صمود وانتصار

مملكةُ الترفيه.. إلى أين؟

ياسر مربوع

لا أريد أن أصدق ما يحدث في بلاد الحرمين، كما لم تذهب بي المخيلة يومًا “ومثلي كثير” أن أرى المملكة تنسلخ انسلاخًا كليًّا عن تراثها الديني والأخلاقي، وتنزلق باتّجاه الرذيلة والانحطاط كما تفعل اليوم في موسم الرياض، حَيثُ الراقصات العاريات والموسيقى الصاخبة، وعارضات الأزياء والاختلاط، والتحريض على الفاحشة، لقد انزلقت الدولة التي تحتضن أقدس مقدسات المسلمين نحو مسارٍ ماحق ينذر بسقوطها، وتلك سنة الله في هلاك القرى؛ إذ يقول جل شأنه في محكم الكتاب: “وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا”.

لا أريد أن أصدق أن تلك الديار قد خلت من رجل رشيد يخرج شاهرًا سيفه أَو رمحه أَو حتى قلمه في الحد الأدنى ليقول كفى؟ أَو شيخ جليل لا يخاف في قول كلمة الحق غضب السلطان أَو لومة لائم.

ثم هل أقفرت صحراء نجد من قبائلها الأبية التي تتنافى أنشطة هيئة الترفيه مع مبادئها وعاداتها العربية الأصيلة جملةً وتفصيلاً؟

وإنني أتساءل حقًا… هل كُـلّ الذين يمتلكون الجرأة على الصراخ في وجه محمد بن سلمان الفاسق قد تحركوا ما بين شهيد أسقط السياف رأسه كالشيخ نمر النمر؛ أَو لاجئ مكره عن داره في فضاء الله كالناشطين السعوديّين المعارضين للسلطة وهم كثر، أَو أسرى في معتقلات النظام كالأحرار في القطيف؟

ما يحدث في بلاد الحرمين من مشاهد الرقص والفجور أمرًا لا يستقيم أخلاقيًّا مع مبادئ المجتمع السعوديّ الضاربة في جذور البداوة العربية الأصيلة والمحافظة… والبداوة ليست تخلفًا كما يراها السطحيون بل هي عادات وتقاليد أصيلة، هي إكرام الضيف، ونصرة المظلوم، والإخلاص للقبيلة العربية الواحدة، وللأسف الشديد نجح الأمير المراهق وحاجبه الفاسق تركي آل الشيخ في تدجين المجتمع السعوديّ وضرب قيمه ومبادئه، وتفريغه من تقاليد العشيرة المتوارثة عن السلف، وقدموه للعالم مجتمعًا ضاحكًا، ساذجًا، راقصًا على الدماء العربية المسفوكة اليوم في غزة ولبنان.

من يصدق أن مهبط وحي النبوة الإلهية وأرض الرسالة قد دنسته العاهرات اللواتي تأتي بهن هيئة الترفيه كالراقصة الأمريكية “جينيفر لوبيز” التي ظهرت على خشبة المسرح في موسم الرياض بلباسٍ فاضح بجوار مجسَّمٍ شبيهٍ بالكعبة الشريفة، وهي تؤدي رقصة همجية على جراح المسلمين النازفة؛ ما أثار حفيظة الشعوب العربية والإسلامية كون الحرمين الشريفين ملكًا لكل المسلمين وليس للدولة السعوديّة فقط.

لم تعد تلتبس الطرق على أحد، هما طريقان واضحان لا ثالث لهما، طريق الحق، وطريق الباطل، ولا مجال للمناطق الرمادية بعد الآن، وعلى الجميع تحديد المصير، إما مع معسكر الجهاد والمقاومة من فلسطين ولبنان إلى اليمن والعراق، أَو مع معسكر الترفيه والتطبيع والرقص على الدماء ممثلًا بالشيطان الأكبر أمريكا و”إسرائيل” وأذنابهم من المنافقين العرب في المنطقة، أُولئك الذين بلغوا في العمالة والانحطاط مبلغًا بعيدًا لم يسبقهم إليه أحد؛ فليس ثمة قول يليق بهم.. إلا ما قاله شاعرٌ عربيٌّ نبيل:

ستظل تحت الزفت كُـلّ طباعهم.. ما دام هذا النفط في الصحراءِ.