القدس ويومها في قلوب اليمنيين
بقلم / هاشم أحمد شرف الدين
يهتف أنصارالله بشعار الموت لأمريكا ولإسرائيل منذ دعا الشهيد السيد حسين بدرالدين الحوثي إلى ذلك في السابع عشر من يناير 2002م، رغم ما واجهه مرددوه الأوائل من اعتقالات ظالمة، وما تبعها من حروب ست حاولت القضاء على الشعار وأصحابه في صعدة حتى عام 2010م..
دعوة الشهيد السيد حسين بدرالدين الحوثي هذه جاءت في المحاضرة الثانية له ضمن سلسلة محاضراته الشهيرة التي عرفت بالملازم ﻻحقا، وفي هذا مؤشر عن طبيعة حركته الثقافية التي جعلت من صميم أهدافها إشاعة مشاعر العداء لأمريكا وإسرائيل عبر توعية مستمرة تتأسس على اعتبارات قرآنية وشواهد تاريخية ووقائع ماثلة..
وسيكون من المهم جدا – في هذا الإطار – أن يعرف المهتمون بأن أول محاضرة له ضمن تلك السلسلة حملت عنوان “يوم القدس العالمي”، وهو ما يحمل دﻻلة أكيدة على أن القضية الفلسطينية تحتل موقع الصدارة في سلم أولويات أنصارالله..
وسيكون من المهم أيضا أن نذكر بأن الشهيد السيد حسين كان يهتم بإحياء يوم القدس العالمي منذ مطلع التسعينيات حين بدأ نشاطا سياسيا من خلال حزب الحق الذي كان أحد أبرز مؤسسيه، فقد شهدت قاعة المركز الثقافي بمدينة صعدة – خلال تلك الفترة – ندوة سنوية في يوم القدس كان ينظمها السيد حسين ويحاضر فيها الشهيد البروفيسور أحمد شرف الدين..
واستمر إحياء يوم القدس العالمي في اليمن على الرغم من المضايقات التي كان يواجه بها السيد حسين لإثنائه عنه، واستمر كذلك بعد استشهاده خلال الحرب الأولى عليه في العام 2004م، واستمر أيضا خلال الحروب الخمس اللاحقة وحتى اليوم، بتنام مضطرد وتوسع وإقبال كبير من قبل أنصارالله الذين وفقهم الله لأن يكون قائدهم – من بعد السيد حسين – هو السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي قاد المسيرة القرآنية على النهج ذاته فاستمرت القضية الفلسطينية حاضرة كأول أولويات أنصارالله..
وكما حفلت جميع محاضرات الشهيد السيد حسين بالتنبيه لخطر اليهود ﻻ يكاد يفوت السيد القائد كلمة له أو خطابا إلا ويفعل، ولهذا تعاظم حضور فلسطين في الوجدان اليمني عموما وليس فقط لدى أنصارالله منهم، بعدما كان اليهود وعبر عملائهم من الحكام والنخب قد اقتربوا من تخييم أجواء من السلبية تجاهها في الوطن العربي عموما، ﻻ سيما مع حلول ما عرف بالربيع العربي، حيث أغرق العرب في صراعات داخلية صرفتهم عن الاهتمام بفلسطين وعن العدو الحقيقي أمريكا وإسرائيل، واستنزفت مقدرات الأمة وجيوشها في تلك المشاكل الداخلية..
ومنذ ذلك الربيع أخذت خطابات السيد القائد وكلماته بعدا استثنائيا أكثر تركيزا وتأكيدا على القضية الفلسطينية، وأكدت خطاباته بمناسبة يوم القدس العالمي على ألا ربيعا عربيا من دون أن تكون فلسطين غايته، فالمفترض أن يكون تفريط الأنظمة في فلسطين أحد عوامل تفجر ثورات الشعوب العربية عليها..
وسنة تلو أخرى تعاظم إحياء يوم القدس العالمي في اليمن وتنوعت مظاهره، مسيرات مليونية في العاصمة صنعاء يشارك بها الرجال والنساء الكبار والصغار، ولافتات عملاقة تنصب في الشوارع الرئيسة والأحياء، وفعاليات ثقافية وأدبية وفنية، وحضور ﻻفت في خطب الجمعة في اﻵف المساجد، واهتمام إعلامي مميز، كما تشهد محافظات يمنية مثل ذلك بشكل أو بآخر، حتى بات يوم القدس في اليمن حراكا شعبيا عز له نظير بين الشعوب العربية، عجز عن إيقاف عجلته العدوان والحصار الأمريكى السعودي الإسرائيلي على اليمن منذ مارس أذار 2015م، فهاهم اليمنييون يحيون يوم القدس العالمي للعام الثالث تحت العدوان والحصار، يحيونه ومعهم ما يقارب الأربعين ألف شهيد وأكثر منهم جرحى، يحيونه وموظفوهم محرومون من رواتبهم منذ تسعة أشهر جراء قرصنة المعتدين وعملائهم لجميع موارد الدولة، يحيونه هذا العام ووباء الكوليرا قد حصد أرواح ألف ومائتي شخص وما يزال، يحيونه وهم محرومون من السفر والغذاء والدواء، يحيونه والصواريخ تنهال عليهم كالمطر في مجازر جماعية لا تبقي وﻻ تذر تسفك دمائهم وهم في الأسواق يتبضعون ما أمكن من حاجيات عيد الفطر..
وكيف ﻻ يحييونه، وهم الذين – رغم تصنيفهم شعبا تحت خط الفقر – نظموا حملات التبرع الكبيرة لصالح الشعب الفلسطيني قبل العدوان والحصار!!؟.
كيف لا يحيونه وهم شعب القيم التي جسدها بمنتهى الرقي جيشهم ولجانهم الشعبية بصون الشعب المسعود من أي استهداف أو عملية عسكرية رغم ﻻ مباﻻة آل سعود بالمدنيين اليمنيين!!؟.
كيف ﻻ يحيونه وهم يمتلكون وعيا ﻻ يسمح لهم بالتفريط في القضية المركزية للأمة رغم كل الخذﻻن الذي ﻻقوه من الشعوب العربية بما فيها الشعب الفلسطيني!!؟.
كيف ﻻ يحيونه وهم أكثر الشعوب العربية اليوم إدراكا لخطورة المرحلة وحجم المؤامرة التي تستهدف القضية الفلسطينية حيث أضحى التحالف مع إسرائيل أمرا مطلوبا لدى غالبية الأنظمة العربية دون حياء أو خجل!!؟.
يحيي اليمنييون يوم القدس بعظمة وشموخ دون انتظار شكر أحد، وإنما ليؤكدوا للعالم أجمع أن فلسطين عربية، وأن ﻻ مكان لإسرائيل عليها، وأن شعار الموت لإسرائيل سيبقى مرددا بإذن الله تعالى حتى زوال اسرائيل من الوجود..