صمود وانتصار

توسّع الصراع السعودي الإماراتي في اليمن: إبادة صامتة للإصلاح الإخواني وتشتيت الحراك الجنوبي(تقرير )

الصمود / 1 / يوليو

تتبادل السعودية مع الإمارات “الضرب تحت الحزام” جنوب وشرقي اليمن، وكل منهما غير قادر على وقف تحركات الأخر حفاظاً على صورة التحالف أولاً، وانسجاماً مع اصطفافهما في الأزمة الخليجية ضد قطر ثانياً، ففي مأرب قدّمت الإمارات نفسها بشكل جديد وبدأ إعلامها الحديث عن العمليات الإماراتية بمعزل عن التحالف الذي تقوده السعودية.

وكثّفت من وجودها في الجبهات الشرقية وهو تحرك يعبّر عن رد فعل تجاه قرارات الرئيس هادي بضوء أخضر سعودي، بإقالة محافظي حضرموت وشبوة وسقطرى في سياق قصقصة أجنحة الإمارات في الجنوب، وبين كل ذلك يتعرض مسلحو حزب الإصلاح الإخواني لما يمكن وصفه بعمليات “إبادة” يحاول نشطاء الحزب وصفها بأنها ضربات خاطئة أو تخاذل من بعض القيادات العسكرية.

هنا وفي محاولة لتوضيح الصورة الحالية يقدم القسم السياسي بموقع المراسل نت تحليلاً للأحداث المتسارعة والضربات “الصامتة” المتبادلة بين السعودية والإمارات في اليمن.

ماذا تبقّى من التحالف؟
لم يتبقى من التحالف سوى هاتين الدولتين وبينهما السودان تقدم خدماتها للطرفين أملاً في تجاوز أزماتها الاقتصادية والاستفادة من قرب الدولتين من الإدارة الأمريكية لرفع باقي العقوبات المفروضة على الخرطوم من قبل واشنطن.

مع الأخذ بعين الاعتبار، خلافه المعروف مع الإمارات، إلا أن خطاب الرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي بمناسبة عيد الفطر المبارك تضمن جانباً يمكن من خلاله استكشاف ما تبقى من دول فاعلة في التحالف، الذي ما يزال على الورق يضم 9 دول بعد قرار إنهاء مشاركة قطر على وقع الأزمة الخليجية.

هادي في خطابه بمناسبة العيد، الذي تناوله المراسل نت في التغطية الإخبارية، توجه بالشكر لدول التحالف ولكنه وضع السعودية في المقدمة وتطرق لدور الإمارات والسودان ولم يذكر أي دولة أخرى من بقية دول التحالف. قال هادي في ذلك الخطاب فيما يخص تحديد المعنيين بخطابه “إلى رفاق الميدان وشركاء المصير واخوة الدين والنسب ، اخواننا واشقائنا في التحالف العربي ، ابطال الحزم والعزم ورجال الملمات وقت المدلهمات ، أخواننا وأشقائنا في مملكة الحزم والعزم أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان حفظهما الله” وقال في جملة أخرى “إلى اشقاءنا في دولة الامارات العربية المتحدة قيادة وحكومة وشعباً والى دولة السودان الشقيق وكل دول التحالف العربي قيادات وشعوبا” وهنا يعطي هادي إشارة على أن السعودية والإمارات والسودان هم من تبقى من التحالف الذي لم يعد تحالفاً حقيقياً بقدر ما هو غطاء تتصارع فيه الإمارات والسعودية فيما تمارس السودان دور شركات الأمن الأمريكية مثل “بلاك ووتر” التي تؤجر مقاتليها مقابل المال.

قصقصة أجنحة الإمارات في الجنوب
استغلت السعودية تحول الأنظار نحو مشهد “الأزمة الخليجية” مع قطر، ومنحت الرئيس هادي الضوء الأخضر لقصقصة أجنحة وحلفاء الإمارات العسكريين والسياسيين في الجنوب رغم ما أحدثه قرار إقالة محافظ عدن السابق والقيادي بالحراك الجنوبي “عيدروس الزبيدي”. وفيما كان النفوذ الإماراتي يتمدد في الجنوب، كان المراقبون يدركون أن السعودية لن تقبل بتمدد الإمارات قرب حدود المملكة من خلالها إحكام قبضتها على حضرموت، فهي تعتبر ذلك خطراً كبيراً، فالانسجام الشكلي بين الرياض وأبوظبي لا يعبّر عن الواقع.

ويجمع كثيرون أن الأزمة الخليجية مع قطر والمطالب التي قدمت للدوحة لا تعبّر في حقيقتها عن خلاف سعودي قطري، بل خلاف قطري إماراتي ومع الأخيرة مصر بطبيعة الحال، فالدعم الذي تقدمه الدوحة للاخوان المسلمين خاصة في اليمن والجماعات المرتبطة بالقاعدة وداعش في العراق وسوريا،تقدمه السعودية أضعافه، ويبدو أن السعودية رأت أن قبولها بالانخراط في الأزمة الخليجية مع الإمارات يجب أن يقابله صمت إماراتي على “عمليات جراحية” للنفوذ الإماراتي في اليمن وخصوصاً في الجنوب.

وبدأت السعودية توجيه الضربات “الصامتة” للإمارات بإذاعة خبر عبر وسائل الإعلام عن قرار عسكري بنقل وتوزيع المعسكرات من عدن إلى عدد من الجبهات والمحافظات الجنوبية، وهو قرار يهدف لتشتيت القوات التابعة للحراك الجنوبي التي أشرفت الإمارات على تدريب وتسليح عناصرها.

ولأن الانقلاب الذي واجهه الرئيس هادي في عدن عقب إقالة “الزبيدي” وتشكيل المجلس الجنوبي الانتقالي بإشراف الإمارات، جعل من الصعب عليه العودة إلى عدن مجددا وتثبيت إقامته في الرياض لأجل غير مسمى، وهناك وعلى طريقة “الأوامر الملكية” التي كان يصدرها الملك سلمان تمهيداً لتنصيب نجله ولياً للعهد، أصدر هادي في وقت متأخر من ليل الأربعاء قرارات أطاحت بمحافظي حضرموت وشبوة وسقطرى وهم أبرز رجال وأذرع الإمارات في الجنوب.

الرد الإماراتي يظهر في مأرب
لم يكن من قبيل الصدفة أن تقوم صفحة جماعة “ابوالعباس” السلفية في تعز، بنشر خبر حول معارك المدينة وتذيلها بجملة “شكراً للتحالف الإماراتي” قبل أن تعود وتعدلها بعدما واجهت سيلاً من الانتقادات، لكن الإمارات في حقيقة الأمر كانت تدشن عبر الجماعات التابعة له في اليمن زعامتها وفك ارتباطها عن قيادة السعودية للتحالف.

وعلى وقع قرارات هادي بمباركة سعودية بإقالة رجال الإمارات، أظهر الإعلام الرسمي الإماراتي تحولاً في تغطيته لعمليات الإمارات في مأرب التي تشهد تصعيداً في جبهة صرواح، والتي أيضاً تشهد استهدافاً متعمداً لمجاميع حزب الإصلاح الإخواني.

وضمن رصد المراسل نت، أذاعت قناة “سكاي نيوز عربية” الإماراتية خبرا عاجلاً يقول ” نظومة الدفاع الجوي الإماراتية ضمن قوات التحالف العربي تعترض صاروخا باليستيا فوق محافظة مأرب في اليمن” وهكذا بدأت الإمارات تمييز ذاتها بمعزل عن قيادة السعودية للتحالف على غير العادة خلال العامين الماضيين.

وعقب ذلك بساعات طوّر الإعلام تمييز دور الإمارات في الحرب باليمن، وأذاعت قناة “دبي” الإماراتية خبراً يقول أن “قوات الشرعية تسيطر على الطريق الثاني في صرواح بدعم إماراتي” وهذه المرة دون أي ذكر للتحالف.

إبادة صامتة للإصلاح الإخواني
خلال يوم الثلاثاء الماضي واليوم الخميس تعرضت قوات هادي التي ينتمي عناصرها لحزب الإصلاح للقصف، في منطقتي المخدرة وباتجاه منطقة الأشقري بمديرية الصرواح، وأدى القصف الذي حدث اليوم لمقتل وإصابة 80 عنصراً، حيث يعتقد بنسبة كبيرة أن الطيران الإماراتي هو المسؤول عن تلك الضربات.

حادثة أخرى تحدث عنها نشطاء حزب الإصلاح، محاولين إلقاء المسؤولية على إهمال القيادات العسكرية واهتمامها بـ”الارتزاق” وليس تحرير صرواح في وقت يعيش الحزب مأزقاً غير مسبوق خلقته الأزمة الخليجيو مع قطر.

تلك الحادثة كتب حولها نشطاء حزب الإصلاح ورواها الإعلامي الإصلاحي محمد الجرادي بتفصيل أكثر، وهي تتعلق بالتخلي عن كتائب تابعة للواء 81 في صرواح وبعد ذلك قصف أفرادها بالمدفعية بشكل متعمد وقتل وإصابة عدد من أفرادها.

وكتب الجرادي في صفحته بموقع الفيسبوك مقالاً بعنوان “حقيقة صرواح” قال إن بعض من الوحدات العسكرية التابعة لـ”لجيش الوطني” المرابطة في مديرية صرواح غرب محافظة مأرب اليوم الخميس أوامر بالتقدم نحو جبل يسمى ” النصيب الأحمر” اطاع الجنود وقياداتهم الأمر واجتهدوا بالتقدم للمعركة رغم أن القيادة العسكرية للقطاع بالكامل لم تبذل أي جهد ولو بسيط لانجاح المعركة غير قرار اصدرته للجنود وعليهم التقدم كيفما اتفق وكيفما تكون النتائج.

وروى الجرادي التفاصيل التي في نهاية المطاف انتهت بانسحاب سرايا تابعة للواء 81 بعد تخلي السرايا الأخرى عن مهامها بإسناد سرايا اللواء 81 الذين قال إنهم اضطروا للقتال وجها لوجه ضد الحوثيين وسيطروا على معظم الجبل، مشيراً إلى أن القيادات لم تستجب لنداء أفراد السرايا بالدعم ” بل ذهبت لتحريك مدفعيتها (جهنم) وتهل بها على سرايا وجنود الجيش الوطني بشكل عجيب ويترك علامات استفهام كثيرة” بحسب قوله. وأضاف ” تسبب قصف المدفعية وانفجار الالغام الى استشهاد 2 من اللواء 81 مشاه وجرح 7 افراد اخرين أحدهم فقد ساقه. أما احصائيات شهداء وجرحى الكتائب الأخرى التي كانت في المهمة توصف بالعشرات.

وتابع رواية ما حدث قائلاً “انسحبت الكتائب وأخذت جرحاها. الأهم من كل ذلك نريد أن نعرف حقيقة ما يدور في رأس الهرم لقيادة الجيش الوطني وخصوصا في ما يخص معركة صرواح الضبابية والغريبة. أيضا إذا ستستمر المعركة بنفس السيناريو فسيصل الجميع إلى قناعة أن المعركة لم تعد وطنية وانها لغرض الترزق وتصفية الحسابات”.

وفي ضوء كل ذلك تشير الأحداث إلى أن الصراع السعودي الإماراتي آخذ في الاتساع متخذاً من المناطق الشرقية “الجوف،مأرب” مسرحاً جديداً إلى جانب الجنوب.