الحقيقة يجب أن تقال لمن يفهم أو لا يفهم
العلامة محمد المطاع
أقول للقراء اعذروني إذا شرَّقتُ وغرَّبتُ وأخذتني الأحداث إلى جنوبها وإلى شمالها ولا يغمض عينيه عنها إلّا من غَمِضَ قلبه، وسوف أبدأُ باليمن الذي ولدتُ من ترابه وتغذيتُ من ثِماره، اليمن الذي حَظِيَ بوسامٍ من أفضل مخلوق على وجه الأرض – محمد ابن عبدالله صلوات الله عليه وعلى آله – وهذا الوسام معناهُ الصحيح أنَّهُ في اليمن وليس في كل يمني، فالمنافقون فيه لا حَظَّ لهم فيه والذين ارتموا في أحضان اليهود أو في أحضان الموالين لليهود لا حَظَّ لهم فيه، والذين نصبوا العِداء لله وحاربوا اليمن وتنكروا لآبائهم وأجدادهم وأمهاتهم لا حَظَّ لهم فيه، والذين توانوا وتقاعسوا عن واجب الجهاد وواجب الوفاء لِأُمَّتهم وبَلَدِهم لا حَظَّ لهم فيه، والذين حظُوا به وتوفقوا هم الشهداء الذين باعوا أنفسهم من الله ومن رجالٍ لا يزالون على ظهر الأرض حتى اليوم مخلصين مؤمنين مجاهدين صادقين في أفعالهم وأقوالهم موالين لقائدهم الذي وهبهُ الله لهم هديةً ولا يزالون متوثِّبين للدفاع عن دينهم ووطنهم وكرامتهم وثروتهم وأعراضهم، ويُوجِبُ علَيَّ ديني وأخلاقي ومروءتي أن انصح اليمنيين الموجودين الآن على ظهر اليمن أن يتمسكوا بالإيمان ليكتب الله لهم النصر والتوفيق.
والإيمان ليس كلاماً تذره الرياح، الإيمان كما وصفه الله الرحمن “إِنْ تنصُرُوا اللهَ ينصُركُم” وكيف هو نصرُ اللهِ يا تُرى؟! هو الحق وهو العدل وهو الدفاع عن الدين والوطن والدفاع عن العرض والوفاء بما أوجبَ الله على الإنسان، والله جَلَّ شأنُهُ قد أوجب على نفسه فقال سبحانه وتعالى “وكان حقاً علينا نصرُ المؤمنين” ولا بُدَّ أن يكون كل يمني مستعداً للدفاع، فالأحداث والأعداء محيطون به عليه من كلِّ جانب، ومن لم يكن مع الله ولا مع وطنه ولا مع عرضه وكرامته وثروة بَلَدِهِ فقد باء بالخسران.
ولا أرغبُ في أن أُكرر ما أطلقه القائد العظيم في خطاباته وفي نصائحهِ وما أطلقهُ المؤمنون المخلصون في خطاباتهم التي تهزُّ الثقلين وعلى رأسهم مفتي اليمن -حفظه الله وأبقاه- وإذا عَرَّجتُ إلى ما حدث ويحدث في فلسطين وفي لبنان وأخيراً وليس آخر في سوريا -ولقد أجرم اليهود في سوريا ما لا يخطر على قلب بشر- فإن في ذلك ما يدمي القلوب ولقد سمع العالم المذابح المهينة التي قام بها اليهود في غزة وفي فلسطين وفي لبنان، فإن في ذلك ما يحرك الضمائر الحية أو الميتة ولو أَذِنَ الله لأهل القبور أن تقوم لِتُجاهد لقامت، وقد كانت غزة اختبارا للعالم بأجمعه وأدانت الزعامة العربية والإسلامية إلّا من شاء الله، واليمن ولله الحمد قد قام بواجبه بفضل القيادة الحكيمة المؤمنة وما حدث في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي شاهدٌ على ذلك، وستكون شهادتُهُ عند أرحم الراحمين إن شاء الله.
وقد تحرك الشعب اليمني بأجمعه في مظاهرات ومسيرات أسبوعية ليعلن للعالم أنه مع فلسطين والمظاهرات قد انطلقت من أكثر من مكان في أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وفي المغرب وفي الأردن وغيرها، والمظاهرة دائماً هي تدل على التأييد أو ضد التأييد، أمَّا أنها تنتزعُ النصر فلا.
فالنصرُ لا يكون إلّا في الميدان بالدبابة بالمُصفَّحة بالطائرات وبالمُسيَّرات -والتي أتمنى من أصحاب الأموال والتُّجار أن يدعموا الصناعة الحربية التي تبيض الوجه- ويجب الجِدُّ في الميدان فهذا هو الذي ينتزع النصر، وفي يمننا كانت المظاهرات والمَسِيرات استجابةً للقائد -حفظه الله ورعاه- واستعداداً للمعركة الفاصلة، وأتمنى من يمننا الذي حَظِيَ بالوسام العظيم أن ينطلق إلى الجبهات ويُشكل حزاماً يحصن اليمن بحيث لا ينفذ إليه عدو، وكما كان في الحروب لثمانية أعوام وما قبلها في الحروب الست يجب أن يُعِيدَ نشاطه وبالأخص الشباب ولا يعبأُ باليهود ورئيسهم المتبجح الفاشي الدموي المجرم، ويطمئن فالحق لن يضيع وسوف يستعيد اليمن حقه إِنْ عاجلاً أو آجِلاً والعاقبة للمتقين.
وأختم كلمتي وكما بدأتها ببلدي اليمن أختمها بشهيد الأمة وقدوتها وليس على الله بعسيرٍ إذا خلقَ أو أوجدَ من الخارقات واصطفى من عباده ومن يؤتى الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراً، والشهيد الذي نتحدث عنه هو لا شكَّ قد أوتِيَ الحكمة وأنا إن قصَّرتُ في حقه فأنا بشر إِذْ كيف أَلُمُّ بصفات جبلٍ من العلم وجبلٍ من الجهاد وجبلٍ من الأخلاق والمُثُل وجبلٍ من العطف على الضعفاء وعلى عوائل الشهداء، فإذا قلتُ إنَّ الأرض ارتجت وبكت حين غادرها شهيداً فإني مقصرٌ في حقه، وإذا قلتُ إنَّ الشمس والقمر والنجوم سكبت دموعاً حمراء من تحت أجفانها بعد استشهاده فإني مقصرٌ في ذلك وإذا قلت إنَّ لبنان وفلسطين وغزة قد لَبِست سواد الحِداد وحنَّت حنين الثكلى فإني قد قصرت في حقه، وإذا كان حزب الله الذي رباه والمقاومة بصفةٍ عامة قد أُصِيبت بحدثٍ كبير لو لا تربيته ووفاؤها له لغادرت الحياة ومع كل هذه الصفات الحميدة وهذه المُثُل العُليا التي لم يسبق لها شخص في التاريخ إلا جده الشهيد عليٌّ الذب قال “فُزتُ ورب الكعبة”.
وفي خضم هذه المُثُل يقولُ متواضعاً ومحباً يا ليتني كنت جندياً تحت معسكر هذا الشاب الطهور الشجاع عبدالملك ابن بدر الدين الحوثي، يا للهِ من هذا الوفاء يا للهِ من هذه المُثُل يا للهِ من هذا الحب، إلى هنا فلتكن الرجولة وإلى هنا يكون الوفاء وإلى هنا يكون الشهداء وليس على الله بعزيز أن يجمع العالم في واحدِ .
بَخٍ بَخٍ لك يا شهيد الأمة فقد ضربت المثل الأعلى ومعذرة إذا أنا قصرتُ في حقك وسلامي عليك حياً و ميتاً.
ولا بُد لي من إشارة خاطفة وهي أنني أُباركُ الخطوة العادلة التي أقدمت عليها الحكومة بخصوص المرتبات المتواضعة وإذا كان البعض من المفلسين لا يعجبهم عدل الحكومة فلينظروا في عدل غزال المقدشية، “سوا سوا ياعباد الله متساوية…مَحَّد ولد حُر والثاني ولد جارية”
وأشكرُ أيضاً الطيران المسيَّر والقوة الصاروخية اليمنية المجاهدة والتي تدعو أرباب المال إلى أن يفتحوا خزائنهم قبل أن يقول الممسك البخيل منهم يا ليتني قدمت لحياتي، فيومئذٍ لا يُعذِب عذابه أحد ولا يُوثق وثاقه أحد، وأتمنى أن لا يوجد بخيلٌ فيهم.