صمود وانتصار

لقاء عسكري رفيع بين واشنطن و الرياض ومؤشرات عدوان جديد.. هل الحرب قادمة؟

تقرير | يحيى الشامي
لقاء عسكري رفيع المستوى يجمع الأمريكي والسعودي هو الأول من نوعه على مستوى المسؤولين والتنظيم، بعد تولي ترامب الرئاسة  يؤكّدُ وزير الحرب الأمريكي “بيت هيغسيث ” أن السعودية شريك ذو أهمية عظيمة للولايات المتحدة الأمريكية”، وذلك أثناءَ استقباله نظيرَه السعودي خالد بن سلمان في واشنطن.
في جدول اللقاء رفيع المستوى تتربع ما أسماه اللقاء بالتهديدات اليمنية في أولوية جدول الأعمال بين الطرفين، ضمن نقاشات استفاضت وفق المصادر لتشمل محور المقاومة ووضع سيناريوهات مواجهته وعلى رأسه التحدي اليمني بما يمثله تنامي قدرات القوات المسلحة اليمنية، وهو الملف الذي استغرق معظم وقت اللقاء.
من دلالات اللقاء الرفيع بين الطرفين حضور السفير السعودي لدى اليمن بن جابر والمعروف أيضاً أنه حامل الملف اليمني أكثر من مجرّد سفير، ووفقاً لبيان البنتاغون فقد تعهّد “هيغسيث” بالتزام بلاده بالتعاون مع من وصفهم بالشركاء للقضاء على قدرات من أسماهم الحوثيين.
وفي رد على سؤال حول إمكانية أن تقدم واشنطن الدعم للسعودية في حال تعرضها لاعتداء، قال هيغسيث إن “الأمر سيشكل محور بحث خلال اللقاء”. وهو ما يضع علامات استفهام عن طبيعة وأجندات اللقاء والذي يأتي في ظروف حساسة تمر بها المنطقة وتتجه نحو تصعيد تقوده واشنطن لتصفية حساباتها مع القوى المناوئة التي وقفت مع غزة في حرب الـخمسةَ عشر شهراً وفقاً لما أورده محللون عرب وأمريكيون.
في السياق تطرق موقع “أرمي كورنيجيشن” الأمريكي إلى كواليس اللقاء الذي جمع وزيري دفاع الولايات المتحدة والمملكة السعودية في واشنطن والذي انعقد قبل يومين. الموقع كشف عن تعهّدات أمريكية بتحديث القدرات العسكرية للمملكة السعودية، خاصة في مجال الدفاع الجوي وكانت المملكة قد دفعت مليارات الدولارات في صفقات مشبوهة يعتقد أن من بينها شراء منظومات “ثاد”، وتحديث بنيتها التحتية الدفاعية، لضمان ما وصفه الموقع الأمريكي بقدرة المملكة على مواجهة التهديدات الباليستية والصواريخ المجنحة في بيئة أمنية معقدة، ومن المتوقع، وفقاً للموقع، أن تتسلم السعودية أيضًا مقاتلات “إف-15 إي إكس” من الولايات المتحدة، والتي تقدم خدماتها في مجال الدفاع الجوي، وتضاف هذه الأسلحة إلى ترسانة كبيرة من الأنظمة المتقدمة كانت السعودية قد اشترتها في صفقات سابقة من بينها أنظمة صواريخ “باتريوت”، وطائرات هليكوبتر أباتشي وأنظمة بحرية.
ومن اللافت، بحسب مراقبين، أن تكون زيارة وزير الدفاع السعودي هي أول زيارة رسمية لمسؤول سعودي بعد تنصيب ترامب، ما يشير إلى نية الطرفين للإقدام على تصعيد عسكري تزداد مؤشراته في المنطقة وتدفع إليه واشطن أطراف عربية مثل السعودية، وسط تأكيدات أمريكية عن تحديث للقدرات العسكرية للسعودية
وكان نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية كريستوفر غريدي أجرى مباحثات مع رئيس هيئة الأركان العامة السعودية فياض الرويلي الاثنين في البنتاغون. وخلال الاجتماع العسكري نوقشت ملفات أولها التهديد اليمني المستمر والتطورات في غزة ولبنان وسوريا، إلى جانب تعزيز التعاون الدفاعي بين الطرفين، اذ أكد غريدي في اللقاء التزام بلاده بأمن المملكة.
ومن بين الملفات التي نوقشت في الزيارة مستقبل قطاع غزة، فيما كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد دعا قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والملك الأردني والرئيس المصري، إلى الاجتماع في الرياض، الجمعة، وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية.
هذا في وقت تسعى فيه إدارة ترامب لإعلان اتفاق التطبيع بين السعودية والعدو الإسرائيلي، في أعقاب وقف إطلاق النار في غزة والحديث عن خطط أمريكية لتهجير سكان القطاع، على أن يسجل التطبيع كإنجاز للعدو والإدارة الأمريكية الجديدة على حساب الدم الفلسطيني.
إلى ذلك، كانت الحرب الروسية-الأوكرانية من ضمن الملفات التي نوقشت في الزيارة، بعدما استضافت المملكة مسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا لمناقشة الحرب واستعادة العلاقات الثنائية.
وكان الرئيس ترامب، خلال فترته الرئاسية الأولى طالب الرياض بالدفع مقابل الحماية الأمريكية التي لم تستطع تحصين السعودية من العمليات اليمنية النوعية، ومع وصوله للرئاسة مطلع العام الجاري عاد ترمب ليُكرر مطالبته للسعودية بالدفع من جديد، وربما الدفع بها للانخراط في عمل عسكري أوسع وفق معطيات اللقاءات العسكرية المكثفة بين الطرفين.

لسنا لقمة سائغة

بعد رصد التحركات الأمريكية السعودية بعثت صنعاء برسائل سياسية وعسكرية تؤكد بأن اليمن قادرة على الصمود والوقوف بوجه التحديات من خلال المتغيرات على الأرض، في الجبهة العسكرية، وفي الجبهة السياسية، وفي جبهة التطور التكنولوجي.

في هذا السياق وجه محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى  الخطاب للأمريكيين والسعوديين بأن اليمن سيتنزع السلام بقوة السلاح والإيمان، محذرا من تفتيش السفن واستمرار الحصار فنحن لن نقبل بذلك وندرس الخيارات المناسبة للرد فاليمن ليس لقمة سائغة بل ستلتهم المعتدين .

من جانبه حذر وزير الدفاع والإنتاج الحربي اللواء الركن محمد العاطفي،  قوى الاستكبار بأن زمن الهيمنة الأمريكية والبريطانية والصهيونية أوشك على الأفول.. مشيرا إلى أن اليمن يرسل اليوم رسالةً واضحةً إلى العالم بأن أي تماد أو تطاول أو نقض للعهود والمواثيق سيواجه بردٍّ حاسم لا هوادة فيه. جددا التأكيد على الرفض المطلق للتواجد الأجنبي الدخيل على الجغرافيا اليمنية جملةً وتفصيلاً.. وقال “لن نفرط بأي شبر من أرضنا ولن نقبل بأي شكل من أشكال الوجود الذي ينتهك سيادتنا”.

وأضاف “نحن في القوات المسلحة اليمنية بقيادة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لن نتهاون في حماية مقدراتنا ومواردنا وثرواتنا الوطنية التي هي حق أصيل لشعبنا اليمني”.. وتابع “جزرنا هي جزءٌ لا يتجزأ من جغرافيتنا، وهي أيضاً خط لا يمكن تجاوزه، ولن نسمح بأي انتهاكٍ لسيادتنا على جزرنا، مهما كانت الذرائع أو المبررات، وعلى أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وحلفائهم من بعض القوى الأوروبية أن يعيدوا التفكير ألف مرة قبل الإقدام على أي مغامرة غير محسوبة أو تصرف متهور لأن أي استفزاز سيواجه بردٍّ حاسم وقوة مناسبة تُعيدهم إلى حجمهم الحقيقي”.

وزير الخارجية والمغتربين جمال عامر، دعا الرياض إلى اغتنام الفرصة للسلام وعدم البقاء تحت رحمة واشنطن التي لن تتمكن من  حمايتها، فصنعاء جاهزة للسلام وتعمل على مسارين الأول المسار الدبلوماسي، لكن في حال فشلت الدبلوماسية، فإن المسار الثاني متروك للقيادة الثورية والقوات المسلحة التي هي في جهوزية للقيام بدورها.