الصناعات الحرفية اليمنية.. إبداع وأصالة وتاريخ مهدد بالانقراض بسبب المصنوعات المقلدة
تمتاز اليمن منذ القدم بالصناعات اليدوية، وقد احترف الإنسان اليمني الصناعة وأبدع فيها ، ذلك لما منح الله بلاد السعيدة من خيرات في باطن الأرض من المواد الخام التي طوعها الإنسان في صناعات مختلفة.
تتنوع صناعات اليمنيين الحرفية بحسب طبيعة كل منطقة والعوامل والمقومات المساعدة متمثلة في الموهبة والحس الفني الرفيع لدى الإنسان اليمني الذي أبدع كثيراً في فن الصناعات الحرفية اليدوية وأنتج بها أعمالاً ومشغولات يدوية من المعول وآلات الزراعة والبناء إلى المجوهرات والعقيق وغيرها، وقد كانت هذه الحرفة صناعات متطورة تلبي احتياج الإنسان اليمني في أرضه، في منزله، في كل مطارحه ، لكنها بفعل التطور الصناعي باتت هذه الصناعات اليدوية تراثاً تاريخياً يقتنيه اليمنيون والسياح العرب والأجانب للزينة وفي النادر ما تزال بعض المصنوعات اليدوية حاجة تلبيها هذه الحرفة وتتعدد وتتنوع بتنوع جبال وسهول اليمن ، والحرفيون اليمنيون كثيرون وفي مختلف المناطق اليمنية ، ويلاحظ أن كل نوع من هذه الحرف والصناعات اليدوية كانت تمارس من قبل أسر معينة أو في مناطق معينة ظلت تتوارثها جيلاً بعد جيل إلى وقتنا الحاضر.
ويرتبط اليمنيون منذ فجر التاريخ ارتباطا وثيقا بهذه الحرف والصناعات اليدوية ، ولا تزال إلى اليوم قائمة كمهن تقليدية تحتل مكانة كبيرة في أوساط المجتمع اليمني ومنها ما يُعَدُّ من أساسيات معيشة وحياة الإنسان ولا تخلو أي منطقة يمنية من حرفة بعينها وفقا لما تتوفر فيها من المواد الخام الطبيعية التي استغلها اليمني القديم لتحسين مستوى حياته، لذلك نجد تنوعا واضحا لهذه المنتجات الحرفية لتحاكي بذلك تنوع تضاريس البلاد ما بين الجبال والسهول والسواحل والوديان ولتبقى أحد أهم الشواهد الحية على عراقة وحضارة الإنسان اليمني وحسه الإبداعي الجميل .
تمتاز الصناعة الحرفية والمشغولات اليدوية بالجمال والروعة وتسحر عيون وعقول السياح الأجانب والعرب وكل من زار اليمن سواء كان بقصد السياحة أو غيرها وذلك لدقة وجودة هذه المشغولات اليدوية الرائعة، هذا التاريخ الحافل الذي تنبض به أسواق صنعاء القديمة كما يظهر ذلك بوضوح من خلال الصور التي التقطتها عدسة “الثورة” في المدينة التاريخية بات يعاني الأمرين ، ويواجه معضلة التقليد الذي يهدده بالانقراض ، وتنتشر في أسواق صنعاء القديمة مصنوعات مقلدة يتم استيراد بعضها من الخارج وتباع بأسعار زهيدة ،وبعضها تصنع محليا تحاكي المصنوعات التقليدية في شكلها لكنها بلا جودة تسيء إلى المصنوعات التاريخية وتسيء أيضا إلى سمعة الصناعة اليمنية التي عرفت عبر التاريخ بجودتها العالية.
هذه مشكلة مطروحة على جهات الاختصاص في وزارة الثقافة ووزارة الصناعة وضبط الجودة ، لماذا لا يتم وضع ضوابط لها ومنع استيرادها ، ووضع علامة تجارية للمصنوعات التاريخية حتى تواصل ألقها وبريقها وديمومتها وتحميها من سيول المصنوعات المستوردة والمقلدة التي تكاد ان تتخم بها الأسواق المحلية وبالذات أسواق صنعاء القديمة.