السيد حسين الحوثي :يتحدث عن بعض الأحداث التي جرت في مكة خلال ثلاث عشر سنة
? – حين أمر الله نبيه بأن يصدع بالدعوة الشريفة كيف كانت مواقف قومه من بني هاشم، ومن قريش؟
? – ما العروض التي قدمتها بها قريش إلى النبي صلوات الله عليه وعلى آله؟ وما هو الموقف الأخير لشيخ بني هاشم حينها بعد أن رفض النبي كل تلك العروض؟
? – ما الدافع الذي حمل المسلمين بالهجرة إلى الحبشة؟ وما موقف النجاشي من المهاجرين؟
? – كيف كان إسلام حمزة بن عبد المطلب؟ وما هو وقعه على أهل مكة؟
? – هل اكتفت قريش بمواجهة بني هاشم حين ذادوا عن الرسول بأسلوب الحصار الشامل فحسب؟ أو أنهم لجئوا إلى أساليب أخرى للتخلص من النبي؟
? – ما هي عوامل صمود بني هاشم في فترة حصارهم في شعب أبي طلب لمدة ثلاث سنوات؟ وكيف كانت نهاية الحصار؟
???????
?بعض الأحداث التي جرت في مكة خلال ثلاث عشر سنة?
?وأنذر عشيرتك الأقربين
كان القرآن الكريم في كل يوم يهز عرش قريش هزًا عنيفًا وقريش تكابر وتتظاهر بعدم اكتراثها وتستهزئ برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ومن آمن به ولكن الخوف قد بدأ في قلوبهم.
جبريل (عليه السلام) ينزل بقول الله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} (الشعراء: 214) {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (الحجر: 94).
الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لبني هاشم وهم في ضيافته في بيته: ((أيها العشيرة ما أعلم أن أحدًا قد جاءكم بمثل ما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر؟)).
علي (عليه السلام): أنا يا رسول الله أنا عونك أحارب من حاربت.
بنو هاشم انصرفوا مستهزئين وقالوا: ألهذا دعوتنا.
ولكن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في الصباح يذهب إلى الصفا ليدعو قريشًا كلها.
رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فوق الصفا: ((يا معشر قريش.. يا معشـر قريش أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلًا بسفح هذا الجبل أكنتم تصدقوني)).
قالوا: نعم. أنت عندنا غير متهم.
قال: ((فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)).
يا بني عبد المطلب يا بني عبد مناف، يا بني زهرة، يا بني تميم، يا بني مخزوم، يا بني أسد إني لا أغني عنكم من الله شيئًا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله.
أبو لهب: تبأ لك، ألهذا جمعتنا.
جبريل (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5)} (سورة المسد).
تشاور الطواغيت وقرروا الذهاب إلى أبي طالب.
أحدهم: يا عبد مناف يا أبا طالب إن ابن أخيك يسب آلهتنا ويسفه أحلامنا.. فإن كان يريد ملكًا جعلناه ملكًا علينا وإن كان يريد مالًا جعلناه أكثر مالًا.
محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: ((يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه)).
وكانت مكائد قريش تبوء بالفشل فكلما حاولوا تشويه رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ونشـر الأكاذيب ومعارضة القرآن جاء القرآن بقوة لينقض كل مكائدهم ويظهر كذب أقاويلهم وخبث نواياهم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (فصلت:26) وعندما يتكلمون مع العامة لتضليلهم يأتي القرآن ليفضحهم.
وفي المكان الذي تجتمع فيه قريش [دار الندوة] كان الجميع يرى بوضوح هزيمة قريش أمام القرآن.
فقام أحدهم قائلًا: لقد جعل محمدٌ منا ومن آلهتنا حديث الناس في الأسواق والمجالس ولا نستطيع مقارعته فما الحيلة لمنع الناس من اتباعه قبل أن يقضـى عليكم؟
ويجيبه آخر: لا حيلة إلا أن يتركه أبو طالب لنا على أن نعطيه مالًا، فينطلقون إلى أبي طالب ويعرضون عليه هذا العرض.
أبو طالب: أما المال فلا حاجة لنا به وأما الولد فما تنصفوني، أتعطوني ولدًا أغديه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه؟
المطعم بن عدي: ما أراك تريد أن تقبل منا شيئًا.
أبو طالب: والله ما أنصفتموني ولكنكم قد أردتم وأجمعتم على خذلاني ومظاهرة القوم عليَّ فاصنعوا ما بدا لكم ثم اتجه إلى محمد وقال له: اذهب يا بني يا محمد فافعل ما أحببت والله لا أسلمك لشيء أبدًا وأنشد يقول:
والله لـن يصلـوا إليـك بجمعهم حتى أوسد في الـتراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وامض وقر بذاك منك عيونا
ولم يستطع أولئك الطواغيت إطفاء نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
?تعذيب المستضعفين:
وعندما عجزت قريش عن مقارعة القرآن وثني الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) عن نهجه لجأت إلى تعذيب من أسلم من العبيد والموالي والضعفاء كبلال وخبَّاب وصهيب الذين كسروا حجار الأصنام حين كسرت قريش على صدورهم الحجارة في حر الشمس الشديد وألهبوا نارًا تأكل جبابرة قريش حين ألهبت ظهورهم السياط الظالمة لأيام وأيام ونرى سمية وزوجها ياسر وابنهما عمار يضربون أروع مثالٍ للأسرة المؤمنة.
أبو جهل يقول لعمار: تراجع يا ابن سمية وإلا قتلت أمك وأباك أمام عينيك. ولم يرد عليه عمار بشيء.
أبو جهل مشيرًا إلى غلمانه: اضربوهم بالسياط. فيضـربونهم حتى أغمي عليهم وبينما أبو جهل يعذبهم مر رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) مواسيًا لهم وموصلًا رسالة إلهية عاجلة بموعدهم الجميل ألا وهو الجنة حين قال: ((صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة)).
وبعد أيام من التعذيب يفقد أبو جهل عقله ويضع سنان رمحه على نارٍ حتى صار كالجمرة ليتقدم نحو سمية أم عمار وهو لا يدري أن خطواته تلك هي الفاصل بينها وبين الجنة فيطعن ظهرها لتفيض روحها الطاهرة محلقة إلى مكان الموعد منتظرة لزوجها ياسر، وهي أول شهيدة في سبيل الله وبعد لحظات حتى التحق بها زوجها ياسر.
?الهجرة إلى الحبشة
لما اشتد تعذيب قريش لمن آمن من المستضعفين أشار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة فهاجر أحد عشـر رجلًا وأربع نساء.
ولكن قريشًا نشرت خبرًا أنها تركت تعذيب المسلمين، فلما بلغهم الخبر رجعوا بعد شهرين فوجدوها حيلة لإعادتهم.
ولكن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أشار عليهم مرة ثانية بالهجرة وجعل على رأسهم جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) فخرج ثلاثة وثمانون رجلًا وثماني عشـر امرأة بسرية تامة وتخطيط محكم فلما علمت قريش غضبت غضبًا شديدًا وأرسلت عمرو بن العاص أحد دهاة العرب وصديق ملك الحبشة وحمَّلته بالهدايا للملك ووزرائه.
عمرو بن العاص راكعًا بين يدي ملك الحبشة: كيف حال مولاي الملك المعظم؟
النجاشي: على أحسن حال.. كيف أنت يا عمرو؟ لقد غبت عنا كثيرًا …. دار الحديث بينهما وسلم الهدايا.
النجاشي: ما أقدمك إلينا يا عمرو؟
عمرو: لقد فر إلى أرضكم من قومنا فتية خرجوا عن ديننا ولم يدخلوا في دينكم وجاؤوا بدين جديد.
البطارقة [وزراء النجاشي]: نرى أن تسلمهم لعمرو يا مولانا الملك.
النجاشي: فأتوا لنسمع منهم قبل أن نسلمهم.
جعفر بن أبي طالب: كنا قومًا أهلَ جاهلية: نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونُسِيءُ الجوار، ويأكل القويُّ منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف: نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفِّ عن المحارم، والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقولِ الزُّورِ، وأكلِ مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام- وعدد عليه أمور الإسلام-؛ فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله؛ فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحَرَّمْنَا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحلَّ لنا؛ فَعَدَا علينا قَومُنَا فعذبونا، وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا، وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا-خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارِك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك.
فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ فقال له جعفر: نعم، فقال النجاشي: فَاقْرَأْهُ علي، فقرأ عليه صَدْرًا من ﴿ü﴾، فبكى النجاشي حتى اخْضَلَّتْ()لحيته، وبكت أساقفته حتى أَخْضَلُوا مصاحفَهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال لهم النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مِشكاةٍ()واحدة؛ انطلقا فلا والله لا أُسَلِّمُهُمْ إليكما، ولا يُكَادُونَ! وقد أسلم رحمه الله، ولما مات صلى عليه النبي وأصحابه صلاة الغائب.
وفي اليوم الثاني جاء عمرو بن العاص وقال للملك: إنهم يقولون في عيسـى قولًا عظيمًا فاستدعى النجاشي جعفر بن أبي طالب وسأله.
النجاشي: ما تقولون في عيسى بن مريم؟
جعفر: نقول فيه ما يقوله نبينا وتلا من سورة مريم: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشـَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)} حتى بكى النجاشي والبطارقة.
النجاشي: انطلق يا عمرو فوالله لا أسلمهم إليكم. ثم يلتفت إلى غلمانه قائلًا: ردوا إليهم هداياهم.
وتعود قريش خائبة ويفرح رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) والمؤمنون بذلك.
?إسلام حمزة
نعم إنه الفرج يتوالى فها هو حمزة بن عبد المطلب راجع من رحلة صيد فتقف جارية لتخبره بسب وشتم أبي جهل لمحمد عند الصفا.
حمزة: وأين أبو جهل؟
الجارية: مع القوم في المسجد.
فيتجه حمزة مسرعًا إلى المسجد حتى وقف على رأس أبي جهل والغضب قد بدا على وجهه فيمسك قوسه ويضرب أبا جهل ضربة شجَّه بها وقال: ردها عليَّ إن استطعت. فقام رجال من الذين في المجلس وقالوا: يا حمزة ما نراك إلا قد صبأت.
حمزة: ومن يمنعني أن أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فامنعوني إن كنتم صادقين.
أبو جهل: دعوا أبا عمارة فإني قد سببت ابن أخيه سبًا قبيحًا.
فكان إسلام حمزة على رؤوس الملأ كصاعقة نزلت بقريش فهو فارسها الأول وسيد من ساداتها فقد أسلم بعده ثلاثون رجلًا وسقطت هيبة قريش وزاد المؤمنون قوة ومنعة.
?حصار الشعب
كبار قريش مجتمعون في دار الندوة يبحثون عن طريقة لحرب الدين الجديد.
أحدهم: إن أصحاب محمد قد نزلوا بلدًا أصابوا به أمنًا وقرارًا فما رأيكم؟
فكان كل شيطانٍ منهم يدلي بدلوه حتى استقر رأيهم على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب فلا يبيعون منهم ولا يزوجونهم ولا يجالسونهم ولا يكلمونهم حتى يسلموا محمدًا وكتبوا بذلك صحيفة تعاهدوا عليها وعلقوها داخل الكعبة توكيدًا على أنفسهم.
فلما فعلت قريش ذلك انحازت بنو هاشم وبنو المطلب ودخلوا مع أبي طالب في شعبه إلا أبا لهب.
وفي ليلة من الليالي تسلل رجلان لاغتيال رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ولكن أبا طالب ارداهما قتيلين قبل أن يصلا إلى بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
ويستمر الحصار ما يقارب ثلاث سنوات أنفقت خديجة مالها وأنفق بنو هاشم أموالهم في شراء الطعام سرًا وأكلوا من أورق الشجر لشدة الجوع لأن قريشًا تحاصر أطفالًا ونساءً وكبارًا في السن وتمنع من يريد الدخول إلى الشعب.
فهبط جبريل الأمين (عليه السلام) مبشرًا بانتهاء كل ظلم وجور فالصحيفة قد أكلتها الأرضة ولم تترك إلا اسم الله. فأخبر رسول الله (صلوات الله عليه وآله وسلم) عمه أبا طالب الخبر.
أبو طالب: يا معشر قريش يا قوم.. ويخبرهم الخبر ثم قال: وإني آخذ عليكم إن كان صادقًا أن تتركوا أذيته وتؤمنوا به وإن كان كاذبًا أتركه وشأنه معكم.
زعماء قريش: أنصفتنا يا أبا طالب.
فلما رأوا الصحيفة قد أكلتها الأرضة لم ينقضوا الحصار وأصروا على ظلمهم.
أبو طالب: هل تبين لكم أنكم الظالمون؟
فلم يردوا عليه.
فاتجه أبو طالب ومن معه إلى الكعبة قائلًا: يا معشر قريش نحاصر ونحبس وقد بان الأمر.
ثم تعلق بأستار الكعبة قائلًا: اللهم انصرنا على من ظلمنا وقطع أرحامنا واستحل منا ما حرم الله. ثم انصرفوا إلى الشعب.
وفي الليل وبسرية اتفق ستة رجالٍ من قريش على نقض الصحيفة ورسموا خطة محكمة فلما أصبح الصباح ذهبوا وجلسوا متفرقين في النادي حيث تجتمع قريش بالقرب من المسجد وبينما أهل النادي يتحدثون قام زهير وقال: أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباعون ولا يبتاع منهم والله لا أقعد حتى تشقق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.
أبو جهل من جانب المسجد: كذبت والله لا تشق.
فقام رفعة من مكانه وقال مخاطبًا أبا جهل: أنت والله أكذب ما رضينا كتابتها حين كتبت.
فقام الثالث من مكانه وقال: صدق والله رفعة وكذلك قال الرابع والخامس والسادس حتى ظن أهل النادي أن الأكثر يريدون نقض الصحيفة فاتجه أولئك الرجال ومعهم من أهل النادي إلى الكعبة فلما رأوا الصحيفة قد أكلتها الأرضة ازدادوا إصرارًا على كسـر الحصار فاتجهوا إلى أبي طالب ومن في الشعب وأخرجوهم ليعودا إلى بيوتهم وينتهي الحصار الظالم.
???????