صمود وانتصار

عدن في ظل “الفار هادي”.. فلتان أمني وعدم استقرار!!

منذ إعلان الرئيس المستقيل والمنتهي ولايته الفار عبدربه هادي عودته إلى مدينة عدنّ قبل أسبوعين، و تحديداً يوم الثلاثاء ١٧ نوفمبر، وضع هدفين رئيسيين لهذه “العودة” الأول إعادة الاستقرار إلى المدينة، والثاني قيادة معركة تعز من داخل اليمن.

تأتي زيارة هادي، التي تعتبر الأطول زمانياً منذ بدء العدوان السعودية، أو بالأحرى هروبه من مدينة عدن، قبيل مفاوضات جنيف بين الأطراف اليمنية، و تهدف لتعزيز فرص وفد السعودية على طاولة جنيف، تماماً كما هو الحال مع معركة تعز التي لم تحقّق أهدافها، بل عاشت عملياتها الفشل تلو الآخر. و اذا ما أردنا تقييم مدى نجاح عودة هادي إلى مدينة عدن، لا بد من “جردة حسابات” حول أهداف الزيارة، أو بالأحرى مدى قدرة هادي على تحقيق الأهداف المنشودة من هذه الزيارة.

في البداية، لا شكّ في أن هذه الخطوة تعتبر نجاحاً لهادي سواءً في صراعه القائم مع رئيس حكومته خالد بحاح الذي أراد أن يخطف الأضواء منه في المدينة، أو من الناحية الإعلامية، وهذا ما يروّج له حالياً الإعلام السعودي و نظيره اليمني الممول سعودياً، ولكن ما مدى تحقيق أهداف البقاء في عدن، الوضع الأمني ومعركة تعز؟

معركة تعز

لم تنجح قوات التحالف السعودي، المعزّزة بمرتزقة من دول أفريقية و أمريكية، في بسط سيطرتها على مدينة تعز، فقد تعثّر التحالف في المدينة اليمنية التي تشد معارك ضارية إضافةً إلى بروز خلافات حادة بين قوات التحالف و فصائل إسلامية مسلحة تقاتل إلى جانب قوات هادي، و لعل هذا الأمر يقف وراء تأخير موعد المفاوضات في جنيف تحت ذريعة “جدول الأعمال”، حيث نفى أحد أعضاء الفريق التفاوضي ما ناقلته بعض وسائل الإعلام المحلية عن تحديد موعد ١٣ ديسمبر المقبل لبدء المفاوضات.

اذا فشل هادي في تحقيق هذا الهدف من بقاءه في عدن، خاصةً أن خطوته جاءت في سياق محاولة إضفاء بعد سياسي بعد العسكري على الوضع الداخلي، فرغم اختيار السعودية للوقت المناسب لعودة هادي بحيث يفهم منها أنه تحقيق مكسب سياسي، إلا أن وقائع معركة تعز أفشلت هذا الشق في المحاولة السعودية.

الوضع الأمني

رغم أهمية معركة تعز، إلا أن الهدف الرئيسي من عودة هادي إلى عدن يتمثّل بإعادة الاستقرار والوضع الأمني المستتب للعاصمة المؤقتة، وفق هادي، فكيف هو واقع المدينة في ظل الرئيس المستقيل؟

منذ عملية السهم الذهبي وسيطرة تحالف العدوان والجماعات الإرهابية كالقاعدة وداعش وغيرها على عدن، لم ينجح هادي و حلفائه في تحقيق الأمن و الإستقرار في المدينة، و أبرز دليل على ذلك هو القصف الصاروخي الذي تعرّض له خالد بحاح والقوّة الإماراتية في فندق القصر، إضافةً إلى رفض المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ زيارة عدن بسبب الوضع الأمني. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تغيّر الوضع بعد حضور هادي إلى المدينة في١٧ نوفمبر، خاصةً أن هادي وإعلامه يروّجون لإستقرار عدن، كعودة الوزارات والمؤسسات؟

لكشف مدى دقة هذه “الإشاعات” يكفيك الحديث مع أي مواطن عدني، غير أولئك الذين يظهرون على شاشات الجزيرة والعربية، أو حتى الدخول إلى المواقع اليمنية العدنية سواء التابعة للحراك الجنوب أو لهادي نفسه، فهناك “لا يكاد يمر يوماً على مدينة عدن دون أن تتحدث الأخبار عن حادثة اغتيال جديدة لعسكري أو أمني أو سياسي.. وغالبا يكون مواطنون هم ضحايا القتل و التصفية و ترمى جثثهم في مقالب أو شوارع فرعية”، وفق مواطن ساكن في عدن.

المواطن اليمن يضيف قائلاً: لم تشهد الحالة الأمنية تحسنا يذكر عقب عودة الرئيس هادي و بعض الوزراء إلى المدينة حيث لم تملأ عودة هادي، الفراغ الأمني الذي يعصف بالمدينة.

شاهد آخر على الوضع الأمني الصعب في عدن هو سيطرة القاعدة على مرافق أساسيّة في المدينة، فقد أقدم تنظيم القاعدة على إقتحام إدارة تموين البواخر في حي التواهي في عدن و رفع علم القاعدة على سطح المبني، كذلك أوضح مسؤول أمني أن عناصر تنظيم القاعدة هاجموا الأحد، قبل يومين، فرعاً لبنك اليمن الدولي في مدينة المنصورة بعدن. وقال: إن المسلحين المتشددين نهبوا مبلغاً مالياً كبيراً قدره ٥٠ مليون ريال، وتجددت الاشتباكات بين القاعدة والحراك في القلوعة والمنصورة والتي كانت اندلعت نهار الأحد .

اذاً، رغم التهويل الإعلامي “للحياة الطبيعية” في عدن، إلا أن الواقع يعكس صورة معاكسة تماماً لما يروّج له إعلام ما يسميّ بعاصفة الحزم، هذا هو حال المدينة ريثما ينتهي العدوان، لا بل ريثما تنسحب القاعدة من هناك. أعان الله أهالى المدينة، الذين يقبعون بين مطرقة التحالف وسندان القاعدة، على محنتهم، فقد باتوا غرباء في أرضهم بين إماراتي و سعودي و بحريني و سوداني و..مرتزقة “بلاك وتر”.