإعادة حرية الملاحة لكيان العدو “الإسرائيلي” في البحر الأحمر وعبر باب المندب، وبالرغم من إنشائها للتحالف العدواني المسمى “حارس الازدهار”، والدفع بالأوروبيين لتشكيل تحالف “أسبيدس”، واستخدام واشنطن لحاملات الطائرات والمجموعات البحرية المتنوعة بين الغواصات النووية والبوارج وغيرها، لجأت إلى القاذفات الاستراتيجية لتصنع الصورة التي تظنها مرعبة لليمنيين.
قررت واشنطن تحت ضغط الفشل الذريع في البحر؛ أن ترسل قاذفات “B2” وتشنّ عدوانًا جويًا على اليمن، تدعي فيه ضرب مخازن أسلحة تحت الأرض في خمسة مواقع بصنعاء وصعدة.
في بيانه عن عملية الاعتداء الاخيرة؛ قال وزير الحرب الأمريكي لويد أوستن إنّ القصف شكّل: “استعراضًا فريدًا لقدرة الولايات المتحدة على استهداف المنشآت التي يسعى خصومنا إلى إبقائها بعيدة عن متناولنا، بصرف النظر عن مدى عمقها تحت الأرض أو صلابتها أو تحصينها”. ورأى أن استخدام قاذفات B-2 Spirit بعيدة المدى والخفية: “يُظهر القدرات العالية للولايات المتحدة على اتخاذ إجراءات ضد هذه الأهداف عند الضرورة، في أي وقت، وفي أي مكان”.
ما ورد في هذه الخطابة لم يكن مجهولاً لكثيرين في العالم، وقدرات الولايات المتحدة معروفة، وتقدمها أيضًا ليس خفيًا على أحد.. لكن ما يمكن أن يكون سرًا حتى هذه اللحظة، أو بعبارة أدق، تحاول واشنطن إخفاءه، هو الفشل والعجز أمام القوات المسلحة اليمنية، وفرار إيزنهاور حاملة الطائرات الأمريكية، واختباء خليفتها روزفيلت بعيدًا عن مرمى الصواريخ اليمنية وذراعها الطويلة، وبقاءها في خليج عمان، وعدم تفكيرها حتى مجرد التفكير بالاقتراب من شعاع العمليات اليمنية، وحتى الحاملة “لنكولن” لم تغير منهج لـ”روزفيلت” التي غادرت مؤخرًا منطقة العمليات.
لقد كان أوستن أكثر صراحة، وهو يعبر عن طبيعة العملية “الاستعراضية”، وهو الامر الذي ردّده الإعلام والصحافة الأمريكية، حيث ذكرت “واشنطن بوست”، أن “البنتاغون” يستخدم قاذفات “B2″، بشكل محدود في المهام القتالية، مشيرة إلى أن ذلك غالبًا ما يكون “استعراض للقوة”، ويشير إلى أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى قواعد قريبة لضرب خصومها، حيث تعتمد هذه الطائرة على التزود بالوقود جوًا لتنفيذ مهامها من دون الحاجة للهبوط”.
عند هذه النقطة تحديدًا، هناك ترجيحات لسبب آخر لاستخدام القاذفة “B2″، لإلقاء قنابل “GBu” التي يمكن لغيرها من الطائرات مثل “F16” أن تقوم بها، إلّا أنّ الحاجة للاستعراض مشفوعة بقدرة “B2” على الوصول لمسافات أبعد، لا تصل إليها “F16” مثلاً، والتي كان يفترض بها لتنفيذ المهمة أن تنطلق من مطارات قريبة، أو حاملات طائرات، وهو الأمر المتعذر. أمّا بالنسبة لحاملات الطائرات؛ فلأنها لم تجرؤ على الاقتراب، وظلت بعيدة عن مديات القدرات اليمنية.
أما بخصوص المطارات؛ فقد نقلت “واشنطن بوست” أيضًا :”أن احتمال توسع النزاع بين إسرائيل وإيران، ترك بعض حلفاء الولايات المتحدة العرب في حالٍ من عدم الارتياح”، مشيرة إلى تصريحات مسؤولين قطريين، هذا الأسبوع، بأنهم لن يسمحوا لـ”البنتاغون” باستخدام قاعدة العديد الجوية، وهي منشأة واسعة تضم طائرات مقاتلة أميركية، لشنّ هجوم على أي دولة أخرى”.
هذا الأمر ينطبق على كل من السعودية والإمارات كما تحدثت عن ذلك تقارير متطابقة مع بداية تشكيل ما سمي بـ”تحالف الازدهار” الذي رفضت كل من الرياض وأبو ظبي الانصمام إليه. وهنا يجب الالتفات إلى إشارة السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير، عن ان واشنطن فشلت في الدفع ببعض الأطراف للتصعيد في اليمن، بالرغم من محاولاتها المتكررة.
إن محاولة واشنطن استعراض القوة لإرهاب اليمن ودفعها للتوقف عن مواقفها المبدئية والدينية والأخلاقية والإنسانية لدعم غزة ولبنان في مواجهة العدو الصهيوني كلها ستفشل.. وكما فشلت “إيزنهاور” و”روزفيلت” وأصبحت اأم عناوين الفشل والخيبة في الصحافة العالمية وحتى الأمريكية، فلن تعوضها صورة القاذفات الاستراتيجية، والميدان هو من يؤكد صحة ذلك.
علي الدرواني