عن موجبات”الطوارىء” في اليمن.. وإغلاق الثغرة؟
الصمود / 4 / أبريل
تقرير/ إبراهيم الوادعي
مع توارد الاخبار والتسريبات عن إقرار واشنطن المشاركة في الهجوم على ميناء الحديدة واحتلال الساحل الغربي لليمن بعد عجز السعودية والامارات ومرتزقتهما عن انجاز ذلك الهدف الكبير، وتعثر الرمح الاماراتي رغم ضخامة الاعداد تبدوا الحاجة لتدعيم ورفد جبهة مواجهة العدوان أكثر الحاحا الان.
ووفقا لنظرية الصدمة والترويع التي أعدتها الإدارة الامريكية لاحتلال العراق واعلن عنها وزير الحرب الأميركي آنذاك دونالد رامسفيلد استمرأت واشنطن زرع الهزيمة في داخل العدو عبر وسائل الاعلام و مهمات الطابور الخامس المرعي بعين السفارات الامريكية والخليجية ، لزرع بذور الهزيمة داخليا وانجاز نصر سريع خاطف وغير مكلف ، وبالتالي فإيراد قائد الثورة الشعبية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه لم يكن من باب فائض الكلام وانما في توقيته تنبيه لجيش خفي اعد في أكثر من مكان في اليمن وجامعتهم السفارة الأمريكية.
وعلى مدى عامين تتعرض جبهة المواجهة لموجات ارجاف مكثفة ومتتالية هدفها تعبيد الطريق امام جحافل الغزاة والمرتزقة، وكان أبرز تلك الحملات ما ترافق مع تحقيق مرتزقة العدوان خرقا بفرضة نهم محافظة صنعاء في فبراير 2016م، واستدعى ردا عسكريا سريعا وبذلت تضحيات غالية لاحتواء تداعياته داخليا بالدرجة الأولى، ولم يعد بالإمكان التساهل مع مجندي تلك الحملات فالوضع دقيق والحرب بلغت ذروتها ولابد من خطوات احترازية تحظى بالغطاء قانوني.
أول حالة للطوارئ في اليمن فرضت مع بداية حرب صيف 94م واعتقلت السلطات العشرات احترازيا برغم عدم وجود القانون آنذاك، وفي العام 2011م فرضت السلطات حالة الطوارئ للمرة الثانية في البلاد عقب مجزرة جمعة الكرامة واقر مجلس النواب الحالي لاحقا في ال 23 من مارس 2011م قانون “حالة الطوارئ”.
وتفرض حالة الطوارئ عند وقوع كوارث طبيعية أو بشرية، او حالات الشغب والتمرد المدني، او حالات النزاع المسلح سواءً كانت داخلية مثل الحرب الأهلية أو خارجية كالاعتداء على حدود الدولة، وهي الحال التي تعيشها اليمن منذ عامين، وكان من المفترض ان تكون أولى خطوات حكومة الإنقاذ ومجلس النواب فرض حال الطوارئ لمواجهة العدوان ومنع الاختراقات السهلة.
وبالنظر الى قانون الطوارئ اليمني تعد حالة وقوع حرب على البلاد في صدارة موجبات تفعيل قانون الطوارئ، وفي المادة الثانية منه:” يجوز اعلان حالة الطوارئ في حالة الحرب او قيام حالة تهدد بوقوعها او عند تعرض الامن او النظام العام للخطر بسبب حدوث اضطرابات او فتنة داخلية او كوارث طبيعية او انتشار وباء”.
ويحدد القانون اليمني إجراءات الطوارئ في المادة ال 7 التي يناط بتطبيق أحكامها مجلس الدفاع الوطني ولرئيس الجمهورية بعد موافقة البرلمان على فرض حالة الطوارئ وفقا لأحكام القانون وفي أبرزها:
– وضع القيود على حرية الأشخاص في الاجتماع أو الانتقال أو الإقامة أو المرور في أماكن أو أوقات معينة، وإلقاء القبض على المشتبه بهم أو الخطيرين على الأمن والنظام العام، والترخيص بتفتيش الأشخاص والأماكن ووسائل النقل دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجزائية أو أي قانون أخر، والأمر باستخدام القوة بالقدر اللازم في حالة الممانعة أو المقاومة.
– مراقبة سائر أنواع المراسلات ووسائل الإعلام المختلقة المقروءة والمرئية والمسموعة ودور العرض وما في حكمها وشبكات وسائط المعلومات والاتصالات والمؤلفات والنشرات وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان ومنعها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق مقارها وأماكن طباعتها.
– إلغاء العمل بتراخيص الأسلحة النارية والذخائر والمفرقعات والمواد القابلة للانفجار أو التي تدخل في صناعة أي منها ومنع تصنيعها أو استيرادها أو بيعها وشرائها أو نقلها أو التصرف بها أو حملها أو حيازتها والأمر بضبطها وتسليمها للجهات الأمنية المختصة وفرض الرقابة أو السيطرة على أماكن صنعها وعرضها وبيعها وتخزينها.
– إخلاء بعض المناطق أو عزلها وفرض منع التجول فيها وإغلاق الطرق العامة أو بعضها وتنظيم وسائل النقل والمواصلات وحصرها وتحديد حركتها بين المناطق المختلفة.
وحسب القانون فيحق لرئيس الجمهورية ومجلس الدفاع الوطني توسيع التدابير التي تضمن السلامة العامة، كما ان قوانين الطوارئ في العالم تحدد نفسها بتوقيت محدد يصار الى تجديده إذا استمر الظرف الذي فرضت لأجله حال الطوارئ.
وبالنظر في مجمل هذه الإجراءات فان الحاجة والسرعة في تنفيذها ملحتين فالعدو لن ينتظر حتى تنتهي من الروتين القضائي والأمني العادي للقيام بإجراء احترازي، قد ينقذ أرواح الالاف اثناء الحرب ويوفر عليك المال والعناء ، كما ان فرض قانون الطوارئ والذي تقره الأعراف والشرائع الدولية سيلجم المستغلين لعتبات المنظمات الدولية في تمكين الطابور الخامس والعملاء المشاركين بسفك الدم اليمني للإفلات من العقاب ، وستتحول الى المطالبة بالتزام العدالة اثناء الاحتجاز حتى انتهاء دواعي فرض حالة الطوارئ ما يوفر الجهد الدبلوماسي والسياسي.
ولا يخفى ان قيادة العدوان مهدت اليوم للطابور الخامس أرضية ملائمة للعمل فرفع وتيرة انشطته مع بلوغ الحرب الاقتصادية ذروتها بقطع الرواتب ونقل البنك المركزي الى عدن المحتلة.
ومن بين انساق العملاء من لم يكشفوا بعد عن أوراق عمالتهم على الطاولة، وهم مرتبطون بالأمريكي مباشرة ولم يوكلوا بالمهمات الأكبر بعد، ولايزالون يتلطون بالمطالب الحقوقية في انتظار كلمة السر الخارجية ليصدحوا بما يؤمرون به ضد وطنهم الى جانب الأمريكي الذي يتحضر للنزول الى الشاطئ اليمني، وبالتالي فمراقبتهم وضبطهم في اللحظة المناسبة تصبح أولوية ولابد للإطار القانوني ان يفعل.
دعوة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لتفعيل قانون الطوارئ هو في حقيقته تنبيه لحكومة الإنقاذ بعد عامين من الحرب مع عدو يمتلك المال لشراء ضعاف النفوس، ويملك التقنية لمباغتتك، والتجربة لتفتيت الجبهات الداخلية في عدد من الدول، وهذه الدعوة نابعة أيضا من اطار أخلاقي لوضع مظلة قانونية مؤقتة ومتعارف عليها عالميا في فترات الحروب وتجيزها القوانين والاتفاقيات الدولية للدول في حال الحرب او قوع خطر يتهددها ،إضافة الى الحاجة الماسة لتمكين الأجهزة الأمنية والقضائية من مواكبة المرحلة المقبلة من العدوان .
ويجيز العهد الدولي الخاص بالحقوق الإنسانية والمدنية كما سائر الاتفاقيات الإقليمية كالاتفاقية الأوروبية والأمريكية والافريقية للدول التي تواجه حربا او تهديدا فرض حال الطوارئ، وفي هذا السياق ينص العهد الدولي على ضرورة قيام الدولة الطرف بإعلان حالة الطوارئ بشكل رسمي
يضيف: وعنـد إعلان حالات الطوارئ التي تستلزم تعطيل أي حكم من العهد، يجـب علـى الـدول أن تتصرف في حدود أحكامها الدستورية وغيرها من أحكام القانون التي تحكم هذا الإعـلان وتنظم ممارسة السلطات في حالات الطوارئ.
وجبهة المواجهة هي بحاجة ماسة لمن يرفع عنها الناخرين في عظم صمودها، والجيش واللجان الشعبية هما محتاجان لتسخير كامل جهد الدولة لرفدهما، وبأمس الحاجة لمن يرفع عنهم اذى هو الأخطر من مدافع الغزاة ومن الحكمة السياسية والعسكرية الا يترك الحال على غاربه، وجميع ذلك يغطيه قانون لاتزال الاروقة السياسية تتراخى في فرضة.
نزول الأمريكي المباشر الى الميدان اليمني هو اخر ما في جعب العدوان، واستخدام الأوراق المركونة والأكثر خطورة لن يتأخر، ولابد من اغلاق الثغرة.
كلام السيد عبد الملك وقيادة الثورة الشعبية والقبائل اليمنية واضح بما يكفي لطبقة السياسيين، ان لم يبادروا للتحرك وتنحية مصالحهم جانبا، فالجبهة الصلبة عقدة الامريكيين منذ حرب فيتنام، ويجب ان تفعل في اليمن بشكل كامل، وليأت القانون لاحقا.