أمتنا إلى أين؟
د. تقية فضائل
بمشهد أسوأ من مشهد سقوط العراق بيد الأمريكان وداعش نرى سوريا تسير باتّجاه مماثل؛ فالأسد يخرج بدون أية مقدمات وينسحب الجيش السوري أمام تقدم الجماعات التكفيرية وهو لم يطلق رصاصة واحدة بشكل مثير للدهشة!! وتسيطر جماعات الموت والقتل والحرق والتدمير جماعات صنعها أعداؤنا الغربيون وَالأمريكان وَالإسرائيليون، والداعم الرسمي لها هو النظام التركي المحسوب على الإسلام والمسلمين!!
وها نحن نراهم يكرّرون نفس ما فعلوه في العراق من جرائم مروعة؛ فهم يذبحون الناس من مختلف أطياف الشعب السوري أمام الكاميرات وهم يضحكون ويكبرون ويردّدون عبارات الحقد والشماتة ويكيلون السب والشتم لفلول النظام وللعلويين والشيعة وللمسيحيين ولكل أبناء الشعب، وَيحرقون شجرة يوم الميلاد للمسيحيين، ويتهجمون على المراقد المقدسة وينهبون الأحياء الشيعية ويقتلون من استطاعوا، فتتأكّـد دمويتهم وإجرامهم وحقدهم على الشعب السوري وعلى الأُمَّــة كُـلّ الأُمَّــة، ويصرح الجولاني المجرم صاحب أكبر ملف في جرائم القتل والتفجير والذبح في العراق -يصرح- بأنهم قضوا على أعدائهم البعثيين وَالإيرانيين وحزب الله وقطعوا أيديهم المسيطرة على سوريا!!
بينما يقف كالحمل الوديع أمام “إسرائيل” التي تتوغل في الأراضي السورية وتدمّـر مقدرات الشعب السوري وأسلحته، بل وصل الحال إلى تهجير أهالي بعض القرى المحادة للجولان المحتلّ، كما أن هناك من المستوطنين من قد شرعوا بالدخول إلى أراض سورية ونصبوا خيامهم ومستوطناتهم!!! والجولاني يقول لسنا مستعدين للحرب مع إسرائيل!!
وفي زاوية أُخرى من المشهد نجد الأكراد وهم فصيل من الفصائل المسلحة يريدون الانفصال وإقامة دولة مستقلة!!
أما تركيا الراعي الرسمي للتكفيريين فهي تسعى لضم أراض سورية إليها؛ لأَنَّها ما زالت تحلم بالإمبراطورية العثمانية!
والمضحك المبكي أن هذا فتح شهية الإخوان في مصر واليمن وغيرها لتكرار النموذج السوري وكلّ هذا بمساعدة دعم وَمخطّطات خارجية تسهل لهم السيطرة؛ كونهم صناعة غربية أمريكية إسرائيلية لإخضاع المجتمعات العربية والمسلمة لها كما فعل الجولاني ومن معه، وهم لا يدركون أن الفرق شاسع جِـدًّا خَاصَّة في اليمن.
والمتأمل للأحداث والتصريحات يدرك أنه سيأتي الدور قريباً على الأردن فقد بدأت التصريحات الأمريكية والصهيونية بضرورة ضم الأردن إلى “إسرائيل” للمحافظة على أمن الصهاينة الأنجاس!! ولا أدري ما هو الخطر القادم من الأردن، ونظامها المطبع المنبطح الجبان لا يحرك ساكناً، بل يقمع أية تحَرّكات شعبيّة ضد المجرمين الصهاينة! وبعد الأردن مصر والعراق وأجزاء من السعوديّة تضم مكة والمدينة هذه هي “إسرائيل” الكبرى المزمع إنشاؤها على أنقاض الدول العربية!!
وفي مكان ليس ببعيد يباد الشعب الفلسطيني يوميًّا ويجوع ويعذب ويحاصر ويذوق المر والمهانة بأيدي المجرم الصهيوني، في حين تقلصت أَو انعدمت أكثر الأسلحة التي كان يوفرها لهم نظام الأسد وحزب الله منذ زمن طويل، ولم تعد جبهات الإسناد تخفف عن الشعب الفلسطيني أَو تردع الإجرام الصهيوني حتى ولو بالحد الأدنى؛ باستثناء جبهة اليمن التي تبذل ما استطاعت رغم كُـلّ ما تعانيه، في حين تساند العدوّ الإسرائيلي والأمريكي دول محسوبة على الإسلام وَتدعمه ماديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا وهذه هي دول الخيانة والعمالة التي تتسابق لإرضاء أعداء الأُمَّــة بكل خسة وسقاطة، وعزاؤنا أنهم صاروا من اليهود والنصارى وأخزاهم الله وفضحهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب شديد.
أما معظم العرب والمسلمين فالصمت والتفرج البليد هو موقفهم ويتناسون أن الإسرائيلي والأمريكي لن يرضيه سوى إخضاع الجميع والهيمنة على الجميع وإذلال الجميع والله حذرنا وقال: “وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ” وهذا الموقف لهذه الدول لا يمكن أن يفسر إلا إنها دول نزع منها كُـلّ إحساس فلا هي تخاف من الله الذي خوفها بالعذاب الشديد عاقبة لموقفهم الجبان وعدم الجهاد ضد أعداء الله وأعدائهم في قوله تعالى: “إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا”، وهي تفتقد أَيْـضًا لكل مشاعر الكرامة والعزة والإباء وَ…، كما أنها لا تحرص على مواجهة الخطر المحدق بها الذي يهدّد كيانها ويطمح لمحوها من الخارطة، لقد أصبحت أُمَّـة محتقرة من الجميع وممتهنة من الجميع، دينها وأرضها وعرضها وسيادتها منتهكة، تنشغل أَو تتشاغل بخلافات جانبية يخلقها لها أعداؤها، وهي تعلم بذلك جيِّدًا ومع هذا تدخلها بكل ما تستطيع من قوة فتستهلك طاقتها ومقدراتها وتزرع الأحقاد في قلوب أبنائها، وعدوها يتآمر عليها وينكل بها ويسعى لإبادتها.
حقيقية الصورة معتمة ولكن الأمل يظل بالله كبير وبوجود القائد العلم السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، وهو يغيث الملهوف وينجد المظلوم ويحمي الأرض والعرض، ويعلم الأُمَّــة ما ينفعها في دينها ودنياها، ونسأل الله أن يجعل الفرج لهذه الأُمَّــة على يديه الطاهرتين، ويكون سفينة النجاة التي تنقذ الأُمَّــة من أمواج الضلال والانحراف.