صمود وانتصار

هل نحن على أبواب حروب “صليبية” جديدة؟

جرائم الكراهية تتصاعد في أوروبا وامريكا بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة وآخرها في برلين.. ترامب يدخل على خط التحريض ويتعهد بمحو الإرهابيين من الكرة الأرضية لانهم يقتلون المسيحيين.. هل نحن على أبواب حروب “صليبية” جديدة؟

ليس اصعب من ان تكون لاجئا او مقيما إسلاميا في أوروبا وامريكا هذه الأيام، حيث تتصاعد جرائم الكراهية والعنصرية ضد المسلمين، بسبب عمليات التحريض سواء في الاعلام التقليدي المرئي والمكتوب، او على وسائط التواصل الاجتماعي.

الهجوم الذي استهدف سوقا لاعياد الميلاد في برلين بشاحنة كبيرة، وادى الى مقتل 12 متسوقا، دهسا وأعاد التذكير بهجوم مماثل على كورنيش مدينة نيس الفرنسية، (قتل 86 شخصا وأصيب 500) في تموز (يوليو) الماضي، هذا الهجوم الذي جرى اتهام شاب باكستاني مسلم بتنفيذه، (لم تؤكد الداخلية الألمانية الاتهام)، ربما يصعد حملات الكراهية هذه، ومن يتابع مداخلات العنصريين الغربيين ضد المسلمين على وسائط التواصل الاجتماعي، وما تتضمنه من تهديدات صريحة بالترحيل والطرد واحيانا بالقتل، يدرك ما نقول.

ولعل اقتحام أوروبي عنصري مسجدا في مدينة زيوريخ السويسرية، واطلاق النار على المصلين واصابة ثلاثة منهم هو احدث التطورات المرعبة في هذا المضمار.

جرائم الكراهية ضد المسلمين في أوروبا وامريكا ترتفع معدلاتها بشكل متسارع، وأفادت صحيفة “يو اس ايه توداي” الامريكية ان العديد من الفتيات والسيدات المسلمات خلعن الحجاب لتجنب هذه الجرائم، فواحدة تعرضت لاعتداء من شاب عنصري في نيويورك قذف قهوة ساخنة في وجهها، ووصفها وزميلاتها بالارهابيات، وأخرى ركلها متطرف اثناء مغادرتها محطة قطارات في المانيا، واوقعها الى قاع السلم لانها محجبة، وهناك العديد من الجرائم لا تصل تفاصيلها الى الصحف.

الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي اظهر عداء واضحا للمسلمين، استغل الجريمة الإرهابية التي وقعت في المانيا وانقرة (اغتيال السفير الروسي) لتكرير هجماته التحريضية العنصرية عندما اصدر بيانا تعهد فيه “بمحو الإرهابيين عن على وجه الكرة الأرضية”، وقال “ان تنظيم الدولة الإسلامية وارهابيين مسلمين آخرين يهاجمون باستمرار المسيحيين في مجتمعاتهم، وأماكن عبادتهم في اطار جهادهم العالمي”، في الهجمة تعيد التذكير بالحروب الصليبية.

الحكومات الغربية وأجهزتها الأمنية تتحرك حاليا على جبهتين، الأولى كيفية حفظ الامن والنظام وحماية المهاجرين المسلمين من هذه الهجمات الإرهابية العنصرية التي تستهدفهم كردود انتقامية، والثانية الحيلولة دون تكرار هجمات إرهابية، جديدة تستهدف عواصمها ومدنها على غرار تلك التي وقعت في باريس وبروكسل وبرلين ونيس من قبل جماعات ومنظمات اسلامية متشددة مثل تنظيمي “الدولة الإسلامية” و”القاعدة”.

الغربيون يعيشون حالة من الخوف والرعب من جراء الهجمات الإرهابية التي تستهدف امنهم واستقرارهم وارواح مواطنيهم، والمسلمون المهاجرون والمقيمون يعيشون الحالة نفسها هذه الأيام، رغم ان الغالبية الساحقة منهم يحترمون القانون ويدينون العنف والارهاب، ويريدون الاندماج في اوطانهم الجديدة، مثلما يؤكد معظمهم في الحوارات واللقاءات التي تجري معهم.

الإرهاب واعمال العنف لم تعد مقتصرة على الأوروبيين، وانما الى العرب والمسلمين انفسهم، وما جرى ويجري في سورية والعراق والأردن وليبيا وتركيا، الا بعض الأمثلة في هذا المضمار، ولكن الكثير من الغربيين لا يرون هذا الجانب للأسف ولا يفرقون بين المعتدلين محترمي القانون، وبين القلة المتطرفة، وهنا تكمن المأساة.