صمود وانتصار

رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليـه

فاطمــة الـراشدي

منحة إلهية عظيـمة، وفوز كبيـر، وأربح تجارة، هي الشهادة في سبيل الله تعالى.

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالقرآن، وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ، فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ، وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ صدق الله العظيم.

الشهداء كانوا ولا زالوا؛ صناع النصر وحافظي ماء وجه هذه الأُمَّــة، من أعادوا لنا عزنا ومجدنا، في زمن امتلأ بالفتن والحروب.

هم الأبطال من سطروا أروع الملاحم، وأعظم المنجزات، وأجمل الدروس في الشجاعة والإقدام والتضحيـة، وأن الشهادة في سبيل الله؛ كرامـة وعـزة لا ينالها إلا من كان ذو حظ عظيـم.

هم رجال باعوا أنفسهم لله، في سبيل إعلاء كلمته، فكانت جنة الله هي المقابل، لمن قدم وبذل نفسه في سبيله، فأعظم ربح هو ذلك الذي يكون مع الله وحده.

هم من رفضوا الخنوع والذل والاستسلام أمام طغاة العالم، رفضوا العيش بلا كرامة، فهبوا للجهاد دفاعًا عن الأرض والعرض، وجاهدوا في الله حق جهاده.

هم من لبوا النداء تاركين وراءهم حياتهم الدنيوية، غير مكترثين لها، ونفروا خفافًا وثقالًا، بأموالهم وأنفسهم.

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأموالهِمْ وَأنفسهِمْ أعظم دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ، وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾، لم يرتابوا من بعد إيمانهم، بل قدموا أعظم التضحيات، وسطروا أرقى البطولات، خاضوا المعارك الكبيرة رغم العتاد القليل والسلاح البسيط، لم يتركوا المتارس، ولم تنزل أصابعهم عن الزناد.

هم من تقف الحروف حائرة أمامهم، عاجزة عن التعبير والصياغة، أمام كُـلّ تلك البطولات التي باتت أشبه بالمعجزات والقصص الخيالية.

أبطال الجهاد من سجلوا أعظم الحكايا التي سيخلدها التاريخ ليرويها لأجيال قادمة، من أُريقت دمائهم لتتخضب بتراب الوطـن الطاهر، الذي سُكبت وسالت دفاعًا عنه وحفاظًا عليه.

هم من حملوا هـمّ هذه الأُمَّــة وقضاياها، وفضلوا كأس المنية والردى، عوضًا عن التراجع والقبول بالوصاية.

هم من انطلقوا على منهج وعقيدة؛ “إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”.

هم رجال صدقوا ما عاهدوا الله، فلم يبدلوا تبديـلاً..