الإمارات والسعودية .. صراع النفوذ في اليمن .!
الصمود / عاصم السادة
يبدو أن الأفق السياسي للرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي يضيق تدريجياً أمامه حيث باتت مواطئ أقدامه محدودة في اليمن لاسيما بعد أحداث مطار عدن الدولي، إذ مُنعت طائرته القادمة من الرياض، الهبوط على المدرج، وعاد مجبراً الى سقطرى.
اليوم نستطيع القول أن الشمال والجنوب اليمني متفقان ويلتقيان في نقطة محورية، أساسها المنطقي، أن “هادي” لم يعد مقبولاً لديهما ولا يمثلهما بل أنه غير مرغوباً فيه.
هكذا أظهرت المعركة الأخيرة في مطار عدن حينما أقدم “ناصر” نجل هادي كونه قائد الحماية الرئاسية “لوالده” فرض هيبته على القوات التي تتولى حماية المطار بقيادة المقدم صالح العميري لكنه وجد عكس ذلك؛ فتمردوا عليه مما ادى الى اشتباكات عنيفة بين حماية المطار والحماية الرئاسية، تدخلت على اثر هذه المعركة طائرات التحالف (السعودي والاماراتي) ونتج عنها العشرات من القتلى والجرحى.
كشفت معركة “مطار عدن” الكثير من الأشياء وأسقطت الأقنعة التي كانت تتستر خلفها الدول المُدعية “تحرير عدن” من قوات صالح والحوثيين، وبينت أهدافها المضمرة والخبيثة من الجنوب اليمني برمته وليس محافظة عدن فحسب، فقد طفت على السطح حقيقة تسابق السعودية والإمارات ومن خلفهما بريطانيا لإعادة إحتلال عدن تحت مبرر “التحرير”، وذلك للإستحواذ على مقدرات ومكتسبات الجنوب الإقتصادية والجغرافية والعسكرية..ولعل قادم الأيام كفيلة بإثبات ذلك بعُد الأمد أو قرب.
تبدو السعودية ضعيفة أمام الإمارات في عدن من ناحية النفوذ العسكري، وقد يعود ذلك لإنشغالها في حماية حدودها مع اليمن من توغل الجيش واللجان الشعبية اليمنية في أراضيها .
وبالتالي ما يسمى “الحزام الأمني” التابع للإمارت هو من لديه القبضة الحديدية اليوم في عدن ويتحكم بزمام أمورها وليس هادي و”الجيش الوطني” الإسمي، كما تلوكه وسائل الإعلام السعودية؛ فالإمارات تتكئ في الجنوب على التيار السلفي وبعض فصائل الحراك الجنوبي في فرض نفوذها بل وتقف في صف مطالبهم المتمثلة بفك الإرتباط عن الشمال اليمني وتأسيس حكم ذاتي.
“هادي” الذي يعد رجل السعودية الأول بدا هذه المره منكسراً مما جرى له من رجال الإمارات في عدن؛ فذهب شاكياً الإمارات للسعودية لعلها تنصفه، وهدد بالإستقالة إذا لم يرد إعتباره، فاتفقت السعودية والإمارات على تسليم مطار عدن لقوات حماية تابعة للمملكة، ورغم ذلك لم يُنفذ الإتفاق.
ما حدث في “مطار عدن” كان مقصوداً لـ(هادي)، بل وفرصة إتخذتها الإمارات كردة فعل، لإقصاء نائب الرئيس ورئيس الوزارء السابق خالد بحاح، المحسوب عليها، وتعيين الجنرال علي محسن الاحمر المنتمي لحزب الاصلاح (الاخوان) نائباً للرئيس بديلاً عنه، لاسيما وأن الإمارات تناصب العداء لهذا التنظيم إذ تعده منظمة إرهابية..وبالتالي أعدت الإمارات هذا الموقف صفعة لها وتحجيم لوجودها في التحالف الذي تقوده السعودية لإعادت “الشرعية” لليمن.
لن تتوقف الإمارات عند هذا الحد من ردة فعلها، فلديها الكثير حتى تفرض “بحاح”، من جديد في الحياة السياسية أكان بقوة الميدان أو السياسة.
إن المتأمل في هكذا حالة يخلص إلى أن هادي وحكومته وشرعيته ليسوا سوى ذريعة لتقاسم الكعكة والسلطة بين تلك الدول المتصارعة بدعوى المدافعة عن “الشرعية” الهلامية التي يُتخذ منها ورقة لتقسيم اليمن والنيل منها واستغلال موقعها الإستراتيجي.