ترمب يهدد العالم
الصمود||مقالات||د. فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي
الرئيس الأمريكي ترمب القادم إلى البيت الأبيض بعد أَيَّـام ينثر تهديداته يمينًا ويسارًا، حَيثُ هدّد بضَمِّ كندا إحدى الدول الست الأقوى اقتصاديًّا في العالم، ثم هدّد الدنمارك بضم جزيرة جرين لاند التابعة لها، وهدّد أَيْـضًا بنما بأنه سوف يستولي على قناة بنما إذَا لم يتم تخفيض رسوم المرور المفروضة على السفن الأمريكية، ولم يكتفِ بذلك وأعلن بأنه سوف يتخذ إجراءات عقابية ضد خصومه في الداخل الأمريكي، وأهم تهديد صدر عنه كان موجهًا نحو الشرق الأوسط فقد أعلن بأنه إذَا لم يتم تحريرُ الأسرى الصهاينة فسوف يحرق الشرق الأوسط، ويعتبر هذا التهديد موجهًا إلى المقاومة الفلسطينية في غزة بالدرجة الأولى ثم إلى الكيان الصهيوني وإلى الدول المجاورة لفلسطين المحتلّة.
وبالرغم من تلك التهديدات إلَّا أن الملفت أن ترمب لم يتطرق إلى الحرب في اليمن أَو إلى التحَرّكات اليمنية في البحار المجاورة بشكل مباشر، ولم يصدر عنه أي تهديد واضح في هذا الموضوع، ويبدو أن ترمب يعي أنه إذَا تم وقف الحرب في غزة وفك الحصار الجائر عنها سوف يتوقف نشاط اليمنيين في البحر الأحمر والبحر العربي وفي مهاجمة الكيان الصهيوني، أَو أن ترمب يحضِّرُ لعمل ضد اليمن لا يريد أن يفصح عنه في هذه المرحلة، ومهما كان موقف ترمب فاليمن مُستمرّ في دعمه وإسناده لغزة دون أي اعتبار لأية محاذير سياسية أَو عسكرية، وأي إجراء سوف يتخذه الأعداء ضد اليمن؛ بسَببِ موقفها من غزة سيتم الرد عليه دون تردّد بالطرق المناسبة، وهذا ما يحدث خلال هذه الأيّام.
وأما التهديدات الترمبية فمعظم المراقبين يشكّكون في جديتها وفي القدرة على تنفيذها، ويعتبرون أنها مؤشر على الصعوبات الكبيرة التي سوف يواجهها ترمب بعد أن يستلم السلطة؛ لأَنَّ الفترة المتاحة أمامه لتنفيذ برنامجه الانتخابي وتهديداته العديدة لا تتجاوز العامين، ومن المحتمل أن تتغيَّرَ التوازناتُ داخل مجلسَي النواب والشيوخ بعد الانتخابات التكميلية التي سوف تقامُ بعد سنتين من الانتخابات الرئاسية، ولذلك فَــإنَّ ترمب يريد أن يمرِّرَ بعضَ القضايا التي سوف تواجهه أثناء فترة حكمه من خلال التهديدات التي تصدر عنه بين الحين والآخر، حتى يوفِّرَ على نفسه الجُهدَ والوقتَ؛ ليتمكِّنَ من التفرغ للقضايا الداخلية وخَاصَّة تنفيذ الإصلاحات التي أعلن عنها أثناءَ حملته الانتخابية، وللقضايا الخارجية التي يعتبرها مهمةً من وجهة نظره وخَاصَّة مواجهة عدوِّه اللدود الصين.