صمود وانتصار

نجاحات الردع الإيراني والفشل والإخفاقات للكيان الصهيوني

الصمود||مقالات||عبدالجبار الغراب

حقائق واضحة كاملة، ووقائع ظاهرة ثابتة، ومعطيات وبراهين شاهدة، ومسارات متعددة ودلائل رسمتها مختلف المتغيرات الكبيرة والتي أوجدت معادلات جديدة سريعة في الحدوث فرضتها مختلف الأسباب التي افتعلها الصهاينة بإشعالهم للحروب في أكثر من منطقة، فارتفع نسقها التصاعدي وإظهارها الحقيقي في البروز لقوة إقليمية عظمى كشفت عن إمْكَانياتها العسكرية وكفاءاتها في الدفاع عن قضايا الأُمَّــة الإسلامية ومقدساتها المنهوبة، هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي وضعت ومنذ قيامها وإلى الآن الوقوف الدائم في وجه قوى الشر والاستكبار العالمي من الأمريكان والصهاينة وإفشالها لكل مساعيهم الدائمة ومخطّطاتهم المُستمرّة في السيطرة على كُـلّ ما يتصل للعرب والمسلمين من ثروات ومقدرات، ليظهر الحال الفعلي والأكيد بحسب الأهداف التي وضعتها الثورة الإسلامية الإيرانية لمناصرة القضية الفلسطينية ودعم مقاومتها وبكل ما تحتاجه من مساعدات تلبي حاجاتهم الكاملة لاستعادة دولتهم المحتلّة والدفاع عن أنفسهم، في ظل الخذلان والصمت العربي عن مساندتهم وخنوع الحكام وانصياعهم لأمريكا وإسرائيل.

كان لتصاعد العدوان الإسرائيلي وارتكابه لمختلف أنواع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وذهابه إلى تحقيق مخطّطاته للقضاء على حركة المقاومة الفلسطينية أسبابها الفعلية لأحداث ثورة (طُوفَان الأقصى) عسكريًّا، والتي استبقتها المقاومة بانقضاضها على معسكرات الكيان ملحقة به هزيمة عسكرية غير مسبوقة في ظاهرة فريدة انكشف معها ضعف معسكراته وهشاشة أجهزته الاستخباراتية، ليقعوا في غبائهم الكبير بشنهم لعدوان همجي حقير على قطاع غزة المحاصر منذ سبعة عشر عاماً، ولأكثر من عام من عدوانهم الإجرامي تكبدوا الخسائر الفادحة واستنزفت كامل قواتهم وأصبحوا منبوذين عالميًّا، ملاحقين من محاكم الجنايات الدولية بارتكابهم إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة.

إخفاقات صهيونية متواصلة في كافة الجبهات والمحاور العسكرية من غزة والتي يغوص في وحلها، وعلى مدار عام كامل لم يستطع تحقيق أهدافه ولا استعادة أسراه، إلى لبنان وهروبه من مستنقع غزة العميق وارتكابه للحماقات باعتدائه على الدولة اللبنانية ليتعرض لأشد العمليات العسكرية، إلى اليمن والتي ألحقت به خسائر اقتصادية عظيمة بفرضها الحصار البحري عليه وبتسديدها للضربات الصاروخية الكبيرة إلى داخل عمقه، إلى العراق والتي أظهرت المقاومة فيها نجاحاتها في توجيهها للضربات الصاروخية وبالطائرات المسيّرة، مكبدة الكيان خسائر متنوعة عسكرية واقتصادية، وُصُـولاً إلى الجمهورية الإسلامية في إيران والتي أعطت دروسها العسكرية أفضليتها القوية الرادعة للكيان بنفاد صبرها الاستراتيجي وشنها لعمليات عسكرية بالوعد الصادق واحد والثاني، والتي كانت لها تأثيراتها الفعالة في إعادة الصهاينة لحساباتهم، واضعين بذلك العديد من الخيارات التي لا تورطهم بحرب مباشرة مع إيران هم فيها خاسرون.

عدوان إسرائيلي هزيل وضعيف على الجمهورية الإيرانية فلم يكون بحجم مختلف التصريحات النارية لقادة الكيان ولمدة ثلاثة أسابيع منذ عملية الوعد الصادق 2 والتي عصفت بالكيان، والذين بعدها طالما كان لتصريحاتهم استكبارهم بقدرتهم بتوجيه ضربات قوية لإيران لم يسبق لها مثيل، لينكشف الضعف الإسرائيلي والتي لم تجرؤ طائراته على اختراق الأجواء الإيرانية ولكنها على بُعد 70 ميلًا من الأجواء العراقية وجهت عدوانها الركيك والهش، ليتضح مدى المخاوف الكبيرة التي يعيشها الكيان والتي حذرت منه أمريكا لصعوبة توجيههم لضربات قوية للداخل الإيراني؛ لإدراكهم التام لعواقب وخطورة الرد الإيراني والذي يعلمون بمدى تأثيراته وقوته لإلحاق الضرر الكبير بكل القطاعات والمجالات الإسرائيلية المختلفة.

نجاح الردع الإيراني الكبير والمؤثر والفعال ونتائج الضربات الصاروخية العسكرية؛ ردًّا على الاغتيالات التي قام به كيان الاحتلال بحق الشهيد إسماعيل هنية والسيد حسن نصرالله وتحقيقها لأهدافها بدقة عالية وأمام العالم الذي شاهد حجم هذه الضربات الصاروخية التي هزت كامل الأراضي المحتلّة، وَأَيْـضاً إدراك الكيان الصهيوني بما تمتلكه إيران من قوة عسكرية متطورة لها كفاءتها العالية وقدرتها الفائقة في إلحاقها بالخسائر الفادحة له، جعلته يعيد تفكيره في إقدامه لأي تهور لضرب منشآت نووية أَو نفطية، مكتفياً وجاعلاً من استخدامه لعمليات استعراضيه قامت به طائراته الحربية بضربها لإيران، واضعة ومن خلالها متغيرًا جديدًا لمخاوفه المتزايدة أنهم إذَا ما ارتكبوا حماقات لاستهداف مناطق أَو أماكن هي خطوط حمراء بالنسبة لإيران قد يكون لها ردة فعل كبيرة ستهوي بهم إلى سبعين سنة إلى الوراء، لتنجح قوة الردع الإيرانية في إضعافها لكل الخيارات الصهيونية والتي وضعتهم في شرود وتيهان، ليس بمقدورهم ارتكاب تهور كبير قد تكون عواقبه فظيعة ستعجل بزوالهم الأكيد.