اللصوص والأغذية الملوثة .. أسلحة صهيونية مبتكرة لإبادة أطفال غزة
الصمود||تقرير||
في قلب غزة، وفي مركز الإيواء في بيت لاهيا تحديدًا، حيث يتقاطع شبح الموت مع الحياة، وتحمل كل لحظة في طياتها معاناة وصمودًا. احتضنت “وردة خالد. أم غزاوية” غبن ابنتيها بقوة، بعد ما تسمّمتا من عصير فاسد.
وفي ذلك المركز، حيث لا يوجد طعام يسد الجوع ولا حتى أمان، وفي وسط الظلام، يظهر مشهد آخر يتعذر نسيانه؛ طفل رضيع برزت عظامه من بين ثنايا جسده الهزيل كي تروي تفاصيل مأساة.
المشهد نشره “الصحفي أنس الشريف”، وهو يحكي عن أطفال يموتون من الجوع، وأمهات يشاهدن أرواحهم وهي تتلاشى ببطء أمام أعينهن.. تروي “سميرة أبو سلطان” ما حدث في مركز “الشيماء”؛ حيث تعرض أكثر من 50 طفلاً للتسمم، ستة من أحفادها عانوا من الإسهال والقيء، قبل أن يُنقلوا إلى مستشفى كمال عدوان، المشهد في المستشفى كان مزدحمًا بأطفال يبحثون عن شيء يسد جوعهم.
حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من تفاقم المجاعة بشكل خطير، وتحديدًا في محافظتي غزة والشمال.
الأطفال باتوا أشبه بظلال هزيلة، كل يوم يمر عليهم يقربهم خطوة من الموت، ففي مستشفى كمال عدوان، يجد الأطباء أنفسهم يعالجون مئات حالات التسمم الغذائي. من بين هؤلاء المرضى، ثلاثة من أبناء “سامح أبو ستار” الذين تناولوا معلبات حصلوا عليها كجزء من مساعدات برنامج الأغذية العالمي، أحد الأطفال أيضًا يعاني من مشاكل جلدية نتيجة شرب مياه ملوثة.
“كاميليا ضاهر”، وزوجها وأطفالها الثلاثة، جميعهم نقلوا إلى عيادة صحية في مخيم النصيرات بعد تعرضهم للتسمم بسبب تناول معلبات وشرب مياه ملوثة، بينما لا تزال العيادات والمستشفيات القليلة تعمل بأقصى طاقتها لعلاج حالات التسمم والمرضى، يبقى الوضع حرجًا مع نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
في ظل هذه الظروف، تتبع العائلات الفلسطينية بعض الإجراءات الصحية لتقليل خطر التسمم، مثل محاولة غلي المياه قبل شربها، والبحث عن أي علامات فساد في الأطعمة قبل تناولها. ولكن، مع شح الموارد وصعوبة الحصول على مياه نظيفة وأطعمة صالحة، تظل هذه الإجراءات غير كافية لدرء الخطر.
من جانبها، تحذر المؤسسات الحقوقية الدولية من خطر المجاعة، وتؤكد على ضرورة السماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل لتجنب كارثة إنسانية أكبر. وفي هذا السياق، تبقى غزة صامدة رغم الألم والجوع، باحثة عن بصيص أمل في ظل الوضع القاتم.
ومع انتشار هاشتاج “#شمال_غزة_ يموت_ جوعًا”، اجتمع العالم الرقمي ليحكي عن مآسيهم.
نشر المغردون مقاطع توثق الجوع، بينما تواصلت حالات الوفاة للأطفال بسبب سوء التغذية. كان الأطفال يموتون، والعالم يشاهد بلا حراك.
وفي وسط هذه الظلمة، توقع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث أن يواجه نصف سكان غزة الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو، إذا لم يتم السماح بحرية وصول المساعدات، فإن الوقت يتسرب منهم، فكل دقيقة تأخير تعني حياة تضيع.
أفادت تقارير أن العدو الإسرائيلي زاد من تسهيل عمليات السطو على المساعدات، مما يفاقم معاناة سكان غزة الذين يحتاجون بشدة إلى المساعدة، حيث أكدت مصادر في غزة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمنح مجموعات منظمة من اللصوص فرص الانتشار بشكل متزايد في القطاع، وتؤكد مصادر حكومية أن العصابتين الرئيسيتين اللتين تنشطان في سرقة المساعدات هما عصابة “شادي الصوفي”، محكوم عليه إعدام بحق بسبب قضية قتل وعصابة “ياسر أبو شباب”، المدان بتهم تتعلق بالاتجار بالمخدرات، وتؤكد المصادر أن نشاط هذه العصابات يتركز في المناطق الجنوبية الشرقية وبالقرب من معبر كرم أبو سالم، حيث توفر لهم قوات العدو الإسرائيلي الحماية، مما يسهل هجماتها على شاحنات المساعدات.
تمثل منطقة شارع صلاح الدين محور الاهتمام، حيث تعرّضت شاحنات المساعدات للعديد من الهجمات، في الوقت الذي لا تسمح سلطات العدو إلا بإدخال عدد محدود من الشاحنات.
في ظل هذه الظروف، تعتمد الأجهزة الأمنية على التعامل مع العصابات المسلحة بشكل مباشر، من خلال تنفيذ عمليات تستهدفهم بالرصاص والأسلحة المناسبة حسب كل حالة. ولفت الانتباه إلى أن التعاون بين جيش العدو وهذه العصابات واضح، إذ يقوم العدو باستهداف عناصر الشرطة الغزاوية وفي المقابل يقدم أسلحة وبنادق إلى هؤلاء اللصوص، مما يمكنهم من إثارة الفوضى وإيذاء عناصر الأجهزة الأمنية وفرق تأمين المساعدات.
في منتصف نوفمبر 2024، أكدت 29 منظمة دولية، من بينها “أطباء العالم” و”أوكسفام” والمجلس النرويجي للاجئين، في تقريرها أن جيش العدو يشجع عصابات على نهب المساعدات الإنسانية في القطاع من خلال مهاجمته للقوات الفلسطينية المكلفة بتأمين الشاحنات. وحسب التقرير، فإن العدو لا يمنع هذه العصابات ولا يتدخل حتى عندما يطلب سائقو الشاحنات المساعدة، ما يجعل ممارسات النهب تحدث بالقرب من القوات الإسرائيلية وبمراقبتها.
وتعتبر هذه الوسيلة جعلت منها المنظمات وسلطات العدو ذريعة لمنع إدخال المساعدات للشعب الفلسطيني، ما يكشف حقيقة التعاون والتنسيق بين المنظمات الدولية والعدو الصهيوني من جهة وعصابات السطو من جهة أخرى.