أم الملياردير ( علي ) … فر وتركني ..!! / بقلم : عبدالله المؤيد
تركني وانا احن عليه من لمس بنانه لوجهه ,وغاب عن اولاده وزوجته من لايفارقهم طيفه برهة, ابتعد عن ابيه من جاد بكل مالديه من سهر ونصب لكي يوفر له ما حباه الله ولكي ينعم ويتعلم حتى صار ناضجاً ثم فر وتركنا نكابد ونكابد ,شيئُ من نفس ينقطع مع شدة الانفعالات التي بدت على محياها حين اكتضت نبراتها امام لسانها وهي توصف ذلك الحنين من طرف واحد وما اقساه ..
احاول استجماع قواي بعد ان نالني من الشرود ما نالني ,استحضرت كل لقطة مرت بي استدعيت ابي, وايقضت امي من غفوتها نهاراً ,كل ذلك كان يجري عبر اثير حي يختزل المشهد انتهاءً بالزوجة التي كانت تدبر امر منزلنا وتجمل ملامحه ,كم هائل من العبرة صدرته انا نحو اعماقي مستعيداً زمام المبادرة اكمالاً لمشهد الصمود امام عاصفة الحزن التي اكلتني ورمتني نحو جيش جرار من الالم عندها قلت بنبرة المتجلد
ماذا دهاك ياحرة ,شحوب في الوجه واحمرار في العينين ,اراك وقد نال منك العمر وانت من لا يجرؤ احد على هز جفن لك بسريرة غضب مابال الوجوم قد تلاعب بجسمك الذي كان ممتلئاً بالحيوية والنشاط ..
خمسينية العمر ,حادة الملامح ,خفيفة الطباع ,لسنة ذلقة ,رزينة الخطى ,كرمها حاتمي ورؤيتها ثاقبة ,بعد ان اخذت قدميها في التقدم قليلاً نحو شرفة حدائقها الواسعة في سفح جبلي يرتادة النعيم كل موسم من كل مالذ وطاب اضافة الى شجرة القات التي اصبحت من معالم ذلك الحقل المتدرج على قمم وسفوح مساحات شاسعة , وقد بدت اكثر روية وتعقل لما اصابني من حالة ذهنية جراء وصفها ذاك اخذت هي نفساً بعيداً بزاوية افقية متأوهةً بكل صلابة واليقين قد اخذ من محياها ما اخذ
لقد كان هنا ينعم بكل شيئ , ينام قرير عين من ماله وولده ,عمن تتكلمين ,اقصد ولدي الذي فر تاجراً , اسمعني , لقد ورثت كل هذا عن والدي وانا اتمتع بثروة طائلة واجني في العام من حصاد كل هذا الوادي وشعابه مالا يجنيه عشرون مواطن من الحبوب بمختلف انواعها بالاضافة الى شجرة البن العتيقة وكثافة انتاجها وجودة محصولها الذي لايضاها في العالم ,القات يدر علي عشرات الملايين سنوياً , زوجي واولادي جميعهم يسرحون ويمرحون بين اموالي دون حسيب او رقيب ,اصلاً انا من امنحهم هذه الخصوصية لكي يكونوا اكثر نشاطاً في تحمل اعباء العمل اليومي , لا اخفيكم ما زال الشرود الذهني يلفني , ذلك الزميل الذي طلبني لزيارته قد جعلني في موقف محير ,بينما انا استجمع افكاري وقعت عيني على منزل بطراز معماري فريد وتفاصيله الهندسية متقاربة ,تحدق في وتقول هذا هومنزله وبداخله كنت قد اشتريت له سيارته الشاص تويوتا في عامها ولكنه فر وتركها وتركني ,
اردفت قائلة بعد ان بانت اسنانها التي رسمت ابتسامتها على وجل انه (علي ) لقد ترك كل هذا النعيم وفر الى الله بدينه وجهاده وتضحياته ,لقد فر ياولدي من تجارتي في الدنيا واموالي الى تجارته الخاصة الى صفقة العمر الحقيقي والحياة الابدية ,لطالما ربيته على ان يكون شغوفاً بربه متفانياً لارضه وان يذود عنها من يسومها اغتصاباً او نهباً ,علمته ان ارضه جزء من كيانه واطرافه ,تطلعت اليها وهي تنثر مقاطع من الثقافة القرآنية وتوصف حبها لمحمد وال محمد وتتغزل في القرب منهم ومودتهم وتجمع بهارات الوطنية التي يتغنى بها الوطنيون المتشدقون وتضيفها على كلامها باللهجة العامية المرصعة بكل معاني الصدق والوفاء حتى خلصت الى قولها هذا ديننا وعرضنا وارضنا وهذا هو علي صارت اليمن كلها علي دماء علي واعدك ان علي لن يكون الاخير حتى يرتدع الغزاة عنا وتستثني قائلة كما ان دماؤهم _اي كل اولادها _ لن تكون اغلى من هذا الشعب المظلوم , حينها كنت باحثاً عن صخرة قوية تقلني الى ذكرياتي عندما كنت اجلس لقراءة قصص الخيال وسرديات التضحية المثالية التي يخلق منها اولئيك الكتاب فناً عظيماً ينالون على اثراء الشارع العربي والغربي به جوائزاً قديرة ,فتشت عن علي الشهيد في نعيم الان وبالامس فلم ارى ,فتشت عن اسطورة العطاء التي رددت لي وانا اسرح في بحور كلماتها وهي ترميني بها حينها في كل قواميس الحكايات وزوايا الرواية وفن القيل اليمني والعربي والغربي والعالمي عندما اوقفتني تماماً بقولها
مالك ياخبير مادريت ان الله قال
(ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوارة والانجيل والقرآن ومن اوفى بعهده من الله )