صمود وانتصار

الحرب على سوريا عبر الأدوات.. المساعي والأهداف للصهاينة والأمريكان

عبدالجبار الغراب

تتسارع مختلف الأحداث الحالية الدائرة في منطقة الشرق الأوسط بتصعيداتها العسكرية وبشكلها غير المسبوق والذي لا يمكن لأحد توقعها أَو حتى تصورها وبلوغها للأرقام القياسية والخيالية من حَيثُ توسع وانتشار العمليات العسكرية القتالية والتي اتضحت من خلالها كُـلّ المؤشرات لحدوث عاصفة كبيرة ستزلزل معظم دول المنطقة وخاصة دول الجوار إذَا ما تفرجت على الأحداث الدائرة في سوريا؛ فالمتغيرات الحالية السريعة وبصورتها المفاجئة بانتقال للحرب ومن جديد في سوريا إيجادها لمختلف العوامل والأسباب لقيامها، والتي من أهمها: خسارة الصهاينة للحرب في لبنان، وفشلهم الدائم في تحقيقهم للأهداف في غزة، وحلمهم لإعادة رسم مشهد المنطقة وفق خريطة الشرق الأوسط الجديد الذي دعا إليه رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، ولعديد الأدوار والمحاولات التي يقومون من خلالها لزعزعتهم للاستقرار وبالتحديد في سوريا لأهداف ومساع وأحلام وأمان دائمة لهم للقضاء الكامل على كُـلّ ما يرتبط بمحور المقاومة الإسلامية، وبالطرق والأساليب وعبر الأدوات التابعين أشعلوها حرباً على سوريا والسوريين، لتتعرض المقاومة وباستمرار لكل أنواع التآمرات والخذلان؛ فالصمت العربي والإسلامي المتواصل على مختلف جرائم الإبادة الجماعية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة وما تقوم بها الجماعات في سوريا خدمة لمصالح الصهاينة، لتفرز معركة (طُـوفَان الأقصى) للمزيد من كشفها للحقائق الزائفة وفضحها للأقنعة المغطاة بلباس التقوى من الجماعات الدينية المتأسلمة والتي تخوض معارك دامية ضد الدولة السورية سيجني من ورائها الصهاينة والأمريكان المكاسب والفائدة.

هذه الدراماتيكية في تصاعد الأحداث وبمستواها المتطور والخارج عن كامل الحسابات المتوقعة أسبابها واضحة وكاملة، فاستمرار الحرب الصهيونية الإجرامية على قطاع غزة ولأكثر من أربعة عشر شهراً أحد أسبابها المباشرة قلبها لنتائج معكوسة غير ما كان يتمناها الأمريكان والصهاينة، وفشلهم الكبير بعدم تحقيقهم للأهداف ولا باستعادتهم للأسرى، وبفظاعة إجرامهم الوحشي بارتكابهم للإبادة الجماعية وصدور مذكرات اعتقال دولية لمحكمة الجنايات الدولية بملاحقة قادة الاحتلال وعلى رأسهم رئيس ما يسمى وزرائه نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت، وتفاقم خسائرهم بكافة مستوياتها، بل وتضاعف بإقدامهم الجبان بالعدوان على لبنان؛ فوقعوا في المستنقع الكبير بعجزهم عن تحقيق هدفهم المعلن بإعادة مستوطني الشمال إلى مدنهم فتعرضوا لخسارة مدوية ولمدة شهرين كان لوقف النار بطلب إسرائيلي وبدون أي تحقيق لأي أهداف خسارة مدوية وانتصار كبير للمقاومة اللبنانية فاق انتصارهم بحرب تموز 2006م.

تراكمات لفشل صهيوني متوالٍ وإخفاقات متصاعدة في كافة المستويات والنواحي وهروب مُستمرّ لعدم الاعتراف بالواقع الحالي بعدم إنجازهم للأهداف لا في غزة ولا في لبنان، وأنه لا جدوى من استمرارهم في حرب خاسرة زادت من تلقيهم للصفعات القوية من كامل محور المقاومة، لتلقي كلها بظلالها على الصهاينة والأمريكان للبحث عن مسار جديد لإشعاله عسكريًّا وبصورة مختلفة عن مواجهتهم المباشرة، من خلال إعطائهم للأوامر للجماعات الموالية لهم في سوريا ورسمهم للخطة مع الأتراك لقسمة الغلة والمنفعة إذَا ما تحقّقت الأهداف، فتقليص الدور الإيراني وتحجيمه وخفض تواجد حزب الله وإنهائه ومنع أي أشكال الدعم العسكري السوري وإيصاله للمقاومة من أسلحة وعتاد للبنان وفلسطين، مساع وأهداف صهيونية أمريكية دؤوبة وحاجة ملحة لا يمكن إنجازها إلَّا من خلال إشعال الحرب على الدولة السورية لإعادة تكرار خبيث لإشعال الحرب في سوريا من جديد مع علمهم الأكيد بوجود اتّفاقية خفض التصعيد وإنهاء القتال الذي دام أكثر من أحد عشر عاماً باتّفاقية أستانا عام 2020 بين الروس والأتراك والتزام جميع الأطراف بكل بنودها، حتى حانت لهم الفرصة لاختراقها من قبل الأتراك وفي توقيت حساس وهام للغاية فور إعلان إيقاف إطلاق النار بين الكيان والمقاومة اللبنانية والتي استمرت لأكثر من شهرين تعرض فيها الكيان لخسارة مذله وقاسية.

هذا التوقيت لانطلاق الجماعات الإرهابية في إشعالها للحرب على الدولة السورية له ارتباط وثيق بالخسارة الكبيرة التي تعرض لها الصهاينة في لبنان وضعت الكثير من الدلالات التأكيدية لأهم الأسباب لإطلاق الصهاينة والأمريكان إشارات البدء لأدواتهم في سوريا الموالية للأتراك للقيام بعمليات عسكرية من شأنها تربك الجيش السوري، قد تمنحهم أهم الأهداف هو زعزعة الاستقرار وإرباك المشهد كاملاً، وفي لحظات فارقة ومهمة وخطيرة ومفصلية تعيشها القضية الفلسطينية وفي ظل مرحلة بالغة الحساسية والتعقيد والتأثير على كافة المستويات والأصعدة يرى منها الأمريكان والصهاينة فرصة كبيرة ومواتية لإضعاف قوى محور المقاومة وإخضاعه وإبعاده عن أي دور مستقبلي داعم للقضية الفلسطينية.