صمود وانتصار

تأثيرُ اليمن في انتصار غزة: محورُ مقاومة يُعِيدُ تشكيلَ المعادلات الإقليمية

أنس عبدالرزاق

أثبتت اليمن دورًا محوريَّا في انتصار غزة الأخير، ليس كداعم عسكري فحسب، بل كفاعل استراتيجي أعاد تعريف مفهوم التضامن العربي والإسلامي. فيما يلي أبرز جوانب هذا التأثير

  1. الدعم العسكري المباشر: حرب الاستنزاف الذكية

– الهجمات الصاروخية والطائرات المسيَّرة: نفذت القوات المسلحة اليمنية 1،255 عملية عسكرية ضد أهداف صهيونية، شملت إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة من نوع “يافا” و”فلسطين-2″ فائقة السرعة، مما أربك المنظومة الدفاعية الصهيونية وأجبر العدوّ على تشتيت قواته.

– الضغط على الخطوط البحرية: عبر استهداف السفن الصهيونية في البحر الأحمر، فرضت اليمن حصارًا غير معلن، مما رفع تكاليف الحرب على الاحتلال وأعاق تدفق الإمدَادات العسكرية.

– حرب الأنفاق والتكتيكات اللامتماثلة: استخدمت اليمن استراتيجيات مشابهة لتلك التي اعتمدتها المقاومة في غزة، مثل تطوير صواريخ محلية الصنع، مما كشف هشاشة التكنولوجيا العسكرية الغربية.

  1. الدعم السياسي والدبلوماسي: صوتٌ يُسمع عالميَّا.

– الخطاب الثابت لقادة اليمن: أكّـد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي “حفظه الله” في خطاباته المتكرّرة أن دعم غزة “واجب ديني وأخلاقي”، وربط أي انتهاك صهيوني للهدنة برد عسكري يمني فوري؛ مما عزز موقف المقاومة في المفاوضات.

– فضح جرائم الاحتلال الصهيوني دوليًا: عبر تنظيم مسيرات مليونية وإحراق الأعلام الأمريكية والصهيونية، نجحت اليمن في تحويل الانتباه العالمي إلى معاناة غزة، وكسرت حاجز الصمت الإعلامي.

– التنسيق مع محور المقاومة: تعاونت اليمن مع حلفاء مثل إيران وحزب الله في لبنان والمقاومة في العراق لخلق جبهات متعددة ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ مما شتت جهود الأخيرة وأضعف قدرتها على التركيز.

  1. الحاضنة الشعبيّة: الوحدة الوطنية كسلاح

– المظاهرات المليونية: خرج مئات الآلاف من اليمنيين في أكثر من 140 مسيرة تضامنية، رافعين شعار “ثبات وانتصار”، مما عزز الروح المعنوية للفلسطينيين وأظهر تماسكًا شعبيَّا نادرًا في المنطقة العربية.

– التضامن الإنساني: رغم الحصار المفروض على اليمن، بذل الشعب جهودًا لإرسال مساعدات إنسانية إلى غزة، متحديًا القصف الصهيوني للموانئ اليمنية مثل الحديدة.

  1. التأثير الإقليمي: إعادة رسم خريطة التحالفات

– تراجع دور الأنظمة المطبعة: فشلت المبادرات السعوديّة والإماراتية في التأثير على مسار الحرب، بينما برزت اليمن كقوة إقليمية قادرة على تحدي الهيمنة الغربية.

– خلق جبهة جنوبية جديدة: نجحت اليمن في تحويل الصراع إلى معركة متعددة الجبهات، مما أجبر الاحتلال الإسرائيلي على إعادة حساباتها الأمنية وخفف الضغط العسكري عن غزة.

  1. الدروس المستفادة: نموذجٌ يُلهم حركات التحرّر

– القوة الناعمة للمقاومة: أثبتت اليمن أن الإرادَة الشعبيّة والتضامن الروحي يمكن أن يتغلبا على التفوق العسكري، عبر توظيف الفنون والإعلام (مثل الكاريكاتير والغرافيتي) لنشر الرواية الفلسطينية.

– حرب السرديات: باستخدام منصات مثل “تيك توك”، نجحت اليمن في استهداف الشباب الغربي بمقاطع تظهر قوة الصمود الغزي؛ مما كسب تعاطفًا دوليَّا واسعًا.

الخلاصة: اليمن.. جدار الصدّ الذي حوَّل الهزيمة إلى انتصار.

لم يكن دور اليمن مُجَـرّد دعم عابر، بل كان جزءًا من استراتيجية متكاملة أعادت توازن القوى في المنطقة. عبر الجمع بين الضربات العسكرية الدقيقة والحشد الشعبي غير المسبوق، نجحت اليمن في تحميل الاحتلال ا لإسرائيلي تكلفة باهظة –اقتصاديَّا وسياسيَّا– أجبرتها على قبول شروط المقاومة. هذا النموذج يُثبت أن المعارك الكبرى لا تُربح بالسلاح وحدَه، بل بالارتباط بالله الذي يصنع المستحيل.