4 أيام.. بين الإنذار والنار!
ماجد حميد الكحلاني
في زمن تهاوت فيه العروش، وركعت الألوية، وانحنت الهامات أمام طاغوت العصر، يقف اليمن، ممثلاً بقائده الجسور السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله- سدّاً منيعاً في وجه الصهيونية العالمية، معلناً أن الدم الفلسطيني ليس سلعة للمساومات، ولا ورقة في موائد المتخاذلين.
مهلة أربعة أيام… لم تكن مجرد كلمات تُلقى في الهواء، بل كانت تحدّياً تاريخياً لعدوّ استباح الأرض والمقدسات، وصال وجال في ساحات المسلمين دون رادع. أربعة أيام منحها القائد الحكيم للوسطاء، علّهم يُعيدون العدو إلى جادة الاتفاق، في حين يعلم يقينًا أن الصهاينة لا يفهمون إلا لغة القوة، ولا يردعهم إلا السيف المسلول.
أيّ قائدٍ هذا الذي يفرض معادلاته على كيانٍ مدعوم من أقوى دولة في العالم؟! أيّ قائدٍ هذا الذي يواجه أمواج التخاذل العربي، والخنوع الدولي، والارتهان الإسلامي، ثم يقول بصوتٍ جهير: “نحن هنا… في الميدان، في الجو، في البحر، في البر، حيث يكون العدو، يكون الردّ”.
لقد أثبتت صنعاء أن فلسطين ليست شعاراً يُرفع لمواسم الخطابة، ولا ورقة يُلعب بها في بازارات السياسة، بل هي عقيدةٌ راسخة، ودينٌ يُؤمن به أهل القرآن، وأمانةٌ في أعناق الرجال الصادقين. فمنذ اللحظة الأولى، كان الموقف واضحًا لا غموض فيه: أيّ مساسٍ ببنية المقاومة، أيّ محاولةٍ لتهشيم عظامها، أيّ خنقٍ لها تحت ذريعة التسويات، يعني إعلان الحرب، بلا مواربةٍ ولا تردّد.
شتّان بين قيادة القرآن وقيادة الطغيان… وبين من يرون في فلسطين عبئاً ثقيلاً، يحاولون التخلص منه عبر صفقات العار، وبين من يرون في نصرتها فرضاً إلهياً لا يقبل التأجيل. شتّان بين من يضعون شروطًا مذلّة على المقاومة مقابل دعمهم الخجول، وبين من يقاتلون دفاعاً عن كيانها بلا قيدٍ أو شرط. شتّان بين قيادةٍ تستمد قوتها من كتاب الله، ومنهج النبي وأهل بيته، فتسير بأمتها في طريق العزة والمجد، وبين أنظمةٍ ترضع من حليب الخنوع، فتتخذ من القرآن مهجوراً، وتبيع شرفها في أسواق الغرب.
“ومن يتولَّ اللهَ ورسولَهُ والذينَ آمنوا فإنَّ حزبَ اللهِ هم الغالبون” صدق الله العظيم فهذا هو وعد الله، وهذه هي سننه في الأرض، لا تتبدل ولا تتحول. فحين يتولى القادة الحق، يقذف الله في قلوبهم القوة، وحين يتمسكون بعترته الطاهرة، يجعلهم كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى.
اليمن، الذي مزّق أوهام الهيمنة، وأغلق المضائق في وجه سفن المستعمرين، وأسقط الطائرات الحديثة بأسلحةٍ محلية الصنع، ووصلت صواريخه إلى تل أبيب، ليس يمناً هشاً، ولا رقماً هامشياً في معادلات الصراع. إنه اليوم، قبضةٌ من نارٍ في خاصرة العدو، ورايةٌ مرفوعةٌ في وجه العالم المتخاذل.
القائد الذي يفي بعهده…
حين يقول السيد القائد، يفعل. وحين يعد، يصدق. هذه حقيقةٌ لم تعد موضع شك، لا عند الصديق، ولا عند العدو. أربعُ أيامٍ ليست فرصةً للعدو، بل هي فرصةٌ للوسطاء كي لا يتحملوا وزر حربٍ قادمةٍ صنعها الغدر الصهيوني. فإن لم يُفتح المعبر، ولم تدخل المساعدات، فإن العمليات ستعود، وبقوةٍ أشد.
اليمن اليوم، ليس مجرد طرفٍ داعمٍ لفلسطين، بل هو رأس الحربة في المواجهة. العرب الآخرون يتوسّلون بياناتٍ جوفاء، يناشدون، يستجدون، بينما صنعاء ترسم حدود اللعبة بيدها، وتخاطب العالم بمنطق القوة، لأن منطق الضعف لم يعُد يُجدي مع أعداء الله.
إذا كانت واشنطن وتل أبيب تظنّان أن البيانات العربية تكفي لإخماد الثورة، فإن صواريخ صنعاء تقول العكس. وإذا كان العملاء يعتقدون أن فلسطين مجرد قضية ثانوية، فإن اليمن يصرّ على أن نُصرتها هي جوهر المعركة، ولبّ الصراع، وعنوان الشرف الذي لن يُمحى من سجلّ التاريخ.
يا أحرار الأمة، هذا زمن الرجال. هذا زمنٌ يُميّز فيه الخبيث من الطيّب، زمنٌ يُكتب فيه التاريخ بمداد الدم، لا بحبر الدبلوماسية الذليلة. فإما أن يكون المرء مع فلسطين، أو مع الصهاينة، ولا منطقة رمادية بعد اليوم. أما السيد القائد، فهو في كفّتي الميزان، كفةٌ فيها وعد الله، وكفةٌ فيها صواريخ الحق، وأمامهما عدوٌّ لم يعُد يملك إلا الرعب، والرعب وحده.