وسط تحذيرات دولية.. سوء التغذية يفتك بأطفال غزة بفعل التجويع الصهيوني
وسط تحذيرات دولية وبفعل سياسات العدو الصهيوني بالتجويع الممنهج.. تتفاقم في قطاع غزة مسألة سوء التغذية الحاد لدى الأطفال، ما يؤدي إلى وفاتهم، وهزال شديد في أجسامهم.
ويبدو أن أطفال غزة هم الفئة الأكثر استهدافًا من جيش العدو الصهيوني، في أتون حرب الإبادة الجماعية المُستمرة في قطاع غزة منذ 14 شهرًا، وهم الذين يموتون بقنابل العدو والتجويع والأمراض.
ويقول مدير المشافي الميدانية بوزارة الصحة الفلسطينية في غزة الدكتور مروان الهمص: إنهم لا يجدون ما يعطونه لحالات سوء التغذية التي تصلهم بسبب الحصار الصهيوني المُطبق.. مُشدداً على أن تلك الحالات تتفاقم وضعها بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى الوفاة.
وأشار إلى أن التجويع الممنهج في قطاع غزة وسياسة إطباق الحصار، أدت لوفاة عشرات الفلسطينيين، فيما يقاسي الآلاف ويلات الجوع والهزال، ويخوضون يوميات قاسية لسد رمقهم ورمق أطفالهم.
وتؤكد مصادر إعلامية فلسطينية، أن المجاعة في قطاع غزة متفشية على مستوى عدم وجود أي قيمة غذائية يتناوله الناس، حتى الطحين بات عملة نادرة، وإذا توفر فلا رديف له سوى بعض الدقة والزعتر.
وتشير المصادر إلى أن سلطات العدو الصهيوني تمنع إدخال المواد الغذائية إلى قطاع غزة، والمواد الأساسية بشكل عام، وصولًا إلى منع إدخال الدقيق ما أدخل القطاع في أتون مجاعة رهيبة، يُقاسي الناس فيها الحصول على لقمة تبقيهم على قيد الحياة.
وتقول: إن هذه المجاعة يدفع بكل تأكيد ثمنها الأكبر أطفال غزة، وهم الفئة التي دفعت من الدم الكثير حيث وثقت تقارير الجهات الحكومية في غزة استشهاد 18 ألف طفل بفعل قنابل العدو وصواريخه، ناهيك عن حرمان ما يقارب مليون طفل من الصحة والتعليم والتغذية السليمة.
وفي أحدث تقرير لها قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”: إن 50 ألف طفل فلسطيني يُعانون في قطاع غزة من سوء تغذية حاد، جراء إطباق العدو الصهيوني حصاره على السكان.. في حين أكدت وزارة الصحة في غزة في بيان لها، أن مليون طفل يتهددهم “سوء التغذية”.
وفي وقت سابق، حذرت مسؤولة الاتصال في “يونيسف” بقطاع غزة، روزالينا بولين، من زيادة أعداد الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد بالقطاع.. مشددة على إن الوضع الإنساني بغزة فظيع للغاية.
فيما قال الناطق باسم الـ”يونيسف” بفلسطين، كاظم أبو خلف في بيان له: إن 30 في المائة من الأطفال بقطاع غزة يعانون سوء التغذية الحاد.. مؤكداً أن 2500 طفل بالقطاع بحاجة لإجلاء طبي عاجل.
وأضاف أبو خلف: إن الوضع بشمال القطاع بغاية الصعوبة والمأساوية ويزداد سوءاً.. مشيرا إلى أن 95 في المائة من المدارس التي تؤوي نازحين بالقطاع دمرت بشكل كامل.
برنامج الغذاء العالمي أكد أن أسعار الغذاء في قطاع غزة ارتفعت بنسبة 1000 في المائة ما يضع جميع السكان على شفير الهلاك، في حين أكدت تقارير أممية أن العدو الصهيوني يسلب من سكان غزة أساسيات البقاء.
وحذر مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا حسام أبو صفية من التأثير المستقبلي لسوء التغذية على الأطفال.. قائلاً: “أغلب الحالات التي تأتي، تأتي بأعراض متقدمة ومتأخرة وبالتالي يحتاج هذا الأمر على أن يؤخذ على محمل الجد وأن يتم إدخال كل ما هو مطلوب من الأدوية والأطعمة والحليب العلاجي الخاص بهذه الحالات.. لابد من السماح بإدخال كافة الأطعمة”.
وبحسب تقارير أصدرتها البلديات في قطاع غزة فإن الفلسطينيين النازحين من تدهور في الحالة الصحية بسبب سوء التغذية الذي شكل عاملاً مُساهماً في انتشار الأمراض والأوبئة، في ظل تردي الأوضاع البيئية.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، السبت: إن جميع النازحين تقريباً في غزة منذ عام مضى، بسبب الحرب الصهيونية.. تم إيوائهم في المباني العامة أو لدى أفراد الأسرة.
وكتب تيدروس في منشور على منصة إكس (تويتر سابقا): “الآن، 90 في المائة يعيشون في خيام”.. مضيفاً: إن الظروف المعيشية المكشوفة تجعل الناس “عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وأمراض أخرى”، وتوقع أن يؤدي الطقس البارد والأمطار إلى تفاقم سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي في القطاع.
كما حذر رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، الثلاثاء، في منشور له على منصة “إكس” من أنه مع حلول فصل الشتاء، فإن الناس في غزة “يحتاجون إلى كل شيء، ولكن لا يأتي إلا القليل جدا”.. حيث قال إن “فصل الشتاء في غزة يعني أن الناس لن يموتوا فقط بسبب الغارات الجوية أو الأمراض أو الجوع”.
وكانت منظمة أطباء بلا حدود، قد حذرت الجمعة، من أن انخفاض مستويات المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة يعني أن رعاية المرضى في القطاع معرضة للخطر بشكل خطير، في حين من المتوقع أن تتفاقم الظروف الطبية المرتبطة بنقص الغذاء والمياه ومواد الإيواء مع بداية فصل الشتاء.
كذلك حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن أعمال النهب المسلح، التي يُغذيها انهيار النظام العام والسلامة في غزة، أصبحت منظمة بشكل متزايد.
وأكدت نائب الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، تسجيل قطاع غزة أعلى نسبة بالعالم من الأطفال الذين يعانون من الأمراض.. مشيرة إلى أن 90 ألف طفل غزي يعانون من سوء التغذية والأمراض والأوبئة.
ولفتت المقررة الأممية إلى أن ما يصل من مساعدات إلى قطاع غزة غير مستقر ومُستدام، ولا يفي بالاحتياجات المتواصلة على الإطلاق.. مشيرة إلى أنها مساعدات غير فعالة ولا تنقذ أي أرواح.
وسبق أن حذرت الأمم المتحدة، من أن أكثر من 17 ألف امرأة حامل على حافة المجاعة بقطاع غزة، بينما تعيش 11 ألف امرأة حامل بالفعل في ظروف تشبه ظروف المجاعة.
وأفاد برنامج الأغذية العالمي بأن جميع المخابز في وسط قطاع غزة قد أغلقت بسبب الشح الحاد في الإمدادات.. ويُعد الخبز شريان حياة للكثير من الأسر في غزة وغالبا ما يكون الطعام الوحيد المتاح لهم.
إلى ذلك حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من تدهور الوضع التغذوي في أنحاء غزة.. قائلاً: إن ثلثي الأطفال الذين يحصلون على العلاج من سوء التغذية الحاد منذ بداية عام 2024، تم تسجيلهم خلال الأشهر الخمسة الماضية.
وأفاد شركاء الأمم المتحدة بأن أكثر من 3400 طفل توجهوا لتلقي العلاج من سوء التغذية الحاد في الفترة بين الأول والـ23 من الشهر المنصرم.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها منظمات الإغاثة في غزة، أقامت منظمة الصحة العالمية وشريكتها منظمة الإغاثة الدولية، مركزا جديدا لعلاج سوء التغذية الحاد في دير البلح.. ويعني ذلك أن هناك أربعة مراكز فقط تعمل في هذا المجال في جميع أنحاء قطاع غزة، أحدهم في خانيونس وآخر في مدينة غزة واثنان في دير البلح.
وفي شمال غزة، أغلق مركز علاج سوء التغذية في مستشفى كمال عدوان منذ بدء الحصار الصهيوني منذ أكثر من سبعة أسابيع على الرغم من الاحتياجات المتزايدة في المحافظة.
ومع استمرار حرب الإبادة الصهيونية، تتفاقم معاناة المرضى والجرحى بقطاع غزة، في ظل انعدام الأجهزة والأدوية والمستلزمات الطبية لتطبيب جراحهم وآلامهم، ومنع العدو الصهيوني من دخولها للقطاع.. ومنذ أكثر من شهرين يواصل العدو الصهيوني عدوانه المكثف وحصاره لمحافظة شمال قطاع غزة، والتي تضم مخيم جباليا، وجباليا البلد، وجباليا النزلة، ومدينة بيت حانون، ومدينة بيت لاهيا، ومشروع بيت لاهيا، ومحيط هذه المناطق.