قيادة تتقدم وأُمَّــةٌ تتخاذل
صفاء المتوكل
منذ بداية العدوان الصهيوني الوحشي على غزة كشفت الأنظمة العربية عن وجهها الحقيقي ذلك الوجه المتخاذل الذي لا يعرف سوى بيانات الشجب والاستنكار وعقد القمم الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، يجتمعون يتباحثون يتظاهرون بالاهتمام لكنهم في النهاية لا يقدمون شيئاً لغزة سوى المزيد من الخِذلان.
كانت القمة العربية تتهاوى في مستنقع البيانات الفارغة والتصريحات الباهتة وجاء خطاب السيد القائد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله-؛ ليزلزل الأرض تحت أقدام العدوّ الصهيوني ويرسل رسالة مدوية للعالم، وليعيد رسمَ قواعد الاشتباك من جديد.
“استمرار العدوان على غزة يعني استمرار الهجمات اليمنية وحصار غزة سيُقابل بحصار للكيان في البحر الأحمر” هذه الرسالة القصيرة في دقائقها العميقة في مضمونها كانت أشد وقعًا وأبلغ تأثيرًا من كُـلّ القمم والتصريحات العربية مجتمعة.
ما وراء التهديد قوة الفعل قبل القول، ليس تهديد السيد القائد مُجَـرّد كلمات تلقى في الهواء بل هو تهديد تستند خلفه أفعال وواقع ميداني جعل العدوّ يدرك أن التهديدات القادمة من صنعاء ليست للعرض الإعلامي بل هي قرارات استراتيجية تُنفذ بدقة وبلا تردّد.
سبق أن استهدفت القوات اليمنية السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني وشلت حركة التجارة الإسرائيلية وهذا ما يجعل تهديد السيد القائد مختلفًا عن أي خطاب آخر؛ لأن العدوّ يدرك أن تنفيذ التهديد ليس سوى مسألة وقت إن استمر في طغيانه.
موقف اليمن شرف الأُمَّــة المفقود في الوقت الذي يهرول فيه بعض الحكام العرب نحو التطبيع والانبطاح يثبت اليمن مرة أُخرى: أنه الرقم الصعب في معادلة الصراع فبينما كانت القمم العربية تمتلئ بالخطب الجوفاء كان خطاب السيد القائد يحمل موقفها واضحًا لا تهاون مع العدوّ، لا خضوع للإملاءات الخارجية، لا تراجع عن نصرة فلسطين مهما كان الثمن، وهذا الموقف ليس غريبًا على قائد جعل من القضية الفلسطينية بوصلة لمشروعه التحرّري، شعبه يبادله الإيمان ذاته مستعدًا للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل نصرة المستضعفين ومواجهة الهيمنة الصهيونية والأمريكية في المنطقة.
الأيّام الأربعة حسابات العدوّ الدقيقة: أربعة أَيَّـام هي المهلة التي منحها السيد القائد للكيان المحتلّ وهي مهلة تعني أن العدوّ أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التراجع عن عدوانه وحصاره لغزة أَو مواجهة التصعيد اليمني الذي سيكلفه الكثير، العدوّ الصهيوني الذي يعاني من أزمات داخلية وانهيارات اقتصادية وعسكرية يدرك أن الجبهة اليمنية تمثل تهديدًا حقيقيًّا لا يمكن تجاهله، ولهذا فإن أية خطوة قادمة ستأخذ بعين الاعتبار أنَّ تجاهل التهديد اليمني قد يكون مغامرة قاتلة له.
في الوقت الذي يتاجر فيه زعماء العرب بدماء الفلسطينيين يأتي السيد القائد ليعلن موقفًا مشرفًا يجسد فيه معنى القيادة الحقيقية التي تضع القيم والمبادئ فوق أية اعتبارات سياسية أَو حسابات دولية، واليمن بشعبه وجيشه وقائده يثبت مرة أُخرى أنه خط الدفاع الأول عن الأُمَّــة في زمن خضعت فيه العروش وبقيت فقط سواعد الأحرار تمسك بزمام المعركة.
رسالة إلى الأُمَّــة: من صنعاء من قلب اليمن الثائر يخرج صوت السيد القائد عاليًا ليوقظ الأُمَّــة من سباتها ليعيد إليها كرامتها المفقودة ليؤكّـد أن زمن الهيمنة الصهيونية قد ولى وأن فلسطين لن تبقى وحدها طالما أن هناك رجالًا يوفون بعهودهم ويثبتون للعالم أن زمن الخضوع قد انتهى وأن معادلة الصراع تتغير بيد المقاومة لا بيد المتخاذلين.