صمود وانتصار

“إسرائيل” والفصلُ الأخير..!

غيث العبيدي

منذ أن انسجمت وتناسقت المصالح بين الصهيونية اليهودية، والصهيونية الصليبية، سعت كُـلٌّ منهما للاستمرار معًا نحو المجد والعلو والرفعة، لتحقيق ذات أهدافهم، بأدوات مشتركة، حتى دخلوا بصراعات مع كُـلّ من لا يتوافق معهم، للمحافظة على مجدهم المتحقّق، والبقاء على أعلى القمة المعنية بأحوال العالم ”العلو المشترك“ وكأنهم قديسون بأجنحة نسور، اجتمعوا حول ”مذابحهم“ وارتفعوا بفضائل ”مجازرهم“ ليجددوا شبابهم بها. فيما العالم أجمع أمام مجدهم هذا يتزعزع ويتفكك ويتقهقر.

بين عوامل الاندفاع للأعلى، وعوامل الشد للأسفل، وصلت كُـلٌّ من الصهيونيتين إلى ”النقطة الحرجة“ وبدأت المؤشرات تأذن بالهبوط، مع فقدان السيطرة على اتّجاه وسرعة وحركة الهاوية المقبلين عليها!!، حَيثُ لا يسعُهما البقاءُ في القمة بعد الأحداث والصراعات الأخيرة في الشرق الأوسط لأكثر من هذا الوقت.

▪️ بدايةُ التآكل الإقصاءُ من الشرق الأوسط:

تحولت الصهيونية اليهودية في “إسرائيل”، من استراتيجية ديناميكية فعالة في الشرق الأوسط، إلى عبء على الولايات الأمريكية، والقوى الغربية بصورة عامة، من خلال الطغيان غير المعهود، والأنفة غير المسبوقة، التي كشف الصراع في غزة ولبنان، توحشهم وإجرامهم، وصاعد من نسبة عزلتهم العالمية لمستويات غير مسبوقة، وحتى لا يصفهم العالم بنفس مزايا الصهيونية اليهودية، وحتى لا يصلوا للمستوى الذي وصلوا إليها الصهاينة، ويعيشون بنفس عزلتها، من الممكن جِـدًّا أن يتركوا يدها لتسقط وحيدة، ويمكن قراءة هذا المشهد من خلال مستوى الخسائر التي يتعرضون لها في كُـلّ جبهات المقاومة، والهجرة العكسية من الكيان إلى الخارج، والفجوة غير القابلة للترميم بين المستويَّين السياسي والعسكري، وتراجع نوعية الجندي الإسرائيلي، من مقاتلٍ مؤمن بالقضية اليهودية، لمقاتل متمرد أَو هارب من أرض المعركة.

▪️ سقوطُ فكرة الملاذ الآمن:

الفكرة التي تبجحت بها الصهيونية اليهودية كَثيرًا، وروجتها في كُـلّ المجتمعات الغربية اليهودية وغيرها، على أنها الملاذ الأكثر أمان في العالم، والقلعة التي يمكن أن ينعم بين ربوعها وحصونها كُـلُّ من يرغب بالانضمام إليهم، سواءٌ أكانوا أفراد، أَو منظمات وشركات، والاستقلالية التي يمكن أن ينعم بها الجميع، بددها (طُـوفَان الأقصى) من غزة، والوعد الصادق من إيران، وأولي البأس، من جنوب لبنان، وضربات المقاومة اليمنية والعراقية، والعمليات الاستشهادية في الجبهة الداخلية الصهيونية، ليتضح للجميع أن هزيمة الصهاينة فكرة واقعية جِـدًّا، وأن القوة التي أَلِفَتها الشعوب عنهم ما هي إلا أوهام، صنعتها الأنظمة السياسية الغربية والعربية، قبل أن يصنعها الصهاينةُ أنفسهم.

▪️ الصهيونية ومقاومة الهبوط:

الصراعُ بين الصهاينة ومحاور المقاومة، دلالاتُه وطول مدته، وعناوينه وحقائقه، وتحدياته موجودة وبعناوين راسخة، هناك جروح وآلام وإبادات ومجازر نعم، لكن هناك مؤشرات توحي بأن إصرار الكيان عليه، رغم هذا الكم الهائل من الفشل الاستخباري، وعدم تحقيق أيٍّ من أهدافه بل وتراجعه عن بعض الأهداف ‘مثلًا ‘بدلًا عن إعادة الأسرى بالقوة، أصبح التعديل ”عملية تبادل أسرى“ وبدلًا عن احتلال جنوب لبنان أصبحت ”عملية برية محدودة“ وبدلًا عن سحق إيران برد صاعق أصبح ”تعطيل أنظمة الدفاع الجوي“ وكل ما حصل وسيحصل لاحقًا، ما هو إلَّا محاولاتٍ لتأجيل هبوطهم المدوي، وهزيمتهم الماحقة، والمسألة مسألة وقت لا أكثر.