صمود وانتصار

التوسع العسكري الصهيوني في الصومال.. تأثيره على الأمن القومي اليمني

الصمود||تقرير||أنس القاضي

 نشر موقع “ميدل إيست مونيتور” مأدة بعنوان ” سعي إسرائيل إلى العمق الاستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي عبر أرض الصومال”، للكاتب أحمد فيفا رندي. تحليل هذه مادة التقرير من منظور الصراع الراهن في الإقليم بين الكيان الصهيوني ومحور المقاومة، يكشف عن مجموعة من الأبعاد الاستراتيجية المتعلقة بالتحالفات العدوانية الإقليمية ومحاولة العدو الصهيوني توسيع النفوذ الجيوسياسي، يمكن فهم سعي “إسرائيل” إلى تعزيز علاقاتها مع “أرض الصومال”(1) عبر عدد من النقاط الرئيسية:

العمق الاستراتيجي للصهاينة

يسعى  الكيان الصهيوني دائمًا إلى توسيع عمقه الاستراتيجي بعيدًا عن حدوده، بهدف مواجهة التهديدات الإقليمية المتعددة، خاصة من قوى المقاومة ومن ذلك الجمهورية اليمنية اليوم. التواجد “الإسرائيلي” في أرض الصومال يأتي ضمن هذا الإطار، حيث يوفر لإسرائيل قاعدة لوجستية قريبة من مضيق باب المندب الحيوي، وهو منطقة ذات أهمية استراتيجية في التجارة العالمية وأمن الطاقة، وللكيان بحد ذاته إذ تعتمد تجارته على البحر بنسبة 90% ومع إغلاق اليمن للبحر الأحمر في وجه سفنه، فإنه أكثر إلحاحاً لإيجاد موطئ قدم جنوب البحر الأحمر.

التحالفات مع دول الخليج:

 تشير الوساطة الإماراتية في إقامة قاعدة عسكرية إسرائيلية في أرض الصومال إلى عمق التعاون بين “إسرائيل” والإمارات، الذي تعزز بشكل كبير بعد “اتفاقيات إبراهيم”. الإمارات و”إسرائيل” تشتركان في العداء لمحور المقاومة، وتعتبران الجمهورية اليمنية بقيادة أنصار الله تهديدًا مشتركًا، ما يجعل التعاون العسكري والاستخباراتي بينهما في أماكن مثل أرض الصومال وسقطرى أمرًا منطقيًا في هذا السياق.

وباعتبار اليمن نقطة رئيسية في الصراع الإقليمي بين التحالف العربي العدواني المدعوم من الغرب، وجبهة إسناد رئيسة في معركة طوفان الأقصى، فإن إنشاء قواعد إسرائيلية قرب مضيق باب المندب يعزز قدرة “إسرائيل” على رصد والتحكم في التحركات البحرية اليمنية في المنطقة.

التنافس الدولي في القرن الأفريقي:

منطقة القرن الأفريقي باتت ساحة للتنافس بين العديد من القوى الإقليمية والعالمية، بما في ذلك الصين وتركيا والإمارات. سعي الكيان إلى تعزيز وجوده في المنطقة يعكس هذا التنافس، لا سيما في ظل الأهمية المتزايدة لموانئ المنطقة ومضيق باب المندب في التجارة العالمية.

الأبعاد الاقتصادية:

 إلى جانب الأبعاد الأمنية، تقدم أرض الصومال فرصًا اقتصادية لإسرائيل، خاصة في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والبنية التحتية، هذه الاستثمارات قد تعزز التواجد الصهيوني في المنطقة بشكل أكبر، مما يمكن أن يؤدي إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المنافذ التجارية والموانئ الهامة.

العلاقة بإثيوبيا:

رغم أن الاتفاق بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال قبل شهر قد يبدو ظاهريًا كاتفاق محلي يعزز العلاقات الاقتصادية أو الأمنية، إلا أن التحرك الإسرائيلي في المنطقة قد يكون مرتبطًا بشكل غير مباشر بهذا الاتفاق، كجزء من سعي “إسرائيل” لتعزيز وجودها في القرن الأفريقي وحماية مصالحها البحرية والإقليمية غير المشروعة، خاصة في ظل التحالفات الإقليمية المعقدة التي تشمل الإمارات وإثيوبيا.

باختصار، يسعى التوسع الإسرائيلي في أرض الصومال إلى تأمين المصالح الإسرائيلية على المدى الطويل، سواء عبر مواجهة التهديدات الأمنية أو تعزيز فرصها الاقتصادية، مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع الإمارات ودول أخرى في المنطقة.

التأثيرات على الأمن القومي اليمني

التواجد الإسرائيلي بالقرب من السواحل اليمنية:

سعت “إسرائيل” إلى إقامة قاعدة عسكرية في أرض الصومال يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي اليمني، خصوصًا بالنظر إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي لأرض الصومال بالقرب من مضيق باب المندب. هذه المنطقة البحرية الحيوية تؤثر على التجارة الدولية، ووجود “إسرائيل” قد يعرقل أو يحد من السيادة اليمنية على مياهها الإقليمية وقدرتها على التحكم في باب المندب، ويؤثر على ممارسة اليمن النفوذ العسكري البحري. 

هذا التحالف قد يزيد من الضغوط على صنعاء ويغذي الصراع الداخلي في اليمن بدعمه المرتزقة، مما يعزز استمرار الانقسامات السياسية والعسكرية.

التهديدات البحرية والاستراتيجية:

قاعدة عسكرية إسرائيلية في أرض الصومال أو جزيرة سقطرى كما تم التلميح في الخبر، قد تزيد من المخاطر الأمنية البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. التحكم الإسرائيلي-الإماراتي في هذه المناطق الاستراتيجية قد يحد من نفوذ اليمن البحري.

التأثير على السيادة اليمنية في جزيرة سقطرى:

الخبر يشير إلى وجود تعاون بين الإمارات و”إسرائيل” لإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية. هذا يمثل تهديدًا مباشرًا للسيادة اليمنية على سقطرى، والتي تعتبر منطقة حيوية واستراتيجية. السيطرة على سقطرى من قبل أطراف خارجية مثل الإمارات و”إسرائيل” قد تؤدي إلى فقدان اليمن لأحد أهم مناطقه الاستراتيجية في المحيط الهندي.

التنافس الإقليمي في البحر الأحمر:

التواجد الإسرائيلي في القرن الأفريقي يعزز التنافس الإقليمي على النفوذ في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة عسكرة المنطقة وتصعيد الأوضاع العسكرية على سواحل اليمن، مما يشكل تهديدًا طويل الأمد للأمن القومي اليمني.

باختصار، التوسع الإسرائيلي في منطقة القرن الأفريقي، بمساعدة الإمارات، يمثل تهديدًا مركبًا للأمن القومي اليمني، من خلال التأثير على سيادة اليمن، زيادة الضغوط العسكرية، والتحكم بالمنافذ البحرية الاستراتيجية.

في مواجهة هذه التهديدات التي تستهدف الأمن القومي اليمني، على حكومة صنعاء اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستراتيجية التي تتناسب مع تعقيد الأوضاع الإقليمية والدولية.