السيد القائد : لا نستطيع أن نحمل (مشروع إنتصار )إلا من خلال هدي الله
يما حكاه الله في قصة طالوت، ومن معه من المؤمنين، الذين هم الصفوة، أليسوا هم الصفوة من بني إسرائيل؟ وفي نفس الوقت ظهر عند بعضهم ما يبدو مؤشر نقطة ضعف، عندما قالوا: {قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ} (البقرة249) ألم تبرز في الموقع الخطير؟ برز هذا التساؤل الذي هو يعتبر مؤشر إلى أن هؤلاء لديهم قابلية، لو قيل لهم: إذاً فلنرجع.
يفهم الإنسان أن الشيء الذي ينبغي أن يكون عليه: أن يحرص على أن يتفهم أكثر، ويتوجه أكثر، ولا يعتقد بأنه في مسيرته العملية قد لا يحتاج إلى هذا التوجيه، أو هذا، أو هذا، ربما كل شيء يحتاج إليه الإنسان، يحتاج إلى كل شيء يسمعه، ولأهمية هذه القضية تجد القرآن الكريم كيف ذكَّرنا، فترى الأشياء فيه بشكل كثير، وتوجيهات من الهداية تتناول كل المجالات، توجيهات في كل المجالات.
فالإنسان لا يصغي لفكرة: أن الموضوع قد هو معروف، وأنا شخصياً قد أنا مستعد، هذه إيجابية أن تكون مستعداً، لكن تفهم: أن استعدادك من أولياته، والأشياء المهمة بان تكون مستعداً فعلاً هو أن تصغي باهتمام لكل ما تسمع من هدى الله.
ألسنا كلنا نهتدي بهدى الله سبحانه وتعالى، من خلال القرآن الكريم، وإلا فقد تأتي مواقف تبرز، لأن الإنسان أحياناً قد لا يدري بما في أعماق نفسه، قد تبرز قضية معينة، يبرز أمامها تساؤل يمثل نقطة ضعف، تبرز حالة معينة، يكون مؤشر لأن يتخذ الناس موقفاً فيه ضعف، وما عندنا صورة عن المستقبل، أن نقول: أن المستقبل هو هكذا بالتفصيل، وأمام هذه السنة سيكون كذا، وأمام هذه السنة سيكون كذا، لكن ما يعطينا الله من خلال القرآن الكريم هو بالشكل الذي يعطيك هدى، فلتكن القائمة طويلة، أو عريضة، ولتكن تفاصيلها بالشكل الذي تتوقع، أو بالشكل الذي لا تتوقع، تفاصيل المسيرة العملية في صراع الناس مع الأعداء.
عندما يكون الإنسان حريصاً على أن يتوجه سينفع في مقامات هامة جداً آخرين؛ ولهذا نقول: أن العمل في سبيل الله هو وسيلة لها توجيهها، لها أساليبها. لاحظ من كانوا في داخل الأقلية من جنود طالوت، ألم يوجهوا الآخرين؟ {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ} (البقرة249) هنا كيف يظهر لك الحاجة الماسة إلى ما لدى هؤلاء من وعي، وبصيرة، وإيمان قوي.
إنطلقوا يوجهوا الآخرين توجيهاً حكيماً نسف تلك التي هي مؤشرات موقف ضعف، {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} إذا هناك وعي فافترض هذا الشيء: أنك أنت شخصياً تحتاج، كل واحد منا يحتاج إلى التوجيهات في المسيرة العملية طول حياته؛ لأنه سيحتاجه، في كل المواقف، تحتاج لنفسك، وتحسب حساب للآخرين، قضية هامة هذه: تحسب حساب للآخرين.
قد تضيع أمام كل مؤشر ضعف، كل كلمة غير صحيحة، كل رؤية تكون غير صحيحة، يكون عندك ما ينسفها، وما يثبِّت من انطلقت منه. ألم تنفع بشكل كبير عندما {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
من الأشياء الهامة التي برزت في القصة هذه هو كيف أنهم كانوا مجموعة أصحاب نفوس قوية، يعني: الفكرة لديهم، أو المشروع لديهم مشروع انتصار، ما تغير الموقف لديهم عندما رأوا أنفسهم قليلاً بأنه فكرة دفاع، أو فكرة مدافعة، أو هكذا، مقاومة حتى عسى أحد يتشجع من الآخرين، هم برزوا وعندهم ماذا؟ طموح، وأمل أن ينتصروا على أولئك على الرغم من كثرتهم.
هذه تعتبر حالة هامة جداً تحتاج من الإنسان إلى أن يرتقي إليها، ولا ترتقي إليها إلا من خلال هدي الله سبحانه وتعالى، من خلال هدى الله، وأن تكون متقبل للتوجيهات، ولو أنت تفترض بأنك ما تحتاجها إلا بعد عشرين سنة.
في أيام رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم ) الأولى في مكة، ما هي المهمة التي كانت عند الناس المؤمنين؟ أن يتفهموا، ويتوجهوا، ويصغوا، ويعملوا بما ينزل إليهم، ويحاول أي واحد منهم إذا استطاع أن يجعل أحداً من أقاربه، أو من ناس آخرين أن يدخلوا في الإسلام.
هل كانوا في مرحلة مواجهة؟ لا، لم يكونوا قد دخلوا في مواجهة، لكن التوجيهات السابقة التي كانت في مكة احتاجوها بعد، قد ربما يكون بالنسبة لبعضهم بعد مثلاً أربعة عشر سنة، فكان لها أثر في نفوسهم بعد أربعة عشر سنة.
الناس عندما يكونون متوجهين من البداية، يوفروا على أنفسكم حالة اضطراب، ورؤى متعددة، وتساؤلات، وأشياء كثيرة، في المواقف المتعددة، تكون القضية عندهم قريبة، يعني: هل قُدم من خلال الآيات هذه أنه حصل أخذ ورد فيما بين تلك المجموعة من أصحاب طالوت؟ هل حصل أخذ ورد كثير؟ كلمة برزت، كلمة طفَّتها، وانتهى الموضوع، وكأنهم ذكَّروهم بشيء استعادوا به رؤيتهم، واستعادوا به ما سمعوه، وما وعوه من سابق.
إذا بقي الإنسان هكذا فقد يكون الناس أمام أي موقف يحصل تساؤلات، ويحصل اضطراب، هذه تعتبر نقطة ضعف أمام العدو، وكما نقول دائماً: نحن أمام أعداء خطيرين، يعني دقيقين في مراقباتهم، متى ما لمسوا أيّ مظاهر ضعف، أيّ مظاهر توحي بخلخلة، أيّ مظاهر توحي بتعدد رؤى، واضطرابات، أيّ شيء يدل على أن هؤلاء ما عندهم بصيرة، ولا عندهم ـ مثلما تقول ـ وعي كامل بالمواقف التي سيدخلون فيها، يتشجع العدو.
إذا ظهر الناس بمظهر، نحن نقول: القرآن الكريم قدم لنا طريقة تستطيع أن تجعل الناس بالشكل الذي يراهم العدو كباراً، يراهم كباراً فعلاً، وهذا العدو نفسه يؤثر فيه سلباً، عندما يرى الآخرين يبدو أقوياء، يبدو صامدين، يبدو ملتزمين، ما هناك خلخلة، ولا هناك ضجة، ولا هناك شيء.
————————————
الدرس العاشرمن دروس رمضان / ص – 1- 2.
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 10 رمضان 1424هـ
الموافق: 4/ 11/2003م