صمود وانتصار

مهلة السيد القائد تربك حسابات العدو الصهيوني وداعميه.. تحذير يمني يعيد رسم معادلة الصراع

الصمود|
لم يكن إعلان قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي عن إمهال العدو الصهيوني أربعة أيام لإدخال المساعدات إلى غزة مجرد تصريح عابر، بل كان تحذيراً استراتيجياً أربك حسابات الاحتلال الصهيوني وداعميه الإقليميين والدوليين. جاءت هذه الخطوة في سياق الموقف اليمني الثابت في دعم القضية الفلسطينية، وترسيخ معادلة جديدة تجعل من العدوان والحصار على غزة سبباً في تصعيد الرد اليمني المباشر ضد الاحتلال الصهيوني.

تحذير يمني يُعيد خلط الأوراق
في خطابه الأخير، أكد السيد القائد أن على العدو الصهيوني إدراك أن استمرار جرائمه بحق الشعب الفلسطيني لن يمر دون رد، وأن اليمن مستعد لاستئناف عملياته البحرية ضد السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال في حال استمر الحصار على قطاع غزة. هذا الإنذار الصريح وضع الاحتلال في مأزق حقيقي، حيث باتت قياداته أمام خيارين أحلاهما مر: إما الرضوخ للضغوط وفتح المعابر لإدخال المساعدات، أو المخاطرة بتلقي مزيد من الضربات العسكرية اليمنية التي أثبتت فاعليتها وألحقت خسائر فادحة بالعدو خلال الأشهر الماضية.

لقد أصبح واضحاً أن صنعاء لم تكتفِ بتقديم الدعم السياسي والمعنوي لفلسطين، بل باتت جزءًا فاعلاً في المعركة ضد العدو الصهيوني. فمنذ بدء العدوان الصهيوني على غزة، تبنت القوات المسلحة اليمنية عمليات نوعية استهدفت السفن المرتبطة بالاحتلال، مما أثر بشكل مباشر على الاقتصاد الصهيوني وزعزع صورة “إسرائيل” كقوة إقليمية مسيطرة. واليوم، تأتي مهلة السيد القائد كتأكيد على أن اليمن لن يتراجع عن موقفه، بل هو في مرحلة تصعيد محسوبة تهدف إلى إجبار العدو على التراجع عن ممارساته العدوانية ضد الفلسطينيين.

معادلة جديدة.. الحصار سيُقابل بالحصار
لطالما تعامل العدو الصهيوني مع الشعب الفلسطيني بسياسة فرض الأمر الواقع، مستفيداً من دعم القوى الغربية وصمت الأنظمة العربية المتواطئة. غير أن هذه المعادلة بدأت تتغير، واليمن اليوم يؤكد أن سياسة “الحصار الصهيوني” لن تمر دون ثمن. فكما فرض الاحتلال حصاراً على غزة، فإنه يواجه الآن حصاراً بحرياً يمنياً على موانئه الحيوية، وهو الأمر الذي يهدد بانهيار تجارته ويضع اقتصاده الهش أمام أزمة غير مسبوقة.

إن سياسة الردع هذه، التي تعتمدها صنعاء، لم تأتِ من فراغ، بل تستند إلى واقع أن الاحتلال لا يفهم سوى لغة القوة، فقد تأسس على العنف والاغتصاب، وبدون قوة تواجهه سيواصل جرائمه دون رادع. ومن هنا، فإن تحديد مهلة واضحة للوسطاء كان بمثابة رسالة بأن اليمن مستعد لتنفيذ ما يلزم لإجبار العدو على التراجع.

تفاعل واسع مع التحذير اليمني
لاقى إعلان السيد القائد استجابة واسعة على مختلف المستويات، مما يعكس حجم تأثير القرار اليمني في مجريات الأحداث الإقليمية:

🔹 على المستوى الوطني: شهدت صنعاء وعدد من المدن اليمنية مساء أمس تظاهرات جماهيرية حاشدة دعماً لقرار السيد القائد، حيث خرج المواطنون إلى الساحات العامة للتأكيد على وقوفهم خلف موقف القيادة الثورية في نصرة فلسطين. ورفع المتظاهرون شعارات تندد بالحصار الصهيوني على غزة، وتؤيد التحركات اليمنية الرامية إلى كسره بالقوة.

🔹 على المستوى الفلسطيني: أشادت حركة حماس بالقرار اليمني، معتبرة إياه “خطوة نوعية تعكس عمق العلاقة بين اليمن وفلسطين”، مؤكدة أن الدعم اليمني للمقاومة الفلسطينية هو جزء من معركة الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني. كما رحبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي بالموقف اليمني، مشيرتين إلى أن هذا التحرك يعزز الضغط على الاحتلال ويدعم صمود الفلسطينيين في غزة.

🔹 على المستوى العربي: في الوقت الذي التزمت فيه الأنظمة العربية الصمت كعادتها، فإن الشعوب العربية تفاعلت بشكل إيجابي مع القرار اليمني، حيث انتشرت دعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي لدعم موقف صنعاء، واعتبر الكثيرون أن اليمن أصبح “الدولة العربية الوحيدة التي تحركت عملياً لنصرة فلسطين”، في مقابل خذلان الأنظمة الرسمية.

🔹 على المستوى الدولي: أدركت القوى الكبرى أن تهديد صنعاء ليس مجرد دعاية إعلامية، بل هو إنذار جدي قد يترتب عليه تداعيات اقتصادية وأمنية واسعة. فاستئناف العمليات البحرية اليمنية يعني تعطيل خطوط الشحن في البحر الأحمر، وهو ما سيؤثر مباشرة على التجارة العالمية، مما يجعل القوى الغربية أمام مأزق حقيقي في التعامل مع الأزمة.

ماذا بعد انتهاء المهلة؟
مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددها السيد القائد، تترقب الأوساط السياسية والعسكرية تحركات العدو الصهيوني وردود فعل الوسطاء. فإما أن يرضخ الاحتلال ويفتح المعابر أمام المساعدات، أو يواجه تصعيداً يمنياً جديداً سيعقد من وضعه الإقليمي والدولي.

إن القيادة اليمنية تدرك أن المواجهة مع العدو الصهيوني ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي معركة إرادة وصمود، واليمن أثبت خلال السنوات الماضية أنه قادر على تغيير المعادلات رغم الحصار والعدوان. واليوم، يواصل هذا النهج عبر فرض معادلة “الحصار يُقابل بالحصار”، ليؤكد أن القضية الفلسطينية ليست قضية هامشية، بل هي قضية مركزية لا يمكن التنازل عنها.

ختاماً.. اليمن يرسم خارطة جديدة للصراع
لم يعد اليمن رقماً هامشياً في معادلة المواجهة مع العدو الصهيوني، بل أصبح فاعلاً أساسياً يفرض معادلات جديدة. والرسالة التي وجهها السيد القائد في خطابه الأخير كانت واضحة: اليمن لن يقف متفرجاً على الجرائم الصهيونية، وأي استمرار للحصار على غزة سيُقابل برد عسكري لن يستطيع العدو تحمله.

إن الأيام القادمة ستكشف مدى استجابة الاحتلال لهذا التحذير، ولكن المؤكد أن اليمن قد رسم بوضوح طريقاً جديداً في المواجهة، طريقاً يقوم على الفعل لا على الشعارات، وعلى القوة لا على التوسلات، وعلى موقف مبدئي لا يخضع للمساومات.