صمود وانتصار

لقاء ماذا دفعت الرياض المليارات وجمعت الأمة؟!..

الصمود _ تقرير إبراهيم الوادعي : المسيرة نت

لم يكد غبار القمم المتلاحقة في الرياض، ويغادر ترامب العاصمة السعودية الرياض، حتى بادرت دول خليجية على رأسها قطر وقبلها الكويت وعمان إلى تهنئة إيران بنجاح الانتخابات الرئاسية وهي التي اعتبرتها وفقا لمخرجات “القمة العربية الإسلامية الأمريكية ” العدو رقم 1 و”رأس حربة الإرهاب” وإلى جانبها حزب الله في لبنان وحركة أنصار الله في اليمن، ووفق ما جاء في خطاب العاهل السعودي الملك سلمان.

وأعادت الإمارات تأكيد ثوابتها الخاصة بما يخالف بيان قمة الرياض والحلف الوليد، وشنت هجوما حادا على جماعة الإخوان المسلمين واصفة إياها بـ “الأرضية الرئيسية لخطاب التطرف والإرهاب”.

وفي بيان رسمي على هامش مشاركتها في القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض قالت إن “الجماعات المصدرة للفكر المتطرف وعلى رأسها الإخوان تلعب دورا مشبوها لأهداف سياسية”.

وباستثناء أبو ظبي الطامحة في نفوذ باليمن، فقد جاء ال 55 من زعماء الدول طمعا بالمال السعودي وكسبا للرضى الأمريكي وبالكاد اقتصر على توفير 34 ألف جندي يعملون لحسابه عند الحاجة وبواقع 600 جندي تقريبا إذا ما تم قسمتها بالتساوي على أعضاء الحلف.

نتائج ضحلة هي ما خرجت به الرياض، من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أتى تاجر أكثر منه سياسيا ورئيسا للدولة العظمى في العالم وبدت عليه علامات الملل طيلة اليوم التالي للزيارة بعد حصد المال في اليوم الأول.

لم يقدم ترامب للحلف الذي تطمح إلى بنائه السعودية شيئا يعتد به، وكان صريحا في طلبه إلى الحاضرين بأن يتولوا المعركة بأنفسهم، وأن أمريكا ليست في وارد القتال بالنيابة عن الآخرين، وفي مضامين خطاباته خلال اليومين الماضيين لم يخرج عن إطار المصالح التجارية.

وهو في ذلك لم يوفر لمستضيفه صك الحماية المطلق الذي يطمحون إليه فقد طلب إليهم خوض الحرب بأنفسهم وسيكتفي بمساندتهم من موقع التاجر الذي يبيعهم السلاح والاستشارة.

وبالبقاء في الشق السياسي، لم يطل بطهران الصمت فعلقت بسخرية على نتائج قمم الرياض وتوجيه بوصلة العداء، متسائلة ما إذا كان الرئيس الأمريكي قد قال ماقاله من باب السياسة أو لاستخلاص الأموال السعودية.

وأشار ظريف، في تغريدة نشرها على حسابه في موقع “تويتر”، إلى تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي أشاد فيها باستثمارات السعودية الضخمة في بلاده، قائلا بسخرية: “إن إيران، التي أجرت للتو انتخابات حقيقية، تُهاجم من قبل الرئيس الأمريكي في قاعدة الديمقراطية والاعتدال السعودية!”.

وأضاف وزير الخارجية الإيراني متسائلا: “هل هذه سياسة خارجية أم حلب 480 مليار دولار من السعودية؟”

لبنان هي الأخرى أعلنت خروجها من الحلف بعد ساعتين فقط من إنشائه وأعلن وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، أن بلاده تنأى بنفسها عن مشاكل الخارج.

وقال باسيل، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي، الأحد: “لم نكن على علم بإعلان الرياض، لا بل كنا على علم أن لا بيان سيصدر بعد القمة، وقد تفاجأنا بصدوره وبمضمونه ونحن في طائرة العودة”.

وأضاف “أما وقد وصلنا إلى لبنان فنقول إننا نتمسك بخطاب القسم والبيان الوزاري وبسياسة ابتعاد لبنان عن مشاكل الخارج وإبعادها عنه ضنا بلبنان وشعبه ووحدته”.

في الشق الاقتصادي، فقد أكد الكاتب عبدالباري عطوان ورئيس تحرير جريدة راي اليوم الالكترونية بان ترامب هو الرابح الوحيد من الزيارة، فقد ضمن باع أسلحة واستثمارات بقيمة 480 مليار دولار ولم يقدم شيئا للسعوديين ومن حضروا للتحالف معه.

وتحدث خبراء اقتصاديون عن أن المليارات السعودي ستجلب مليون وظيفة في قطاع صنع الأسلحة في الولايات المتحدة بشكل مباشر وملايين وظيفة أخرى مع المضي في تنفيذ الاستثمارات السعودية في مفاصل الاقتصاد الأمريكي، وهو الحال الذي لن يكون بالنسبة إلى الرياض التي لا تمتلك الكادر المؤهلة لتطبيق ما اشترطته من توطين 30 بالمائة من الوظائف التي ستخلقها الاستثمارات الأمريكية في المملكة وبعكس ما بشر به وزير المالية السعودي محمد الجدعان.

على مدى عامين من الحرب السعودية على اليمن يلمس بوضوح افتقار الجيش السعودي للعقيدة القتالية، وهو لم تكن تنقصه الأسلحة او نوعيتها لإحراز الانتصار، وبالتالي فما جدوى مزيد من الصفقات في وقت يعاني اقتصادها من العجز المتفاقم.

وعلى الجانب الاقتصادي فإن الاستثمار في الاقتصاد الأمريكي لن تعود على النظام السعودي بالفائدة المرجوة، وسيكون المستفيد الوحيد منها دونالد ترامب، إذ نفذ وعوده لناخبيه بحلب البقرة السعودية وجلب الأموال بالقدر الذي عجزت عنه الإدارات السابقة، وهو في مقابل ذلك يستحق فترة أطول في الحكم ، كما انه امتلك من هذه الزيارة سلاحا يواجه به انخفاض شعبيته ودعوات إقالته في الكونجرس.

تمخضت زيارة ترامب للرياض عن “سراب بقيعة “، وثلاث قمم عن حلف كارتوني يضاف الى احلاف السعودية المعلنة (الحلف العربي، الحلف الإسلامي، درع الجزيرة) -خلال العامين الماضيين، ومن قائمة المدعوين من الزعماء الأعضاء لا يحتاج الباحث الى أدني جهد ليقف على هذه الحقيقة.

كما أن الرياض أيضا لم تكن بحاجة لهذا الجمع لتسمي أعدائها فهي تعلن ذلك كل يوم وتعيده على مسامعنا تل أبيب، منذ انتصار الثورة الاسلامية في ايران 1978م، ونشوء حزب الله في 1982م، ثمة يمن جديد يقاتل منذ عامين ولا يستكين.