صمود وانتصار

وخسرت الرياض.. صنعاء تقصي ولد الشيخ (تقرير)

الصمود / 18 / يوليو

تقرير / إبراهيم الوادعي

أسدل الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبد السلام، مساء الاثنين 17 يوليو، الستار على مرحلة إسماعيل ولد الشيخ كمبعوث أممي إلى اليمن منهيا الجدل حول تغيير مبعوث الأمين العام إلى اليمن، ومن يقف خلف قرار إجراء هذا التغيير.
وتمنى عبد السلام أن “يتدارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الأخطاء التي حصلت سابقا من تمييع نشاطها وتبعيته المطلقة لدول العدوان”.
تحمل تغريدة الناطق الرسمي لأنصار الله والتي أتت مفاجئة في توقيتها بثناياها أول انتصار يمني دبلوماسي كبير أجبر الأمم المتحدة كهيئة دولية على تنحية رغبات السعودية المدللة جانبا وإقالة مبعوثها إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ الذي فرضته الرياض منذ الأيام الأولى للعدوان على اليمن في العام 2015م خلفا لجمال بن عمر والذي أقيل أيضا تماشيا مع الرغبة السعودية رغم إحرازه تقدما كبيرا.
منذ تعيينه في الـ 25 من أبريل 2015م أي بعد شهر واحد من العدوان على اليمن، لم يحقق ولد الشيخ أي انجاز يذكر بعكس جمال بن عمر الذي أفضت مشاوراته قبيل العدوان على اليمن إلى وقوف الأطراف السياسية اليمنية على أعتاب اتفاق سياسي تاريخي حالت دون إعلانه غارات الطيران على العاصمة صنعاء معلنة بداية عدوان وحشي مستمر إلى اليوم.
أدار ولد الشيخ جولتين من المفاوضات اليمنية بين القوى الوطنية والقوى المرتهنة للعدوان في جنيف في يونيو وديسمبر 2015م، وجولة مطولة من التفاوض خلال العام 2016م امتدت لأشهر في الكويت بدا خلالها ولد الشيخ مندوبا سعوديا أكثر منه مبعوثا أمميا، بحسب ما رشح عن الوفد الوطني المفاوض حينها في الكويت، وظهر جليا للداخل اليمني.
وكثيرا ما عبرت القوى الوطنية اليمنية عن امتعاضها من إحاطات ولد الشيخ أمام الأمم المتحدة والتي غالبا ما حملت الكثير من المغالطات وتزوير الحقائق على الأرض بغية إخفاء معالم جريمة سعودية وأمريكية مكتملة الأركان يجرى ارتكابها في اليمن.
وفي رسالة إلى الأمم المتحدة طالبت فيها مجموعة أحزاب سياسية يمنية وطنية بتغيير المبعوث الأممي في اليمن إسماعيل ولد الشيخ، متهمة إياه بعدم الحياد والانحياز لدول تحالف العدوان السعودي.
جاء ذلك، في رسالة لكل من أحزاب الحق واتحاد القوى الشعبية والبعث العربي الاشتراكي القومي، موجهة للأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس” في فبراير 2017م.
وفي الرسالة فإن ولد الشيخ لم يكتف بالفشل الذريع الذي واكب مسيرته للازمة اليمنية بل تجاوزها بتقديمه خارطة طريق للحل السياسي تم رفضها من جميع الأطراف وصاحبها انتقادات لاذعة.
والخارطة التي ظل يصر عليها ولد الشيخ لم تكن سوى خطة سعودية تهدف في حقيقتها إلى السيطرة على الأراضي اليمنية دون قتال عبر حلول أمنية غامضة ترتكز على المطالبة بانسحاب أنصار الله من المحافظات والعاصمة صنعاء، وهو ما رفضه الوفد الوطني الذي طالب المبعوث الأممي بتقديم خطة واقعية تشمل حلا سياسيا وأمنيا شاملا ومتزامنا.
ومع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية ورفض نظام الرياض التقاط حبل النجاة الذي حاول جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مده عبر لقاء مسقط برعاية عمانية مع طرف أنصار الله لإنقاذ السعودية من ورطتها، سجل المبعوث الأممي سقوطا مريعا في تاريخ عمل المبعوثين الأمميين إلى مناطق التوتر في العالم بتضليله العالم ومجلس الأمن والمنظمة الأممية بشان صرف الرواتب للقطاع العام في اليمن من قبل حكومة المرتزقة في عدن ضمن إحاطة قدمها عن الوضع اليمني في يناير 2017م وهو ما لم يحدث إطلاقا، بل حولت حكومة المرتزقة الأموال المسلمة إليها من روسيا وفق اتفاق رعته الأمم المتحدة إلى جيوب القاعدة وداعش اللتين تقاتلان تحت راية التحالف السعودي في اليمن.
إحاطة ولد الشيخ وضلوعه الفاضح في الحرب الاقتصادية التي شنها التحالف السعودي الأمريكي على اليمن كان نقطة الفراق مع صنعاء التي أعربت بوضوح عن قناعتها بأن ولد الشيخ لم يعد مبعوثا مقبولا ونزيها وكذلك الحال مع تفضيل الصمت لدى بعثة الأمم المتحدة في صنعاء التي هالها ما ورد في إحاطة ولد الشيخ أمام مجلس الأمن حول تسليم رواتب موظفي القطاع العام من قبل “حكومة هادي” المقيم في الرياض، ولم تعد تملك جوابا تشفي به غليل الصحافة المحلية أو تجيب تساؤلات الشارع اليمني المشتعل غضبا بعشرات الوقفات الاحتجاجية أمام مقرها في صنعاء.
ومع انخراطه بوضوح في الجهد السعودي الإماراتي حول المقايضة بتسليم الحديدة مقابل صرف الرواتب ، واستقباله بالأحذية من قبل جماهير غاضبة في العاصمة صنعاء خلال زيارته الأخيرة إليها قبيل شهر رمضان، اتخذت صنعاء قرارها بإنهاء التعامل مع ولد الشيخ كمبعوث أممي إلى اليمن، وحظي فقط باستقبال يتيم ولقاءات لا قيمة لها من قبل ممثلين عن حزب سياسي مشارك في الحكومة، لاقت استهجانا سياسيا وشعبيا، وتحذيرا رئاسيا على لسان رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد في افتتاح لقاء العاشر من رمضان لحكماء وعقلاء اليمن “على المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله ممثلين في الوفد الوطني أن يفهموا أن هذا هو الموقف وأي تواصل مع ولد الشيخ أو ترحيب به بعد اليوم فليس له أي قبول “.
قبيل إحاطته لمجلس الأمن الأخيرة 12 يوليو 2017م، لم يجرؤ ولد الشيخ على زيارة صنعاء، وفيما كان يعيد ترديد مطالب العدوان بتسليم الحديدة مقابل الرواتب، شهد الرئيس الصماد حفل تخريج دفعات عسكرية جديدة في الحديدة، واعتبر ذلك ردا كافيا على تهديدات قوى العدوان بغزو المحافظة حال لم يتجاوب الجانب اليمني مع مطالب تسليمها.
لقاء ولد الشيخ بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الرياض وتقديم الدعم له من قبل الأخير قبيل توجهه إلى نيويورك لتقديم إحاطته لم تسعفه في الاحتفاظ بمنصبه، واختارت الأمم المتحدة الرضوخ للقرار اليمني ورسالة الرئيس الصماد من منصة لقاء العاشر من رمضان الفائت لحكماء وعقلاء اليمن: “نوجه عبركم رسائلنا للأمين العام للأمم المتحدة الذي جاء بولد الشيخ ليساومنا على ميناء الحديدة بالرواتب نقول له وبصوت واحد أن مبعوثه غير مرغوب فيه بعد اليوم وإذا أرادت الأمم المتحدة أن تأتي بمبعوث جديد، عليه أن يتعامل مع الشعب اليمني بندية واحترام”.
يغادر ولد الشيخ مهانا من اليمنيين والعالم بكونه مبعوثا خان الأمانة، وضلل العالم طيلة عامين و3 أشهر عن حقيقة الوضع في اليمن، وبتغييره حتما لن تكون الرياض سعيدة، وتكون الأمم المتحدة قد نفذت الشق الأول، وعلى مبعوثها الجديد أن يتعاطى مع الشعب اليمني بندية واحترام إذا أرادت من صنعاء ان تفتح له أبوابها.