صمود وانتصار

أثمرت دماءُ الشهداء نصرًا وعزًا

صفوة الله الأهدل

لولا دماء أبي عبد الله الحسين وأهل بيته في كربلاء لما وصل إلينا هذا الدين بجوهره الأصيل، لولا تلك التضحيات الجِسام لما عُرف الحق من الباطل، لولا ذلك الصمود والثبات أمام الطغاة لما عرفنا رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين، ولولا دماء السيد حسن نصر الله وقيادة حزب الله ويحيى السنوار وإسماعيل هنية وتلك التضحيات لما انتصرت غزة، لولا صمود وثبات أهالي القطاع الأُسطوري لما فُضح الخونة والمنافقون، لولا تلك المجازر الفظيعة والجرائم البشعة لما كُشف وجه “إسرائيل” الحقيقي للعالم، لولا جهاد أبطال المقاومة لزُيفت الحقائق وغُيّرت الوقائع لصالح الصهاينة، ولما تعرّت أمريكا وبانت أكاذيبُ قوانينها الوهمية للسذّج التي تغنّت بها وخدعت بها العالم، ولما ظهرت عمالة الجامعة العربية.

لم تنظر السيدة زينب-عليها السلام- لا إلى الدم المسفوك، ولا إلى الرؤوس المُعلّقة، ولا إلى الأجساد المُقطّعة والمُمزّقة، ولا إلى الخيام المحترقة، ولا إلى السبي ولا إلى الأذى الذي أصابهم ولحق بهم في تلك المعركة؛ لأَنَّها تعرف أن دين الله يحتاج إلى تضحيات عظيمة كي يُحفظ من ألّا يُحرّف أَو يُدنّس؛ ولكي تُحمى رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين من التدليس والكذب وألّا يُدس السم فيها، كذلك نحن لن ننظر إلى حجم تلك التضحيات التي قدّمناها في معركة «طوفان الأقصى» ولو كانوا شهداء قادة بحجم أُمَّـة؛ بل سننظر إلى النصر الحقيقي والتاريخي الذي تحقّق، في كيف اتحد السُّني مع الشيعي لأول مرة في التاريخ في جولة من جولات الصراع مع العدوّ الإسرائيلي، كيف تحطّم البُعد الجغرافي واختلط الدم اليمني واللبناني والإيراني والعراقي مع الدم الفلسطيني، كيف التم شمل أبناء الأُمَّــة الإسلامية في بلدان متفرّقة لأجل قضية وتوحّدت كلمتهم، كيف صُححت بوصلة العِداء ووجّهت الأسلحة نحو الأعداء الحقيقيين، كيف كُسرت الحواجز لنصرة ومناصرة مؤمنين مستضعفين محاصرين في بقعة صغيرة من الأرض، كيف يكون المؤمنون أخوة كالجسد الواحد إذَا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، كيف يُعِدّ المؤمن العُدة ويستعد للمواجهة.

معركة «طوفان الأقصى» حفظت ماء وجه الأُمَّــة الإسلامية، وأعادت قيم الإسلام ومبادئه التي اندثرت وأحيت تعاليمه وأخلاقه التي مُحيت، أَيْـضًا جعلت العالم يحترم حق غزة وأحقيتها في الدفاع عن نفسها؛ بل وأخرجت الأحرار منهم في مسيرات يعلنوا وقوفهم وتضامنهم مع مظلوميتها بملءِ إرادتهم، جعلت من محور المقاومة قوة كبيرة لا يستطع أحد القضاء عليها أَو كسر إرادتها، هزمت الجيش الذي لا يهزم؛ بل وأرضخته للاستسلام والقبول بشروطها، وحطّمت تكنولوجيا ما يسمى منظومة القبة الحديدة، وأكّـدت أن “إسرائيل” أوهن من بيت العنكبوت، وأرست معادلة السن بالسن والجروح قصاص “حصار مقابل حصار اعتداء يقابله رد”، حقّقت مقولة الشهيد القائد السيد/ حسن نصر الله- رضوان الله عليه- “ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات”.