الهُـدنة.. و “إسرائيل” المحترقة بسرعة السقوط
الصمود||مقالات||إبراهيم محمد الهمداني
ما لم يُفصِحْ عنه الإعلامُ الرسمي، أنَّ غَزَّةَ -بشمالها ووسطها وجنوبها- قد أصبحت ساحةَ معركة عالمية، احتشدت إليها -إلى جانب العدوّ الصهيوني- جيوشُ جميع شركائه، من دول أُورُوبا وأمريكا، بالإضافة إلى قطعان مرتزِقته وعملائه، من جميع أصقاع الأرض، وعليه يمكن القول إن هزيمة الكيان الصهيوني، المتحقّقة برضوخه للهُـدنة، دون شروط أَو مكاسب، هي هزيمة ساحقة لكل القوى الاستعمارية العالمية، وربما كان في هذا بعضُ العزاء لنتنياهو؛ لكي يبتلعَ مرارةَ الهزيمة، على أمل منح جيشِه ومستوطنيه، فرصةً لالتقاط الأنفاس، وإعادة ترميم الحضور والموقف، والبحث عن فرصة ضربة كبرى، تحقّق النصر الخاطف؛ ظَنًّا منه أنه قد نجح في فصل الساحات، وأخرج المقاومة اللبنانية، من جسد محور الجهاد والمقاومة، المساند لغزة وفلسطين.
إن تفكير نتنياهو بتلك الطريقة الغبية، يؤكّـد أنه ما زال -كعادته- يعيش وَهْمًا كَبيرًا، ويعاني اضطرابًا عقليًّا وتخبُّطًا سلوكيًّا مدمِّـرًا؛ فالجميع يعرف أن هذه الهُـدنة هشة، وغير قابلة للتثبيت على أرض الواقع، ومثلما سيسعى الكيان لاستغلالها، كذلك ستسعى المقاومة اللبنانية، إلى استغلالها إلى أقصى الحدود الممكنة، بما يجعلها على أتم الجهوزية والاستعداد، للانقضاض عليه، في أول تحَرّك مشبوه ضدها، بإسناد وتأييد الجانب الرسمي والشعبي، خَاصَّة وأن العلاقة بين المقاومة والجيش والشعب، قد بلغت -مؤخّرًا- أرقى مستويات التلاحم والانسجام، وهذا -بلا شك- سيكون له الأثر الكبير، في صناعة التحولات السياسية القادمة، في الساحة اللبنانية، بما من شأنه إفشال مخطّطات القوى الأُورُوبية، وخَاصَّة فرنسا، الساعية إلى توظيف الانتخابات اللبنانية، في إنتاج حكومة لبنانية، تدين لها بالولاء المطلَقِ، بالإضافة إلى سعيها لتأجيج بذور الفرقة والصراع الداخلي، كخطة بديلة، تمكّنها من إحكام قبضتها على الساحة اللبنانية، تحت أية ذريعة.
لم يعد أمام المجرم نتنياهو -بعد إعلانه بيانَ الهزيمة العالمية- إلا المضي في مستنقع السقوط قُدُمًا، والاستمرار في السير نحو الزوال الحتمي، مثقلًا بأقسى الصفعات، وأخزى وأنكر الهزائم؛ فلم يعد بإمْكَانه أن يتوقف أَو يرجع، أَو أن يؤجل موعد مصيره المشؤوم، أكثر من عمر هُـدنة مؤقَّتة، لن تتجاوزَ بضعَ أسابيع، على أبعد التوقعات، وَإذَا كان ثمة سؤال في هذا الصدد، فهو: هل سيكونُ شركاءُ الجريمة، شركاءَ في تحمل تبعات الهزيمة أَيْـضًا، وبالتالي شركاء في المصير الأسود والسقوط المحقَّق، أم أن نتنياهو وكيانه الإجرامي، سيفضِّلُ الانتحارَ بسيف المصالح الاستعمارية وحيدًا؟! وما هي احتمالاتُ بقاء القوى الاستعمارية الغربية، بدونِ كيان استيطاني إحلالي، يضمنُ استمرارَها الطفيلي السرطاني؟!