العدوان يلفظ أنفاسه بالرصاصة الأخيرة “داعش” و “القاعدة” (تحليل)
الصمود – “تحليل” 2015/12/7م
الحسين محمد الجنيد
تزامناً مع اقتراب انعقاد مؤتمر (جنيف2) وانهيار الجيش السعودي على الحدود، داعش تبث مقاطع لعملية ذبح واعدام تسعة يمنيين وتفجر أخرين على متن قارب صيد في الساحل الذهبي بعدن، وتنظيم القاعدة يحكم سيطرته على مدينة باتيس في أبين بعد سيطرتها على مدينة جعار ومدينة زنجبار عاصمة المحافظة، هنا يتساءل الكثيرون هل هذا التزامن من باب الصدفة البحتة، أم إيعاز سعودي لتلك التنظيمات، تغطيةً وانتقاماً لهزائمها من جهه، ومن جهةٍ أخرى لتقوم بتوظيفها ليكون عنوان طرحها على طاولة المفاوضات، بأن أولوية المرحلة القادمة هي مكافحة الإرهاب، لكي يستمر العدوان؟.
في مشاهد مقززه، بث تنظيم داعش في اليمن مقاطع فيديو لعملية إعدام تسعةٍ يمنيين تتضارب الأنباء عن هويتهم فبعض المصادر تقول إنهم جنود يمنيين أسرى لدى التنظيم والبعض يقول إنهم أفراد من مليشيا هادي من أبناء أبين، ولكن الأهم أنهم يمنيين أياً كانت هويتهم. وفي طابورٍ سار الضحايا مرتدين ذاك الزي البرتقالي، في مشهدٍ بات مألوفاً لنمط الإخراج التوثيقي لعمليات الإعدام تلك، والتي حللها الكثير من الأخصائيين النفسانيين بأن هذا النمط مستوحى من أسلوب الحكومة الأمريكية في التعامل مع سجناء غوانتنامو، وهذا يدلل على الارتباط الوثيق بين تنظيم داعش وبين المخابرات الأمريكية، فكما بات اسم غوانتنامو يبث الرعب في النفوس، بات اسم داعش يبث الرعب والهلع في نفوس الكثيرين. وفي بيانٍ صادرٍ له فقد ندد المجلس السياسي لأنصار الله هكذا أعمال إجرامية لا تمت لمبادئ وأخلاقيات الدين الإسلامي الحنيف سواءً من حيث التعامل مع الأسرى أو منهجية السلوك البشري حيث نص البيان “إذ ندين هذه الجرائم بأشد عبارات الإدانة والاستنكار فإننا نؤكد أنه رغم محاولاتنا إيجاد حل لقضية الأسرى ، إلا أن نظام آل سعود وأدواته في الداخل وفي مقدمتهم المدعو هادي ظل يعرقل أي حل يمكن أن يؤدي إلى إطلاق سراح أسری الجيش واللجان الشعبية ضمن صفقة تبادل أسرى والتي كنا علی وشك إنجاحها لولا عرقلة هادي لتلك العملية.”، محملاً المسئولية لهادي المسير وفق الأوامر المباشرة للنظام السعودي وفي إشارةٍ دلاليةٍ واضحة مفادها أن ما تقوم به داعش إنما تحت مرأى ومسمع بل وبتوجيهات مباشره من هادي المتلقي الأمر من النظام السعودي المعتدي.
بينما اتخذت القاعدة مسار توسيع مساحات سيطرتها على المحافظات الجنوبية، فبعد سيطرتها على حضرموت، أعلنت المصادر الأمنية بأن تنظيم القاعدة أحكم سيطرته على مدينة باتيس بمحافظة أبين بعد يومٍ واحدٍ لسيطرة التنظيم على مدينتي جعار وزنجبار عاصمة المحافظة، حيث تعد مدينة باتيس مسقط رأس المدعو “عبد اللطيف السيد” قائد ما يعرف “بالمقاومة الشعبية” التابعة لهادي، والذي فر من المدينة قبيل اقتحامها بعد أن فرّ إليها إثر سقوط مدينة جعار بيد التنظيم. الجدير بالذكر أن مدينة باتيس سقطت دون أي مقاومةٍ تذكر وذلك في سياقٍ يعيد للذاكرة مشاهد سقوط المحافظة بيد القاعدة أثناء فترة حكم هادي.
ومن جهته، صرح الناطق الرسمي لأنصار الله الأستاذ محمد عبد السلام “بأن ما يجري اليوم في المحافظات الجنوبية من جرائم تقترفها داعش، وتمدد لتنظيم القاعدة يؤكد ما تم التحذير منه في وقتٍ سابق من خطورة تواجد مثل هذه التنظيمات الإجرامية على الأرض كونها تستهدف الأمن والسلم الأهلي والمجتمعي في اليمن”.
“ارتباط التنظيمات الإجرامية بقوى العدوان”
هذا وأضاف عبد السلام في منشورٍ له على صفحته في “الفيس بوك”، موضحاً الارتباط الوثيق بين تلك الجماعات وبين الدول التي تقود العدوان على اليمن بقوله: “إن تحرك تلك الجماعات الإجرامية بكامل الحرية للسيطرة على المزيد من المديريات في الجنوب في وقتٍ تتعرض له البلاد لعدوان خارجي، فذلك ما يؤكد الارتباط العضوي بين تلك الجماعات وقوى العدوان، وتقاطع الأهداف فيما بينها لجهة إضعاف اليمن دولةً وشعباً، وضمان بقائه رهينة الوصاية الأجنبية”. وفي نفس السياق رأى عبد السلام بأن ما يجري هو “تمكين للقاعدة وداعش لفرض مزيدٍ من السيطرة على الأرض، حتى باتت هي الحاكم الفعلي للجنوب، والبقية ليسوا إلا لفيف من المرتزقة من الداخل والخارج، لا همّ لهم سوى ما يقبضون من المال وتجارة الحرب”. هذا وشدد عبد السلام “بأن هذه الفوضى تستوجب التذكير بأهمية ما كان يقوم به الجيش اليمني واللجان الشعبية في مواجهة هذه العناصر الإجرامية المتطرفة، وأن الخطرَ حينها كان واضحا وماثلاً للعيان، والذي استوجبَ مثلَ ذلك التحرك الوطني حرصاً على سلامة وأمن المحافظات الجنوبية”، مشيراً بذلك إلى التعبئة الشعبية العامة التي نفذها الجيش واللجان الشعبية إبان العدوان على اليمن، وبأن تلك التعبئة لم تكن إلا حرصاً وسعياً منهم لتطهير المحافظات الجنوبية من القاعدة.
وفي إشارةٍ أخرى له فيما يتعلق بالقضية الجنوبية وأن انتشار القاعدة وداعش ليس سوى مؤامرةً والتفافاً عليها، أوضح عبد السلام ” أن التحرك لمواجهة القاعدة وداعش في الجنوب يسعى في المقام الأول لضمان الانتصار للقضية الجنوبية من خلال إزالة العوائق المانعة لها أن تأخذ طريقها نحو حلٍ عادل”.
في حين يرى بعض المحللون السياسيون، بأن التزامن في تصاعد وتيرة جرائم داعش بحق الشعب اليمني، وازدياد مساحات السيطرة لتنظيم القاعدة في المحافظة الجنوبية، مع تدشين الجيش واللجان الشعبية للمرحلة الأولى من الخيارات الاستراتيجية والتي سبقها انهيار خطوط الدفاع الأولى لجيش العدو السعودي على الحدود، لم يكن من باب المصادفة، بل كان ايعازاً سعودياً لتلك التنظيمات، وذلك لاستفزاز الجيش اليمني واللجان الشعبية ودفعها للتحرك باتجاه المحافظات الجنوبية، وايقاف تقدمها في الحدود.
“مصير (جنيف2) في ظل المستجدات على الأرض”
هذا وكان للتطورات الميدانية وقعها الخاص على التحضيرات لمؤتمر (جنيف2) الذي تأجل أكثر من مره وفق رغباتٍ سعودية، علها تتمكن من إحداث تغيرات في الميدان، تتمكن من خلالها لفرض شروطها على طاولة المفاوضات. بيد أن الرياح لم تأتِ وفق ما تشتهيه حكومة المملكة، فصمود الجيش واللجان الشعبية في جبهة مأرب، وهزيمة قوات العدوان ومرتزقتهم في تعز، كانت مؤشرات واضحة لقوى العدوان لتصرف النظر عن هوسها بتحقيق أي شيء في هذه الجبهات.
في الوقت نفسه تمكن أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية من توجيه ضرباتٍ قاسيةٍ للعدو السعودي على امتداد جبهات المواجهة في الحدود، تمثلت في اسقاط مدينة الربوعة وعدد كبير من القرى والمواقع العسكرية السعودية وتوشك بعض المدن على السقوط، مما يجعل من شروط التفاوض لصالح اليمن، ولم يعد للسعودية أي أوراق ضغطٍ لتمارسها على الطاولة، حيث أشار بعض المراقبين والمحللين السياسيين بأن المأزق الذي تواجهه المملكة مع اقتراب انعقاد مؤتمر (جنيف2) وفقدانها لأي إنجازات في الميدان، يجعلها تلجأ لاستخدام ورقتي داعش والقاعدة لخلط الأوراق، فتتهرب من تنفيذ شرط إيقاف العدوان والانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية ورفع الحصار كلياً، بطرح أولوية مواجهة خطر انتشار التنظيمات الإرهابية، وتكثيف وتحشيد الجهود وتظافر الجميع لمحاربة تلك التنظيمات، حتى يتسنى لها البقاء في المشهد، وإبقاء مسمار العدوان على حائط اليمن.