صمود وانتصار

ما بين اليمن و “إسرائيل” ليس كُرسي تفاوض

كوثر العزي

استراتيجية قديمة التكتيك حديثة الظهور، يهودية المنشأ، شيطانية التفكير، وحشية التنفيذ، زُرعت ببذرة الفساد فأنبتت سنابل فاسدة تذروها رياح الطغيان الصهيوأمريكي لتفسد بقية الزرع، بأنامل سوداء ممتلئة بدماء الأبرياء تنوي التجزئة والخراب، تخطيط بِكل بشاعة وإجرام يريد الصهيوني دمار الساحة العربية وجعلها صريعة مُنذلة تحت الأقدام تداس، لتظهر في الآونة الأخيرة تلك الاستراتيجية بالساحة العربية وبشكل علني “تغير الشرق الأوسط” بكل بجاحة وهيمنة تُعلن تلك الخطط غير مراعين حرمات العرب وحقوق الأوطان وحرية الشعوب التي تغنوا بها، وشبّعت مصطلحاتهم الكاذبة بها.

يبدو أن النزوة الصهيونية قد تفاقمت شيئًا فشيئًا، فباتت تلتهم ما قد تراه في الخارطة العربية، تسقط دول وتخطط على الأُخرى، فالنيل والفرات حدود جديدة للكيان الغاصب وباقي الدول العربية حصون حامية، يحمون أنفسهم وراء تلك الحصون، ها نحن نرى ما قد سعت له الماسونية منذ سنيين طويلة، تجميد الأُمَّــة الإسلامية وتدجينها وجعلها جنوداً مجندة للحروب الناعمة لتكن عبرية متهودة، مسلمة مستسلمة، راضية منهزمة، مطأطئة الرأس.

لكن… رياحها توقفت على الحدود اليمنية، وفساد زرعها لم يغلب زرع المسيرة القرآنية، تدجين البشرية تغلبت عليه البصيرة والوعي والتمسك بالقادات العظيمة من آل محمد، ليسوا حصوناً محصنة لليهود المعربدة وإنما هم من سيقتلعون الحصون ويبيدون وينكلون ويدمّـرون فهم ليسوا كبقية الشعوب، لم تحتضنهم غمامة التطبيع والتكيف مع العدوّ الصهيوني، أَو القبول بالجلوس معهم على طاولات تفاوض قد تساوم تلك التفاوضات في دماء الشعب الفلسطيني، حتى تلك القمم والجامعة لمن تكن محض اهتمامنا، نعلم أن وجودها كعدمها، ما بيننا ليس كرسيًّا، بيننا مسيّرات وصواريخ ومعركة حتمية تقام برًا بحرًا وَجوًا، بيننا بيانات ناطق القوات المسلحة اليمنية، بيننا حرب كونية مُنذ قيامة معركة طوفان الأقصى إلى أن يشاء الله النصر لجنده وتصديقاً لوعده وتطهيرًا لأرض رسوله المباركة وأولى قبلة من آمنوا به.

عقب اندلاع حرب غزة والتي أرادت بذلك تحرير الأرض من الكيان الغاصب، آملة من العرب مساندتها والوقوف معها ضد الغدة السرطانية إلا أنها لم تلق سوى الخذلان والسكوت، سارعت اليمن كقوة حربية متمكّنة مناصرة لفصائل المقاومة في أرض فلسطين، بالتدخل السريع في خضم تلك المعركة القائمة على الأرض الفلسطينية، والوقف معهم بالمال والعتاد والأرواح، لم تكتف القوات اليمنية آنذاك بإقامة الحرب في البحر الأحمر وتمركزها عليه والسيطرة على الأقاليم البحرية، وفرض حصار على “إسرائيل” ومن يمولها، وهدم اقتصادها وجعلها تقف على نصف رجل، بل صعّدوا تلك المعركة لمراحل متعددة، سخرت مسيّراتها وصواريخها التي ظهرت على الساحة الحربية بتقنيات متقدمة وتحديثات متميزة فرط صوتية لتستهدف منشآت حيوية وثكنات عسكرية، ولم تنس الميناء والمطارات وتعطيلهن عن العمل وهروب الكثير للملاجئ مذعورين أذلاء.

عززت تلك الهجمات الحربية في منطقة البحر الأحمر من قبل اليمن دورًا كَبيرًا في إطار المعركة، شهدت له الملاحة العالمية، بدأت القوات المسلحة اليمنية باستهداف السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” في 19 نوفمبر 2023 في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وبحر العرب؛ بهَدفِ وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أَدَّت تلك الهجمات اليمنية إلى أزمة غير مسبوقة وليدة عصرها، كيف لا وحاملات الطائرات تقصف والبارجات تتدمّـر، حدث لم يحدث مثله منذ أن أوجد التاريخ نفسه.

على الرغم من استمرار العنجهية الصهيونية في إصرارها على إقامة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، ستبقى القوات اليمنية في البحر الأحمر، وستفرض واقعًا جديدًا في المنطقة، حَيثُ وستصبح هذه الهجمات وسيلة في إجبار العدوّ بالتوقف عن عملية التهجير والإبادات الجماعية بحق إخواننا في غزة، وَأَيْـضًا ورقة ضغط على المجتمع الدولي بأن تضع حداً وتردع الجيش الإسرائيلي من أفعالهم الشنيعة بحق الأُمَّــة قاطبة.

نكرّرها ونقول ما بين اليمن و”إسرائيل” ليس كرسي تفاوض ولا يد سلام وإنما معركة فيها يحدّد المصير شهداء كرامًا أَو أنصاراً منصورين منتصرين، والله على ما نقول شهيد.