صمود وانتصار

هل ستجني “إسرائيل” ثمارَ إسرائيلياتها؟!

عدنان علي الكبسي

إن اللهَ -سُبحانَه وتعالى- من خلال النبي الأكرم محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) ومن خلال القرآن الكريم وفّر أرضيةً صُلبةً، ورؤيةً صحيحة، ومنطلقًا ثابتًا وسليمًا؟!.

والنبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) هيأ الأرضية الصحيحة، السليمة، الصُّلبة، التي يمكن أن تبنيَ الأُمَّــة الإسلامية عليها حضارتها؛ فيتحقّق للأُمَّـة فيها الخير، والعزة، والكرامة، والسعادة.

ولقد ورد في الحديث الصحيح، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبٍ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” قال: قال رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”: ((ألا إنها ستكون فتنة، قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله)).

وفي مصادر أهل السنة أن عمر بن الخطاب أتى النبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) فقال: إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال: (أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي)، وفي رواية: أن النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) غضب حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال: (أفي شك أنت يا ابن الخطاب ألم آت بها بيضاء نقية؟!، لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي).

وعلى الرغم أن الضمانة الحقيقية للأُمَّـة هو كتاب الله، وحينما تركته الأُمَّــة وبحثت عن الهدى من غير القرآن الكريم أضلها الله.

ابتعدت الأُمَّــة عن القرآن وعن النبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) فجاءت البدائل المغلوطة باسم الدين وفسح المجال للروايات الإسرائيلية لتبث سمومها في الوسط الإسلامي، فجاءت مثل هذه الروايات الكاذبة (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) لتفتح كُـلّ الأبواب لأحبار يهود تأسلموا لإدخَال ما حرَّفوه إلى الإسلام، وانتشرت الإسرائيليات في كتب التفسير والحديث.

اليهود عندما دخل بعضهم في الإسلام وكان على رأسهم كعب الأحبار وعبدالله بن سلام ووهب بن منبه حملوا سمومًا إسرائيلية، وتفننوا في نشر الأكاذيب باسم الإسلام، وأحياناً باسم النبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله).

فمن الإسرائيليات ما ينسبون إلى رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) كذبًا «أن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) قال: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله».

فلتبقى الأُمَّــة خانعة مستسلمة لا تدفع عن نفسها الخطر حتى تنادي الحجر بأن خلفها يهودي، وكذلك من الإسرائيليات ما ينسبون إلى رسول الله محمد كذبًا وبهتاناً (تصطلحون أنتم والروم، قالوا: (اليهود والنصارى)، قال: نعم، صلحًا عامًا، فتقاتلون عدوًا لكم وعدوًا لهم)، وهذه الكذبة اليهودية الإسرائيلية الدخيلة على ثقافة الأُمَّــة لا شك أنها تهيئ الساحة لليهود أن يحاربوا مع جزء من المسلمين وفي صف واحد ضد طرف من المسلمين، مع أن الله يقول في محكم كتابه العزيز: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}.

ولقد جنى اليهود ثمار الروايات الإسرائيلية التي تثبط الأُمَّــة عن جهادهم، فتخاذلت الأُمَّــة واستسلمت وخنعت وسكتت تصديقًا بالإسرائيليات.

في غزة وخلال عام وأقل من شهر سقط أكثر من مِئة وخمسين ألفاً ما بين شهيد ومفقود وجريح في فلسطين البلد العربي المسلم، في غزة أشلاء الأطفال تتناثر، ودماء النساء تُسفك، المباني إلى زوال، ومخيمات النازحين تحترق، مدينة خاوية على عروشها، تدمّـرت فيها مساكنها وحيطانها وسقوفها، دمار شامل للمساكن، وبعد القصف الجوي يتم نسفها بالبراميل المتفجرة.

العدوّ الإسرائيلي يلقي قنابله المدمّـرة والفتاكة على أبناء غزة، فتتمزق أجسادهم إلى أشلاء، وتتفحَّم جثامين أكثرهم، وأبناء الإسلام لا يحركون ساكناً ولا تسمع لهم ركزًا.

فهل ستجني “إسرائيل” ثمار إسرائيلياتها في القتال ضد المسلمين وبجانبهم ومعهم في مترسهم الذي سقطوا وتأثروا بالروايات الإسرائيلية؟!

هل الكيان الصهيوني يريد أن يخوض المعركة ضد محور الجهاد والمقاومة وفي صفه المنافقين؟!

هل سنسمع في المرحلة القادمة الفتاوى من علماء السوء بوجوب الجهاد مع الكيان الصهيوني لمواجهة العدوّ المشترك (الرافضة) حسب زعمهم؟!

فلربما أن علماء السوء يهيؤوا الأجواء اليوم ليكونوا في خندق واحد مع الكيان الإسرائيلي لمواجهة محور الجهاد المقاومة، وقد نرى حينها انتشاراً واسعاً لمقاطع فيديوهات لعلماء توجب الجهاد في صف اليهود، ولنسمع فتاوى علماء السوء التي توجب وجوبًا شرعيًا القتال مع الصهاينة ضد المؤمنين المجاهدين الصادقين من أبناء هذه الأُمَّــة، {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنصَرُونَ}.