الحرب العالمية الثالثة قاب قوسين أو أدنى
تناولت صحيفة الاندبندنت البريطانية اليوم على لسان الكاتب “يوسف الجنغي” مقالاً حول احتمالية وقوع حرب عالمية ثالثة حيث قال الكاتب إنه وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك أي قتال رئيسي بين القوى العظمى منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن هناك ثلاث جبهات رئيسية ناشئة تجعل احتمال نشوب صراع عالمي ثالث أمراً مقلقاً للغاية.
وقالت الصحيفة: إن احتمال نشوب صراع عالمي وحرب عالمية ثالثة يبدو غير وارد إلى حدّ ما، لكن ومنذ الحرب العالمية الثانية، لم يكن هناك أي حرب كبرى بين القوى العظمى، واستناداً للمشروع الأوروبي حول السلام والعدالة الاجتماعية والانسجام، فقد تم كشف ملابسات هذا المشروع الذي يرافقه ارتفاع نسبة القومية، حيث إنه من المرجح أن تتفاقم أخطار الحروب في القارة التي لها تاريخ مشحون من الصراع الدموي.
وتابعت الصحيفة بالقول إن القوى الكبرى كانت حريصة على تجنب حرب أخرى وبالتالي اتباع سياسة الاسترضاء والتردد المبدئي مثل أمريكا والانخراط بحلف “النازي السوفياتي”، أي إنه ومن خلال الحرب الباردة، ارتبط مفهوم الحرب العالمية الثالثة ارتباطاً وثيقاً بحرب نووية وسط انتشار فكرة الدمار المتبادل، ومع ذلك فمن الممكن أن يأخذ الصراع في المستقبل بين القوى العظمى شكل حرب باردة أخرى أو حتى حرب ساخنة تقليدية ففي القرن الـ21، هناك ثلاث جبهات رئيسية ناشئة باعتبارها ساحات للحروب المستقبلية، الجبهة الأولى هي جبهة أوروبا وروسيا في حرب باردة جديدة نجمت عن الصراع الأوكراني، والجبهة الثانية هي في الشرق الأوسط الذي يتمحور حول تنظيم “داعش” الإرهابي والحرب السورية، والجبهة الثالثة هي جبهة آسيا والمحيط الهادئ من خلال المواجهات بين أمريكا والصين.
وتابعت الصحيفة البريطانية بالقول: إن لسان حال الحرب الباردة الأصلي ظهر من قبل المؤسسة الأمريكية ووسائل الإعلام التي هللت بداية بالحرب الباردة الثانية في عام 2014، حيث كانت القوى الغربية قد اتسمت بالقيام بعمليات التوغل الروسي في جورجيا في عام 2008، ومؤخراً أوكرانيا، ومن الواضح هنا المفارقة التي قامت بها أمريكا إثر انتهاكها السيادة الوطنية، في ضوء حماقة الحرب التي شنتها على العراق.
وقالت الصحيفة: إن شبكة القيادة الأوروبية للأبحاث أصدرت تقريراً عام 2015 بعنوان “الاستعداد للأسوأ…. هل التدريبات العسكرية الروسية وتصرفات الناتو تجعل الحرب في أوروبا أكثر احتمالاً؟” وحلل حينها تقرير الحرب العالمية الأخيرة بما في ذلك التدربيات الروسية التي تنطوي على 80000 عسكري ومجموعة تدريبات حلف شمال الأطلسي التي تضم 15000 فرد، وذهب التقرير حينها إلى القول بأن “كل التدريبات تبين أن كل جانب يتدرب ليختبر قدرات الطرف الآخر وخطط الحرب على الأرجح هي في الاعتبار أي إن روسيا تستعد لنزاع مع حلف شمال الأطلسي، ومنظمة حلف شمال الأطلسي تستعد لمواجهة محتملة مع روسيا “.
وتابعت الصحيفة: إنه وفي الآونة الأخيرة، تمركزت القوات الأمريكية في بولندا في أكبر انتشار لها في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة. ناهيك عن انتشار هذه القوات في أنحاء دول أوروبا الشرقية الأخرى، بما في ذلك استونيا وبلغاريا ورومانيا، الأمر الذي يثير قلق روسيا.
وقالت الصحيفة البريطانية: إنه وفي أعقاب هجمات 11/9، لم يكن هناك سوى بضع مئات من المقاتلين الإسلاميين في جبال هندو كوش، لكن وبعد 16 عاماً من الحرب على الإرهاب فإن عدد الإرهابيين حالياً يتخطى حوالي 100 ألف إرهابي حيث لاقت الحرب على الإرهاب فشلاً ذريعاً، كما كشف الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك حينها أنه وفي أعقاب هجمات 11/9، وجه البنتاغون خططاً لمهاجمة 7 دول، حيث تدخل الغرب في العراق وسوريا وليبيا وأفغانستان وباكستان والصومال واليمن، بذريعة الإرهاب ولكن النية الحقيقة كانت ضمان التفوق الاقتصادي والعسكري في المنطقة، حيث جادل العديد من النقاد حرب العراق التي كانت في الأساس بسبب افتتاح الأصول المملوكة لرأس المال العالمي، حيث تم تحويل العراق من الدكتاتورية العلمانية إلى ملاذ آمن للجهاديين، وأدى قرار دونالد رامسفيلد بحل الجيش البعثي التابع لـ “صدام حسين” إلى انتشار حالة من الفوضى حيث تشكل عنصراً مهماً من عناصر تنظيم “داعش” الآن، وأشارت الصحيفة إلى الحرب السورية التي تدخلت فيها كل من السعودية وقطر وتركيا التي سلحت ومولت الجماعات الجهادية المتطرفة، مثل جبهة النصرة، وقد كشفت وثائق ويكيليكس عن عدد من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهيلاري كلينتون التي كانت أيضاً على علم بقيام حكومات السعودية وقطر بتسليح تنظيم “داعش” الإرهابي.
وقالت الصحيفة: لقد أثبتت الهجمات الإرهابية في أوروبا صعوبة احتواء امتداد هذه السياسات، حيث شهدت الحرب السورية عودة السياسة بين القوى العظمى بمشاركة روسيا، وقد بات واضحاً أن زعزعة استقرار العراق وسوريا قد يكون تم بشكل متعمد.
أما فيما يخص الصين قالت الصحيفة: إنه من المرجح أن تفاقم التوترات بين أمريكا والصين هو بسبب ترامب، حيث هدد ترامب بحرب تجارية مع الصين، في حين أن كبير الاستراتيجيين ستيف بانون قال في مارس من العام الماضي، “نحن ذاهبون إلى الحرب في بحر الصين الجنوبي في غضون خمس سنوات إلى عشر سنوات… وليس هناك شكّ في ذلك على الإطلاق “.
واختتمت الصحيفة بالقول: إن هذا سيكون تماشياً مع الوضع التشغيلي الافتراضي للرأسمالية، فقد يقول قائل إن الرأسمالية في كثير من الأحيان تحل محل الأزمات الاقتصادية الشاملة من خلال الحرب، ولكن بعد كل شيء إن اقتصاد الحرب في المجال العسكري يمكن النظر إليه على أنه الحل النهائي للمشكلات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية.