130 ألف طفل في شمال غزة يقتلهم الجوع بسبب الحصار
في تحليل مفصّل للأزمة الإنسانية المتصاعدة بسبب حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في غزة، أصدرت منظمة “أنقذوا الأطفال” تقريراً مفجعاً يستعرض حجم المعاناة غير المسبوقة في شمال قطاع غزة. ويكشف التقرير عن مأساة إنسانية مفجعة كاشفةً بالأرقام عن وجود ما يقارب 130 ألف طفل دون سن العاشرة، يواجهون ظروفاً معيشية وصفتها بأنها “لا تطاق” منذ خمسين يوماً متواصلة، ووصف تقرير المنظمة منطقة شمال غزة بـ بسجن كبير يفتقر لأدنى مقومات الحياة الكريمة.
وأدلى جيريمي ستونر، المدير الإقليمي لمنظمة “أنقذوا الأطفال” بتصريحات صادمة يؤكد فيها أن الظروف في شمال غزة تجاوزت حدود قدرة احتمال البشر، مشدّداً على أن ما يجري هو “حرب منهجية على الأطفال” بكل ما تحمله هذه العبارة من دلالات مأساوية.
ويشير إلى أن وجود 130 ألف طفل دون العاشرة محاصرين في هذه الظروف اللاإنسانية يمثل كارثة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ المعاصر، تستدعي تحركاً دولياً عاجلاً وحاسماً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من براءة الطفولة المهددة بالفناء. يقول: ” إن الوضع في شمال غزة “غير مناسب للحياة البشرية ومع ذلك فإننا نعلم أن هناك نحو 130 ألف طفل تحت سن العاشرة محاصرون في هذه الظروف، وأضاف أن الحرب في غزة هي في حقيقتها حرب على الأطفال”.
آلاف الأسر تحت الحصار والنار
وتقدم الإحصائيات والبيانات الموثقة صورة قاتمة للوضع الراهن، حيث تعثرت جهود المنظمة في إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة لخمسة آلاف أسرة تعيش تحت وطأة الحصار، إلى جانب 725 حزمة من المستلزمات الصحية والنظافة الشخصية والضروريات الأساسية التي حاولت المنظمة إدخالها ومنعها العدو الإسرائيلي، وذلك على مدار سبعة أسابيع متتالية.
وفي المجال الصحي، يواجه عشرة آلاف طفل في مناطق جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون خطراً داهماً بسبب عدم تمكنهم من تلقي التطعيمات الضرورية ضد مرض شلل الأطفال.
يُشار إلى أن الجهات الحكومية قد سجلت عشرات الوفيات من فئة الأطفال في الفترة الماضية، فضلاً عن انتشار غير مسبوق للأوبئة والأمراض المعدية في صفوف الأهالي سيما الأطفال الذين تهددهم المجاعة وتضعف مناعتهم بشكل خطير يضع حياتهم أمام تهديد مُميت.
44% من ضحايا العدوان هم أطفال
وتزداد الصورة قتامة مع ما تكشفه أرقام وإحصائيات الأمم المتحدة التي تؤكد أن نسبة 44% من ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة هم من الأطفال، في مؤشر صارخ على استهتار العدو الصهيوني وشريكه الأمريكي بأرواح الفلسطينيين وإمعانهم في حرب الإبادة الجماعية.
وقد تفاقمت الأوضاع بشكل كارثي منذ إعلان جيش العدو الإسرائيلي غزة “منطقة عسكرية مغلقة” في السادس من أكتوبر، مما أدى إلى انقطاع شبه كامل في إمدادات الغذاء والمياه والأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، وسجلت مؤشرات غير مسبوقة في تاريخ الحروب وفقاً لعشرات التقارير الصادرة من عدة جهات حقوقية دولية.
وفي السياق أوردت منظمة أنقذوا الأطفال، شهادة عن “لجنة مراقبة المجاعة” المستقلة والتي أطلقت منذ فترة، نداءات استغاثة ودقت جرس الإنذار محذرة من مجاعة وشيكة، أو ربما تكون قد بدأت بالفعل في بعض المناطق، وفقاً لما جاء في تقريرها.
وتعززت هذه المخاوف بتحذيرات متتالية من المنظمات الأممية التي تؤكد أن جميع سكان محافظة شمال غزة باتوا يواجهون خطر الموت المحدق، خاصة مع استمرار الرفض المُمنهج لقوات العدو الإسرائيلي لقوافل الإغاثة التابعة لعدة منظمات بالوصول إلى المنطقة المنكوبة شمال غزة.
لا مكان آمن في غزة
وتتجلى المأساة الإنسانية في شهادات حية موجعة من قلب المعاناة، فقد وصف الآباء والأمهات ما يعانونه بحالة من الاختناق والإنهاك الجسدي والنفسي الشديد.
وتبرز من بين هذه الشهادات المؤلمة قصة ربى، الأم لطفلين، التي تروي تفاصيل محنتها اليومية قائلة: “نحن محاصرون في دوامة من القصف والنيران المستمرة، لا نجد مكاناً آمناً نلجأ إليه.
والدتي مقعدة لا أستطيع التخلي عنها، فقدت شقيقي في هذه الحرب، وزوجي في الأسر لا أعلم مصيره أو إن كان ما زال على قيد الحياة, ومنزلنا تحول إلى أنقاض فوق رؤوسنا، ونجاتنا كانت بمثابة معجزة إلهية”.
وتضيف ربى بصوت مخنوق بالدموع: “نعيش في حرمان مطلق من أبسط مقومات الحياة، لا طعام ولا مياه نظيفة، أطفالي يعانون من أمراض جلدية متفاقمة، وابنتي تنزف دون أن أتمكن من تقديم أي مساعدة طبية لها. نحن في حالة عجز تام وشعور بالقهر لا يوصف.