صمود وانتصار

ليس بين أيدينا سوى القرآن الكريم لتتحقق لنا الرحمة من خلاله

الصمود| من هدي القرآن الكريم |

الرسول (صلوات الله وسلامه عليه) لم يأل جهداً، ولم يقصر، ولم يتوانَ، هو من وصفه الله سبحانه وتعالى بحرصه الشديد على هداية الأمة، بتألمه الشديد أن لا تهتدي الأمة، أسفه البالغ أن يرى قومه معرضين عن ذكر الله وهديه، لما يعلمه (صلوات الله وسلامه عليه) من خطورة موقف الأمة في ما يتعلق بإلهها يوم تقف بين يديه يوم القيامة، ولعلمه (صلوات الله عليه وعلى آله) بعظم هذا القرآن الذي أنزل عليه، وبحاجة الأمة الماسة إليه وإلى الاهتداء به، {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} عسى أن ترحموا، رجاء أن ترحموا.

فنحن يا من نسمي أنفسنا مسلمين، نسمي أنفسنا مؤمنين، نسمي أنفسنا أتباعا للرسول وللقرآن ولأهل البيت أين نحن من هذه الآية؟ كل واحد منا يرجو أن يرحم، متى ترجو أن ترحم؟ بعد أن تتبع القرآن وتكون متقياً لله في أن تفرط في اتباعك للقرآن، هناك يمكن لك أن ترجو الرحمة من ربك. ما أكثر ما نقول, ويقول الناس جميعاً: [الله غفور رحيم، رحمة الله واسعة، عسى الله يرحمنا] ما هذه العبارات التي نرددها كثيراً؟ هنا يقول لنا: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الأنعام:155). رجاء أن ترحموا.

نحن لو سألنا أنفسنا هل هناك خيار آخر غير هذا لنحصل من خلاله على الرحمة من الله سبحانه وتعالى؟ نحن في هذه الحياة ليس بين أيدينا سوى القرآن الكريم هو ما يمكن من خلاله أن تتحقق لنا الرحمة من الله سبحانه وتعالى أو أن نرجو رحمته، هل هناك خيار آخر؟ هل هناك سبيل آخر؟ هل هناك كتاب آخر؟ هل هناك نبي آخر؟ هل هناك خيار أن لا نقف بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة؟ فإذا ما وقفنا بين يديه يوم القيامة، ماذا يكون الناس هناك ينتظرون؟ أليس كل واحد منهم يرى نفسه في أمس الحاجة إلى رحمة ربه؟ وهو يرى جهنم أمامه لها زفير وشهيق.

لقد أرشدنا الله – هنا في الدنيا – أنه لا خيار سوى هذا: {فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أن نأتي يوم القيامة ونحن نريد من الله الرحمة، سيقال لنا: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ}(المؤمنون: من الآية105)؟ {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}(غافر: من الآية50)؟ هو الجواب في المحشر, والجواب حتى عند خزنة جهنم: {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا}(غافر: من الآية50) نحن لا نستجيز أن ندعو لكم، حرام ندعو لكم، الدعاء للظالم لا يجوز حتى مع أهل جهنم, مع خزنة جهنم, فادعوا أنتم.

{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} (طـه:126) أنت في أمس الحاجة إلى الرحمة، تريد ذرة رحمة من ربك، سيقال لك: كانت الرحمة قد قدمت إليك في الدنيا لكنك كنت تنساها، وكذلك كما نسيت آياتنا في الدنيا اليوم – يوم القيامة الذي أنت ترى نفسك في أمس الحاجة فيه إلى من يعطف عليك, إلى من يرحمك – تنسى، تترك، تهمل عن أي شيء يمكن أن يكون فيه رحمة لك {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} (طـه:127).

لا خيار عن اتباع القرآن الكريم، ثم بعد ذلك نرجو رحمة الله سبحانه وتعالى، ورحمة الله كما وعد {قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}(الأعراف: من الآية56) هو سيرحمنا إن شاء الله فيما إذا اتبعنا كتابه الكريم.

دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة ” اشتروا بآيات الله ثمناً قليلا ”
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 24/1/2002م
اليمن – صعدة