السيد حسين الحوثي :التآمر المباشر على حياة النبي وتصفيته جسديا؟
? – انقلبت حياة العرب قبل غيرهم من الأمم من حال إلى حال، فما الفرق بين الحالين؟
? – ما هي الوظيفة الأولى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الأمة؟
? – كانت انطلاقة المشروع العظيم الذي جاء به الرسول الكريم من مكة المكرمة التي كانت ممتلئة بالضلال والباطل، فكيف كان موقف أهلها من هذا المشروع؟
? – ما هي أبرز الوسائل التي استخدمها أزلام مكة لمواجهة هذا المشروع العظيم؟
? – ما المشاعر التي حملها النبي تجاه من وقفوا في وجه هذه الدعوة السماوية؟
? – ما الذي أوصل المشركين إلى التآمر المباشر على حياة النبي وتصفيته جسديا؟
???????
?الرسول هو نعمة على العرب قبل غيرهم من الأمم
وقد عظمت منة الله به على العرب قبل غيرهم من الأمم قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} (الجمعة:2-3) يعني الأجيال اللاحقة التي لم تكن قد وجدت، ومنها جيلنا وعصرنا، {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (الجمعة:3-4).
فظل الله ورحمته أتت إلى هذه الأمة إلى الأميين العرب لتغير واقع حياتهم لترفعهم من ساحة الفسق والفجور والخمر والزناء والقتل والتناحر وأكل الميتة ووأد البنات وقتل الأطفال إلى أمة طاهرة لا يوجد فيها مجال لا للفسق ولا للفجور أمة مقدسة أمة نظيفة أمة صالحة أمة زكية النفوس وزكية السلوك وطاهرة القلوب وأمة يصلح واقعها لأن هذا الدين هو دين من تمسك به يعتز ويرتفع ويكون موصولا بالله.
وقد بذل (صلى الله عليه وعلى آله) كل جهده في تغيير الواقع السيئ الذي كان يعيشه العرب الأميون والعالم آنذاك، وهو واقع طغى عليه الجهل والخرافة والشرك والكفر والفساد والرذيلة والنهب والسرقة والتفرق، يعبدون الأصنام ويأكلون الميتة ويشربون الخمر، ويئدون البنات، ويمتهنون النساء، ويرتكبون الفواحش، ويأكل القوي منهم الضعيف في جاهلية جهلاء وضلال مبين وضياع للحياة، لا هدف ولا مبادئ، على شفا حفرة من النار.
إن دين الله هو صلة به صلة ما بين الله وبين عبادة وعلى أساسه يمنح الناس عزا وخيرا وفلاحا وخيرا كثير في واقع حياتهم {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} الأعراف96 من السماء والأرض.
عندما أتى رسول الله محمد(ص) بعث في عالم هكذا حاله عالم مليء بالضلال بالفسق بالفجور بالتخلف بالطغيان بالضياع أمة ومجتمعات ليس لها اهتمام بأي شيء مهم ضائعة ضائعة تماما متفرقة متناحرة ليس لها دين ولا دينيا ليس لها حاضر وليس لها مستقبل ضائعة تماما فكانت رحمة الله بهذا الرجل العظيم برسالته العظيمة دين الله العظيم والقرآن المجيد.
?الرسول بعث معلمًا ومربيًا لأمته
حينما بعث الله فينا نحن الأميين، نحن العرب، حينما بعث الله فينا ومنا محمدًا (صلى الله عليه وآله وسلم) رسولًا له مهمة كلفه الله بها، منوطة بنا هي لنا، رسول لنا لخدمتنا، يعمل من أجلنا، كلما لديه، كلما يقدمه لنا ومن أجلنا، {يتلو عليهم آياته}، آيات الله التي تمنحنا الوعي، وتمنحنا البصيرة، فلا يستطيع أحد أن يضلنا، ولا يستطيع أحد أن يخدعنا، ولا يتمكن أحد من إفسادنا طالما تحلينا بذلك الوعي وهاتيك البصيرة {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ} ونحن محتاجون إلى الزكاء، الإنسان يحتاج إلى زكاء نفسه كي يكون من الأبرار، وعنصرًا صالحًا في الدنيا، يقوم بدور عظيم يترتب عليه فلاحه وخيره وفوزه في الدنيا والآخرة.
{يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} وأيضًا معلمًا، رسول الله من مهامه تجاهنا أن يكون معلمًا لنا، يعلمنا كتاب الله الحكيم، كتاب الله الكريم، كتاب الله الذي يتضمن التعاليم العظيمة، التي إن أخذنا بها نسعد في الدنيا والآخرة ونسلم من عذاب الله في الدنيا والآخرة، ونعيش في عزة وسعادة ويكون مصيرنا إلى خير في الآخرة أيضًا، معلم، معلم، يعلم كتاب الله، ويعلم هذه الأمة الحكمة لتكون أمة حكيمة، حكيمة في مواقفها، حكيمة في سلوكها، حكيمة في أعمالها، حكيمة في إدارة شؤون حياتها، حكيمة في مواجهتها مع أعدائها، تصرفاتها حكيمة، ومواقفها حكيمة، وأعمالها حكيمة. هذا هو الرسول، وهذا هو مشروعه للأمة أولها ولاحقها، سابقها وآخرها، رسول الله هو لهذه المهمة؛ لأن يكون لنا معلمًا لنا، مربيًا لنا، قائدًا لنا، مصلحًا لنا، يحل مشاكلنا، يزكي أنفسنا، يقودنا إلى حيث الخير، إلى حيث الرشاد، إلى حيث العزة، إلى حيث المجد، إلى حيث الفلاح، إلى السعادة، يشدنا نحو الله، ويصلنا بالله بما يكسبنا رضوان الله، وتوفيق الله، وعون الله، ونصر الله، رسول يتكفل بهذه المهمة لهذه الأمة، السابقين منهم واللاحقين {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}.
إذًا هذا يمثل فضلًا من الله علينا لنعرف هذا، رسول الله حينما بعث الله فينا رسولًا منا، هذا يعتبر فضلًا من الله علينا نحن، منة من الله علينا نحن، فحينما قال الله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} هذا من أعظم ما أكرمنا الله به أن يجعل منا رسولًا، رسولًا له هذه القيم، وهذه التعاليم، وهذه المهام العظيمة؛ لكي نكون نحن خير أمة أخرجت للناس، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونسود فوق الأمم الأخرى، وننهض بمسؤولية هي شرف كبير لنا، فالرسول منا فضل من الله علينا، وهو في نفس الوقت منة {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (آل عمران:الآية164) حتى لا نكون أمة ضائعة، أمة تعيش دون هدف، ضائعة في كل مجال من مجالات الحياة، ثم يكون مصيرها إلى جهنم والعياذ بالله، فهذه منة، مَنَّ الله، ذلك فضل الله، شرف كبير أنعم الله به علينا، حين نعرف أن الرسول محمد هو منة من الله علينا وفضل علينا وشرف كبير لنا، وأنه من أعظم ما قدمه الله لنا، أعظم من كل النعم المادية التي لا يصبح لها أي قيمة مع الشقاء ومع الضلال ومع البعد عن هدى الله جل شأنه.
???
?مكة المكرمة بداية المشوار
حينما بعث رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) بعث في مجتمع يبدأ منه المشوار هذا المجتمع هو مكة ومكة كانت بقعة مقدسة لأن فيهما بيت الله الحرام والكعبة المشرفة وهي البقعة الأساسية التي استوطنها إسماعيل أبن نبي الله إبراهيم صلوات الله عليهما.
جاء محمد في تلك البقعة تلك البقعة كانت أيضا قد سيطر عليها الشرك والضلال والفساد مثل ما سائر العالم العربي والعالم بكله آنذاك جاء الرسول وبدأ مشواره من هناك وبما أن هذا الدين هذا الدين هو استنقاذ للإنسان وصلاحه وفلاحة واستنقاذ الناس من العبودية لغير الله سواء أصنام الحجر أو أصنام البشر.
فقد عمل على استنقاذ الناس من العبودية للطواغيت والمجرمين والمفسدين والمضلين الذين يتعاملون مع عباد الله بالإذلال والاستعباد والإهانة لا يهمهم أمر الناس ولا خير الناس ولا ما فيه مصلحة الناس أبدًا.
?طواغيت مكة في مواجهة المشروع الإلهي
الطواغيت عادة ما يكونون أنانيون مستكبرون تحل فيهم روح الإجرام وروح الأنانية والاستكبار والغرور فيجعلون من الناس مجرد خدم لهم وعبيد لهم يسخرونهم لتحقيق مصالحهم الخاصة.
ولأن المشروع الإسلامي مشروع رحمة للناس يستنقذ المستضعفين ويبني مجتمعا عزيزا كريما عظيما ولأن المشروع الإسلامي في نفس الوقت ضد الظلم وضد الباطل ضد الطغيان ضد الإجرام والمجرمين فقد أثار حفيظة الطغاة وأثار حفيظة المجرمين والمستكبرين فعملوا بكل جهد لمواجهة نبي الله محمد ووقفوا بوجهه بكل وسيلة وبكل أسلوب بعمل جاد ومتواصل لوأد هذا المشروع وللقضاء على هذا الرجل ورسالته الإلهية فقد عملوا بكل جهد مثلما قال الله جل وعلى في شرح واقعهم: {وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ}ص4 ـ6 الملأ منهم كبارهم والمتنفذون فيهم من لهم السلطان والنفوذ أو الثروة والمال انطلقوا في محاربة هذا المشروع الإلهي العظيم {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ}ص6 لأنهم كانوا يجعلون من الشرك وسيلة للنفوذ واستعباد الناس من دون الله جل وعلى (أن امشوا ) تحركوا في مواجهة هذا المشروع لا تسكتوا عنه لا تقفوا أمامه أمشوا تحركوا واعملوا ضده بكل ما يمكن واصبروا على ألهتكم تحركوا في مواجهة هذا الرجل الذي ينسف حالة الشرك والاستعباد لغير الله بصبر { إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ }ص7ـ6.
بدأوا في مواجهة المشروع الإلهي الذي يهدف إلى تزكية هذه الأمة ومشروع في واقعه الشيء الصحيح الشيء الطبيعي أن تتقبل الأمة هذا المشروع أن تستجيب لله لأنه مشروع خير لهذه الأمة دين الله هو لخير هذه الأمة لصلاحها هي لتزكيتها هي لمجدها هي وعزتها هي مثلما يقول الله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} الزخرف44.
شرف كبير لك وشرف كبير أيضا لقومك لأن فيه مجد قومك وعزتهم وقيامهم وحياتهم وسعادتهم وسيادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة وإبعادهم عن الذل والقهر والهوان والانحطاط.
لذلك هذا المشروع الإلهي الذي يهدف لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور كان الشيء الطبيعي أن يقبل أن يتبع أن يستجاب له.
لكن أولئك الطواغيت والجبابرة أمثال أبو جهل وغير أبو جهل وأمثالهم كثير من أصحاب النفوذ فقد كانوا يرون في دين الله وتحرير العباد من هيمنتهم وطغيانهم يرون في ذلك خطر عليهم كما يرون فيه مشروعا يهدد ما يقوم كيانهم عليه من ظلم وطغيان ونهب وغير ذلك.
تحركوا في مواجهة هذا المشروع بداية بالشائعات والأكاذيب قالوا عن الرسول أنه ساحر وأن التأثير الذي لهدى الله ولآيات الله ولكلام الله على قلوب الناس ومشاعرهم وعلى نفوسهم سموه سحرا وحركوا هذه الشائعة في المجتمع ليصدوا المجتمع حتى عن اتباع الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) والاستجابة له.
قالوا عنه كذاب وإنما يقوله كذب وأنه ليس رسول من عند الله وأن القرآن ليس كتاب الله، قالوا عنه مجنون ومختل عقليا ولديه مشاريع غريبة وأفكار غريبة، قالوا فيه شاعر نتربص به ريب المنون.
تحركوا في أوساط المجتمع بهذه الشائعات وبشكل كبير ومكثف ونشاط كبير لكنهم لم يفلحوا لذلك ولم يتحقق لهم مأربهم من إيقاف هذه الدعوة. واجهوا النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) بالتكذيب والعداء وإثارة المجتمع ضده لكنهم لم يفلحوا في القضاء على هذه الرسالة العظيمة.
استمر رسول الله محمد (ص) صابرا محتسبا ثابتا مبلغا رسالات ربه صادعا بالحق لا يبالي بأنه وحيد في هذه الأرض وبدأ مشواره وحيدا وفيما بعد استجاب له فئة قليلة من الناس لم يوحشه ذلك توكل على الله وصدع بأمر الله وصبر وصابر واستمر في تذكير عباد الله برحمة رحمة كبيرة إلى حد أنه من شدة الحرص على هداية الناس وهو يرى الخطر الكبير عليهم في عدم الاستجابة لله والخسارة الكبيرة عليهم تأخذه الحسرة الكبيرة على الناس والألم الشديد إلى حد أن يقول الله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا }الكهف6 تكاد أن تقتل نفسك تكاد أن تخنق نفسك من الهم والحزن والأسف على هؤلاء كيف لا يهتدون كيف يعرضون عما هو خير لهم عما هو عزة لهم عما هو شرف كبير لهم عما في فلاحهم ومستقبلهم في الدنيا والآخرة.
استمرت هذه الحالة من الصراع بشكل إعلامي واستغل أولئك المتنفذون والطغاة والجبابرة نفوذهم لدى الناس لصد الناس عن سبيل الله وعن الاستجابة فكانت الاستجابة في داخل مكة عبارة عن فئة قليلة من المستضعفين استجابوا لرسول(ص) وأسلموا وانطلقوا مع الله وفي سبيل الله وكانت قضية الإسلام تعني تجندا كانت مسألة أن تنظم أن تسلم معناه أنك صرت جندينا لخدمة هذه الرسالة
العظيمة الإسلام والاقامة هذا الدين.
تحرك أولئك المؤمنون وهم قلة لكنهم صابرون وثابتون رغم كل المعاناة الشديدة: القهر الظلم لهم والمحاولة دائمة لصدهم وإبعادهم عن الحق.
واستمر رسول الله محمد (ص) مبلغا لرسالة الله عاملا على هداية الناس وإنقاذهم وتحريرهم من العبودية لغير الله جل وعلى حتى وصل الحال بعد ثلاثة عشرة سنة في مكة إلى أن يحصل تآمر كبير لهدف تصفيته أو القضاء عليه بأي طريقة.
وهذه حالة من العجز هذا الحالة من العجز عليها كل طواغيت الأرض قبل رسول الله وفي عصره وبعد عصره يعجزون عن مواجهة هدى الله لأن هدى الله قوي والحق قوي والباطل زهوق والباطل ضعيف وأمام القدرة البيانية للحق ووضوح الحق وصدوع الحق يتحول الباطل عندما يعجز ويفشل في مواجهة الحق يعجز عن الحجة وعن البيان يلجئ إلى محاولات أخرى إلى القوة لمنع الحق وتصفيته والقضاء عليه.
???????
الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي